عاشت البلاد أمس الخميس على وقع إضراب عام في القطاع العام والوظيفة العمومية بعد فشل المفاوضات للزيادة في أجور، ولم تُسجل في مسيرة الإضراب العام أية تجاوزات أو أعمال عنف، حيث نجح الأمن في تأمين التجمعات الوطنية ببطحاء محمد والتجمعات الجهوية. إلاّ أنّ انقضاء الإضراب العام بشكل سلميّ لا يعني انتهاء الخلاف بين اتحاد الشغل وحكومة يوسف الشاهد حول طبيعة الإشكاليات المتعلّقة بالزيادة في أجور موظّفي قطاع الوظيفة العموميّة، ومن المُتوقع أن تشهد الأحداث منعرجا جديدا إما في اتجاه الحلحلة عبر تجديد المفاوضات أو التّصعيد، وفق ما تهدد به القيادات النقابية. ويتساءل كثيرون عن الخطوات الّتي سيتبناها اتحاد الشغل في المرحلة القادمة، بعد أن استنفذ ورقة الاضراب العام، هل سيلتزم بالتفاوض مع الجانب الحُكومي دون تصعيد، أم أنه سيعلن عن حراك تصعيدي تماهيا مع ما قاله أمينه العام الطبوبي “سنتخذ قرارات تصعيدية في حجم انتظارات العمال”، في ظلّ ما تؤكده بعض المصادر من اعتزام الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل المزمع انعقادها يوم السبت 19 جانفي، اقرار تنفيذ إضراب عام بيومين في القطاعين العام والوظيفة العمومية. وأكد المتحدث باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، أن الاتحاد سيعقد غداً السبت اجتماعاً للإعلان عن تحركات احتجاجية جديدة، قد تصل إلى إعلان الإضراب العام في كل القطاعات الاقتصادية والإدارية، بما فيها القطاع الخاص. من جانبه، أكد فاروق العياري الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس أن الهيئة الإداريّة الوطنيّة هي من ستتولّى تحديد الخطوات التصعيديّة والأشكال النضاليّة المقبلة في اجتماعا المقرّر ليوم الغد السبت 19 جانفي 2018. وأضاف العيّاري في تصريح ل”الشاهد”، اليوم الجمعة، أن المنظمة الشغيلة لم ترفض مقترحات الحكومة المتعلّقة بزيادة أجور أعوان الوظيفة العمومية من فراغ، وأن رفضها ناتج عن درايتهم بأن المقترح مضر بقواعد ومنخرطي الاتحاد، مشيرا إلى أن الاتحاد لا يمكن أن يرفض مقترح ثم يعود للقبول به وأنه على الحكومة تقديم مقترحات جديدة. وكشف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس أن الحكومة لم تدعو الاتحاد إلى هذه اللحظة إلى طاولة الحوار مذكّرا بأن نسبة نجاح الإضراب بتونس فاقت ال 95% ويتجسّد ذلك من خلال الشلل التام الذي شهدته البلاد يوم أمس. وفي ذات السياق، أكد مصدر نقابي في تصريح إعلاميِ إنه بناءً على كواليس النقاشات بين أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة فإنّ الهيئة الوطنية الإدارية للاتّحاد تتجه نحو اقرار تنفيذ إضراب عام بيومين في القطاعين العام والوظيفة العمومية. وأشار المصدر إلى ذاته وجود إصرار بين النقابيين في مختلف الجهات والشغالين على أن تكون التحركات القادمة ذات طابع تصعيدي إلى أن توافق الحكومة على جميع المطالب، دون شروط. وفي المقابل، أعربت أطرافٌ حكوميّة عن رغبتها في مواصلة الحوار بعد انتهاء الإضراب العام ، حيثُ رجّح وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي امكانية العودة للمفاوضات بين الحكومة والاتحاد بعد تنفيذ الإضراب. من جانبه دعا رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن أحمد وهي الكتلة الداعمة لحكومة الشاهد في البرلمان كلاّ من الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل إلى العودة لطاولة المفاوضات والسعي إلى إيجاد الحلول اللازمة. وأكد بن أحمد ضرورة عودة المفاوضات للتواصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف لتجنب التصعيد، مشيراً إلى أن الطرفين قد خطوا خطوات هامة خلال الجلسات الماضية. وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد أكد خلال كلمة ألقاها قبل تنفيذ الإضراب العام يوم الاربعاء 16جانفي، أن الحكومة لم تختر الخيار الأسهل فيما يتعلق بمفاوضات الزيادة في أجور الوظيفة العمومية والتي باءت بالفشل. وكرر الشاهد في كلمته التي لم تتجاوز الدقائق الثلاث، أنّ الزيادات في أجور الوظيفة العمومية يجب أن تكون في حدود لا تضر المالية العمومية ويسمح بها الاقتصاد التونسي، وأن عدم مراعاة التوازنات المالية العمومية سيؤدي إلى توجه الحكومة للاقتراض أو سنّ معاليم جبائية جديدة