رغم قرار السيد وزير الداخلية بوضع حد للإعتصام الذي تنظمه مجموعة من السلفيين منذ 54 يوما أمام مقر التلفزة التونسية عاودت يوم أمس الإشتباكات بين المعتصمين وموظفي التلفزة ما أدى إلى جرح ما لا يقل عن ستة من صحفيين وعون أمن. وأفضت مفاوضات السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ومدير الأمن الوطني السيد توفيق الديماسي إلى إعطاء مهلة ب 24 ساعة للمعتصمين لفك الاعتصام وهي مهلة طلبها السلفيون من باب حفظ ماء الوجه.
54 يوما مرت على الاعتصام الجاثم أمام التلفزة التونسية ولم يستطع منظموه استفزاز صحفي التلفزة لكن شعار «تونس 7 للبيع» أثارهم فكان رد الفعل ومواجهة من يريدون بيع هذا المرفق العمومي ومعاملتهم بالمثل.
هاته الكلمات «تونس 7 للبيع» علقت على لافتة التلفزة الوطنية وهو ما أثار أهل الدار وتتواصل لليوم الثاني على التوالي المواجهات بين الطرفين دون تدخل وزارة الداخلية وإصدار قرار رسمي بفك الإعتصام واكتفت بتركيز أعوانها بين الصحفيين والمعتصمين إلى حدود الساعة الرابعة بعد الزوال.
الصحفيون يفكون الاعتصام
وقد تمكن صحفيو التلفزة من إقتحام الإعتصام وبعثرة الحشايا التي كان يفترشها المعتصمون قرابة الشهرين كما تم تكسير جهاز التلفزيون التابع لهم في حادثة رمزية أراد من خلالها الصحافيون ردّ الاعتبار لمؤسسة التلفزة الوطنية وللاعلام الذي يتعرّض ومنذ 14 جانفي الى الاهانة والاعتداءات من طرف جماعات نكرة نصبت نفسها وصيّة على الاعلام.
هذه الأحداث التي جدت ظهر أمس حضرت فيها الحجارة والشتائم وقد تعرّض بعض الصحفيين الى الاعتداء مما أوجب نقلهم الى المستشفى وهم: وليد الحمروني وقيس بن مفتاح ويوسف الوسلاتي وفتحي الخياري وحمادي العسيلي. كما تعرّض عون أمن الى الضرب بآلة حادة مما استوجب نقله على جناح السرعة الى المستشفى وهو في حالة حرجة.
إصرار على المواجهة
ومن جهتهم أصرّ أعوان التلفزة على مواجهة المعتصمين ومعاملتهم بالمثل وعدم الخضوع لمن يريدون وضع أيديهم على المؤسسة وعلى الاعلام بصفة عامة. من جهة أخرى أكدت بعض الأطراف أن حركة النهضة هي التي تقف وراء تنظيم هذا الاعتصام على خلفية أن أخبار الوطنية لا تتّصف بالحيادية وأنها لا تغطّي أشغال الحكومة.
المواطنون في الموعد
وقد ساند بعض المواطنين أعوان التلفزة في مواجهة المعتصمين، وتساءلوا متى ينتهي هذا السيناريو الذي أعدّته حركة النهضة واختارت ساحة التصوير أمام التلفزة الوطنية لتلهي الشعب التونسي والصحافة بهذا المسلسل الى أن تجد سيناريو جديد في الفترة القادمة.
وأضافوا بصوت واحد «لو اهتمت الحكومة بما هو أهم لكان أفضل لنا جميعا» مستنكرين صمتها أمام هذا الاعتصام الذي أقلق الصحفيين والمتساكنين وحتى المارّة. كما تعرّض أيضا عضو المجلس التأسيسي أحمد ابراهيم الى التهجّم من طرف المعتصمين مما أجبره على مغادرة المكان.
هذا التهجّم على مؤسسة التلفزة الوطنية وعلى الاعلام والاعلاميين بصفة عامة مازال متواصلا ما دامت الحكومة لم تحرّك ساكنا ولم تضع حدا الى هؤلاء الأفراد ومن جانبهم يصرّ أعوان التلفزة الوطنية على صد كل من يريد توجيههم عازمين على مواصلة العمل من اجل إعلام حرّ ونزيه ومحايد.
وأمام تسارع الأحداث كان ولابدّ من ان تتدخل الجهات الرسمية لوضع حدّ لما عرف باعتصام تطهير الاعلام وفعلا تحوّل في حدود الساعة الثانية من ظهر أمس السيد وكل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس والسيد توفيق الديماسي بالأمن الوطني اللذين دخلا في مفاوضات مع المعتصمين أفضت في مرحلة أولى الى اتفاق أولي كان طلبه المعتصمون بأنفسهم وذلك باعطائهم مهملة 48 ساعة لفكّ الاعتصام.
لكن موظفي التلفزة التونسية رفضو ذلك مما اضطر السيد وكيل الجمهورية الى معاودة المفاوضات ليتوصل في النهاية الى اتفاق يبدو انه أرضى جميع الأطراف يفكّ بمقتضاه المعتصمون اعتصام اليوم في حدود الساعة الثانية ظهرا.