بعد أزمة الخلافات التي سبق أن أكدت قيادات الجبهة الشعبية تجاوزها و التزامها بقرارات لجنتها المركزية في شكل كلي وشامل، تواجه الجبهة اليوم اختبار الانتخابات البلدية التي يقول مراقبون أن نتائجها الأولية لن تختلف عن نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية السابقتين. حول هذه النقاط وغيرها، يرى القيادي في الجبهة الشعبية زياد الاخضر في حواره مع "الشاهد" أن على الجبهة الانفتاح على مشاغل الناس ومراجعة مضمون خطابها ومواقفها السياسية، في ظل ما أسماه محدثنا بالتعقيدات الكبرى. وتطرق إلى ملف "وثيقة قرطاج "، مشدداً على أن "موضوع وثيقة قرطاج 2 لم يُطرح في أي نقاشات سابقة، ولن يكون مطروحاً على طاولة الحكومة، لذلك لا يمكن العبث بهذا الملف". و لفت إلى أن الجبهة مستعدة لتقاسم المسؤولية و صنع القرار السياسي، مؤكداً أن "اخراج تونس من الازمة التي تمر بها مرتبط بقرار جماعي، والجبهة الشعبية مستعدة للالتزام بالمسؤوليات الوطنية، لكن لا بد من التوافق على كل ما هو مطروح في الساحة السياسية، وكل ما يتعلق بمصير ومستقبل الشعب التونسي". كما تحدث القيادي بالجبهة عن موقفه من عودة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وعديد المواضيع الأخرى فكان نص الحوار التالي: في البداية، ماهو موقف الجبهة الشعبية حول ما يجري في قفصة، بعد تعطل آلة إنتاج الفسفاط، و تصعيد رئاسة الحكومة خطابها تجاههم، هل هي ثورة الدواميس أم هي مجرد سحابة سياسية عابرة؟ أولا، الحوض المنجمي نقطة تفجر الثورة التونسية، لكن طيلة الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 إلى اليوم لم تتغير الخيارات والسياسات، بل مرت الحكومة اليوم الى التنصل من اتفاقياتها مع المعتصمين فيه، كما أنها لم تحترم تعهداتها التي أبرمتها سابقا معهم ، وظلت هذه التعهدات مجرد حبر على ورق. ثانيا، الفساد مازال ينخر شركة فسفاط قفصة والمناظرات التي تتم من سنة إلى أخرى لم تتحسن شروط إجراؤها و مازالت يشوبها الغموض، وما يحدث يتحمل مسؤوليته الائتلاف الحاكم الذي لا يريد تغيير الأوضاع ومازال مصمما على نفس الخيارات، ونلفت هنا الى أن هذه السياسة لا يمكن أن تنتج إلا مزيدا من الأزمات. صحيفة القدس العربي تحدثت في مقال نشرته بداية الشهر الحالي، عن وجود مخطط اماراتي سعودي لعودة الرئيس المخلوع بن علي إلى الحكم، وربطت ذلك بالزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الداخلية لطفي براهم إلى السعودية، ماهو تعليقكم ؟ الحديث عن امكانية عودة بن علي من عدمها إلى تونس، لن تضيف شيئا جديدا للمشهد السياسي ، فنحن لاحظنا عودة قيادات بن علي، إلى مراكز النفوذ والقرار، بل وصلت إلى مراحل الحنين إلى زمن الاستبداد، وهو ما عبر عنه وزير التربية حاتم بن سالم بعد تحسره عن المديرين القدامى الذين كانت تسيرهم لجان التنسيق، وهمهم الوحيد تبييض سياسات بن علي، وكانت تفرض على التلاميذ والشباب في المعاهد التصفيق في كل المناسبات والمسؤوليات التي نخص التجمع الدستوري الديمقراطي . لذلك لا أستغرب عودة بن علي، لكن لا بد أن يفهم كل من يصطاد في الماء العكر أن جميع القوى الحية والثورية لن تسمح بالعودة إلى الوراء، ولعهد الدكتاتورية الذي مثل جزء من تاريخنا الاليم، ولن يكون جزء من المستقبل. بعد فك التوافق السياسي بين النهضة والنداء، كيف تنظر الجبهة إلى المسار السياسي في المستقبل ؟ الارتباط والتنسيق بين الحزبين مازال قائما ، ولكن أعتقد أن النهضة ونداء تونس اليوم يحاولان تجميع واستقطاب قواعدهم للحملة الانتخابية، وفقا لمصالحهم . و نلاحظ أن نداء تونس يحاول أن يظهر خلافا لشريكه في الحكم حزبا حداثيا، لكن أساليب هذا الخداع لن تنطلي على التونسيين. ماهي حظوظ الجبهة الشعبية في الانتخابات البلدية القادمة؟ الجبهة الشعبية لها جمهورها الواسع لدى التونسيين، و نتمني أن تحتك الجبهة في هذه المحطة اكثر بالناس وتحسّن مقترحاتها في اتجاه أن تستجيب إلى مطالب ناخبيها. هل تتهمون أطرافا سياسية معينة بالوقوف وراء حرق الغابات والمبيتات ؟ لا يمكن أن نحدد طرفا بعينه، ولكن حين نعيش صراعا بين رئاسة الحكومة ووزير الداخلية وتجاذبات سياسية كبيرة على مراكز نفوذ حساسة داخل وزارة الداخلية يصبح كل شيء ممكن وتستباح مؤسسات الدولة. أصبح خبر إقالة الشاهد محل جدل سياسي واسع ، كيف تقرؤون ذلك؟ الشاهد هو من وضع نفسه في هذا الموقف، الذي لا يحسده عليه أحد، ونداء تونس لا يريد أن يكون رئيس الحكومة مستقل، بقدر ما يريد شخص ينفذ رغبات واملاءات دوائره السياسية وأوامر كتلته النيابية، والوزير الذي لا يستجيب إلى ذلك يتعرض إلى هجمات وحملات تشويه، ونحن نعتقد أن احتمال إقالته أكثر من وارد. المركزية النقابية طالبت الحكومة بتعديل وزاري، فهل يصب موقفكم في نفس الإتجاه ؟ بإختصار، أعتقد أن التعديل الوزاري لن يغير في المعادلة السياسية شيئا لأن الإشكال في الخيارات السياسية الفاشلة. هل مازلت الجبهة الشعبية متمسكة بمقاطعتها لوثيقة قرطاج وعدم المشاركة فيها ؟ نحن نعتبر أن وثيقة قرطاج انتهت صلاحيتها ولم يعد لها أي معنى، خاصة أن اغلب الأطراف المشاركة فيها غادرتها، فيما تتحدث الأطراف التي ظلت فيها عن وثيقة قرطاج 2 وهو ما لم يكن مطروحا على طاولة الحكومة والأطراف التي امضت على الوثيقة.