لم يغب الخوض في انتخابات 2019 عن تدخلات السياسيين في المحطات التلفزية والصحف وحتّى على الجدران الفايسبوكية، فالانتخابات التشريعية والرئاسية، ممّا لا شكّ فيه، أصبحت تشكل هاجسا لدى الفاعلين في المشهد السياسي وحتى غير الفاعلين منهم، فتراها حاضرة بقوة على ردود الأفعال وتحركات الأحزاب المتجهة نحو تكوين جبهات وتحالفات صلبة في وجه الموجة العارمة للأحزاب الكبرى. ولندرة برامجها أو لعدم تأثيرها، تختار بعض الأحزاب طرقا أخرى لاستقطاب الأصوات، مراهنة بذلك على ورقة الاستقطاب الثنائي التي تواري الوهن وتفتح آمالا لتعبئة الخزان الانتخابي . وعمدت بعض الشخصيات المنضمّة حديثا لحزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد “تحيا تونس” إلى استحضار عامل الاستقطاب الثاني عبر الإدلاء بتصريحات تؤكد فيها استهدافها لحركة النهضة في الوقت الذي يسود مناخ لعلاقة طيبة تجمع الحزبين. وأكّد رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني إن هناك مستشارين في قصر قرطاج يريدون استهداف الحركة وإلغاءها وأن هناك في قصر القصبة من لا يريد نجاح الشراكة بين النهضة ويوسف الشاهد. ويأتي ذلك بعد أن أدلت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني هدى سليم بتصريح اكدت إن حركة تحيا تونس ستُرجع حركة النهضة إلى حجمها الطبيعى وهو صغير جدا، وفق تعبيرها. وأضافت هدى سليم في تدوينة نشرتها نهاية الأسبوع الماضي بصفحتها على الفايسبوك “تحيا تونس ستجمع أغلب القوى الديمقراطية المنورة وتنهض بتونس إلى أعلى المرات وقالت “المسألة مسألة وقت وهذا وعد”. وعلّق القيادي بحركة النهضة لطفي زيتون على ما دونته سليم بالقول “قبل أن تنتهي إجراءات تأسيس حزب الحكومة، تحول برنامجه من الشراكة مع النهضة إلى إحداث التوازن معها، إلى تحجيمها.. الخطوة القادمة هي الاستئصال؟ عاشت تونس بأولادها جميعاً وكما يحبها أولادها جميعاً. ويسقط الإقصاء والاستئصال”. من جانبها شنت ليلى الشتاوي النائبة عن الائتلاف الوطني الدّاعمة لرئيس الحكومة هجومًا على زميلتها بالمجلس عن حركة النهضة حياة العمرى متهمة إيّاها بأنها تقف وراء منع تنفيذ قرار غلق مدرسة الرقاب في سنة 2015، لتتدخل العمري وتؤكد أنها ستقاضي الشتاوي وغيرها بسبب اتهامات باطلة طالتها وهددت حياتها. ويُعرّف بعض عناصر حزب “تحيا تونس” مشروعهم من خلال المنافس السياسي في استحضار لمربع الاستقطاب الثنائي، حيث أوضح المنسق العام للحزب سليم العزبي وفي اليوم الذي أُعلن فيه عن ولادة الحزب أنّ حزب تحيا تونس سيكون “تقدميا” و”خصما” لحزب النهضة. من جانبها دعت حركة النهضة وفي أكثر من مناسبة رئيس الحكومة إلى توضيح برنامجه السياسي وتحديد موقفه من الحكم، خاصة وأنها سبق وخيرته بين مواصلة مهامه كرئيس حكومة وبين الاستقالة وإعلانه ترشحه للرئاسيات ضمانا لحياد الدولة ومؤسساتها. ومن المنتظر أن تُجري تونس انتخابات عامة، في الخريف المقبل، لانتخاب نواب البرلمان ورئيس جديد للبلاد، في انتخابات تشريعية تعتبر الثالثة ورئاسية تعد الثانية بعد ثورة 2011.