تسارعت الأحداث على الساحة السياسية ، خلال الفترات الأخيرة، فيما يتعلق بالاتحاد العام التونسي للشغل في علاقته بحكومة الوحدة الوطنية. و لعل من الثابت أن التصريحات والتصريحات المضادة بين الطرفين بلغت الزبى ، سيما وقد اتخذت مجرى إن دل على شيء فهو يدل على قطيعة مرتقبة بين المركزية النقابية وحكومة يوسف الشاهد بعد سنة كاملة من الود بينهما. وقد وجه الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي، مجددا سهام انتقاداته للأداء الحكومي ولرئيسها يوسف الشاهد بصفة خاصة، ضمن تصعيد يأتي بعد أسبوع من دعوة الطبوبي الصريحة بوجوب إجراء تعديل وزاري صلب الحكومة.. وفي رسالة مشددة اللهجة الى يوسف الشاهد بشكل خاص، عبر الطبوبي عن رفض حصر مهام المنظمة الشغيلة في مربع المطلبية العمالية البحتة، مشددا على أن المسؤول السياسي مطالب بالنتائج ، متابعا: "سيدي رئيس الحكومة الاتحاد لا ينازعك على صلاحياتك لكن كما لك حقوق عليك واجبات ومن واجبك أن تؤتمن على تونس". وأضاف زعيم المركزية النقابية ، في السياق ذاته، "بصفتك رئيسا للحكومة وجب أن تعلم أن السياسي الناجح والمحنّك مطالب بتحقيق نتائج إيجابية وعندما نتمعّن في ما قدمته حكومتك نجد أن كل الأرقام سلبية، ولذلك فإن اتحاد الشغل لن يكون شاهد زور". و لعل من أهم الملفات العالقة والتي من شأنها أن تخلق أزمة بين المنظمة الشغيلة والحكومة؛ ملف التفويت في عدد من المؤسسات العمومية التي تشكو من أزمة مالية للقطاع الخاص ، في خطوة لإنعاشها والرفع من أدائها بعد أن تحولت إلى عبء ثقيل على ميزانية الدولة، وهو ما لم يرق الاتحاد الذي اعتبر هذا التوجه "استجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي" واستهدافا للمؤسسات العمومية التي تشغّل الآلاف من الأجراء والموظفين. وجدّد الطبوبي تأكيده على أن مسألة التفويت في المؤسسات العمومية للقطاع الخاص هي بمثابة خط أحمر لا يمكن الخوض فيها. كما فتح أمين عام المنظمة الشغيلة ملف التسميات في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العمومية بتأكيده أن تعيين إطارات ورؤساء مجالس الإدارات في عهد حكومة يوسف الشاهد تم بمبدأ المحاباة وعدم التعويل على الكفاءة. و جاءت تصريحات الطبوبي اللاذعة بعد أيام قليلة من كلمة يوسف الشاهد على قناة الوطنية الأولى التي أكد فيها ، في تعليقه على دعوة اتحاد الشغل لإجراء تعديل وزاري، إن المسألة من صلاحياته هو فقط وأن في تقديره لا يمكن الحديث عن أي تعديل في فريقه الحكومي في الوقت الراهن. ويعتبر الشاهد أن الشأن الحكومي من صلاحياته الدستورية باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية، وهو من يقرر إجراء تعديل وزاري من عدمه. غير أن اتحاد الشغل يرى، بالمقابل أنه معني مباشرة بالشأن العام بما في ذلك تركيبة الحكومة وأدائها ومدى التزامها بتعهداتها التي نصّت عليها وثيقة قرطاج. وتلوح بوادر قطيعة متوقعة بين المنظمة الشغيلة ورئيس الحكومة يوسف الشاهد تنذر بأزمة سياسية حقيقية قد تهدّد استقرار الوضع في البلاد خصوصا أن اتحاد الشغل كان منذ توقيعه برفقة أحزاب ومنظمات وطنية على وثيقة قرطاج في ماي 2016 من أهم المساندين لما أطلق على تسميته حكومة الوحدة الوطنية.