العلاقات الباردة بين حزب المسار والحكومة والخلاف الحاد بين أعضاء المكتب التنفيذي وعدم انسجام المواقف حول انسحاب الحزب من حكومة الوحدة الوطنية من عدمها تختزل أن حزب المسار يدرك أنه أمام فرصة لن تتكرر للوصول إلى الأروقة الوزارية بما أن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة تؤكد حجمه ووزنه الحقيقي، كما تشير من جهة أخرى أنه لا أحد يمكن أن يلوي العصا في يد سمير الطيب وأن القرار الأخير يعود إليه بالنظر. وبالرغم من خريف العلاقات بين قيادات الحزب التي وصلت إلى طريقها المسدود والتي كانت آثارها الجانبية تخلّي جنيدي عبد الجواد عن الأمانة العامة وهو ما يحاول المسار تطويقه وعدم خروجه للعلن. وسط ذلك يرجح مراقبون للشأن السياسي أن يفقد الحزب وزنه لا سيما وأن توقعات تشير إلى إمكانية تراجع حظوظه الانتخابية في السباق التشريعي والبلدي القادم . "الشاهد" كان لها لقاء مع جنيدي عبد الجواد الأمين العام المتخلي لحزب المسار، للوقوف عن واقع تلك الخلافات وأهم خفايا ما يحدث في المسار .. فكان نص الحوار التالي : ** في البداية، حزب المسار يتواجد في السلطة برغم دعوات الشق من المكتب السياسي الى الخروج .. هل هذا الدافع كان وراء انسحابكم من الأمانة العامة؟ موضوع انسحابي يتجاوز حدود مشاركة الحزب في الحكومة أو مغادرتها، وخلافه كان حول التقييم السياسي لتجربة الحزب.. و لكن يبقى موضوع مشاركة الحزب في الحكومة أحد المسائل التي آمل أن تتم مناقشتها من قبل المكتب التنفيذي. وكما كان قد أكد البيان الصادر عن الحزب بهذا الخصوص، تخليت عن الأمانة العامة للحزب لأن دوري تقريبا انتهى. ** المسار انحرف عن بوصلته السياسية للانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية وهو ما يتعارض تقريبا مع برنامجه وتصوراته الإيديولوجية.. ماهو تعليقكم؟ ليس صحيحا، حزب المسار له موقف ثابت يدافع عنه ومن يختزل دورنا السياسي في المشاركة في الحكومة من عدمه مخطئ.. في المقابل، ذلك لا يعني أن تجربتنا السياسية فوق النقد، وأعتقد أن المكتب السياسي سيسعى الى مراجعة بعض مواقفه السياسية لا سيما منها الخلافية والتي تتعلق بعلاقة الحزب ببعض مكونات الائتلاف الحاكم. **البعض يقول أن ماكينة المسار لا تعمل إلا بأوامر سمير الطيب وأن قرار المكتب التنفيذي لا يمكن أن يتجاوز مواقف الرجل؟ نحن قيادة جماعية، قرارنا يكون مبنيّا على احترام موقف الأغلبية، وحزب المسار ناقش هذه الأمور داخليا وهو يعمل بنفس العزيمة التي تربى عليها منذ نشأته ومع كبار زعمائه على غرار محمد حرمل ومحمد نافع. أما بخصوص وزير الفلاحة سمير بالطيب فقد خرج من العمل السياسوي للاجتماعات اليومية . ***مراقبون للشأن السياسي يرون أن حزب المسار يراهن على جواد خاسر وأنه قبل حقيبة وزارية وتخلى عن مشروعه السياسي مما سيفقده وزنه في الانتخابات التشريعية والبلدية القادمة ؟ هذه مجرد تعليقات وتكهنات لا أساس لها من الصحة وهي مجرد استنتاجات سياسية، لا تستند على وقائع ملموسة وأعتقد أن عامل الوقت هو الذي سيحدد الإجابة عن هذا السؤال. ***هل كان المسار مدركا أن طريق المعارضة لا يوصله إلى قصر قرطاج والأروقة الوزارية ، لذلك قرر المشاركة في الحكومة ؟ هذا كلام غير معقول.. وهو يذكرني بتصريح حافظ قايد السبسي بأن المسار موجود بوزير غير ممثل بالحكومة.. خيار التحاق حزب المسار كان على أساس وثيقة قرطاج التي ركزت على مجموعة من الأولويات التي مازال الحزب يرى أنها الطريق السليم والصحيح من أجل مصلحة العامة. ***لماذ يتمسك حزب المسار بالبقاء في الحكومة رغم تراجع الحزام الداعم لها ومغادرة الجمهوري وآفاق تونس؟ رؤية المكتب التنفيذي لحزب المسار تختلف عن الحزب الجمهوري وآفاق تونس اللذين قررا الخروج من الحكومة ولكني أعتقد أن حزب المسار كان متمسكا بخيار البقاء من أجل تأمين مسار الانتقال الديمقراطي وهو ما يؤكده قرار المكتب التنفيذي للحزب وإصراره لا ينم سوى عن تغليبه مصلحة تونس ووضعها فوق كل الاعتبارات وهو قرار منسجم ويعبر عن رؤية سياسية لها تصوراتها المرحلية . ***أي دور للمنظمات الاجتماعية في رسم خارطة الطريق وتأمين المسار الانتقالي في تونس برأيك؟ أعتقد ان البلد اليوم في حاجة إلى تظافر كل الجهود من أجل إخراج تونس من الأزمة والضغوط التي تشهدها اليوم خاصة بعد التصنيفات السوداء التي تواجهها تونس مؤخرا .. ولا يمكن لحزب المسار او النهضة او النداء او الأطراف الاجتماعية لوحدها أن تنقذ البلاد التي تسير إلى الهاوية .