الأسلوب الذي اعتمدته قناة التونسية من خلال سعيها لإحداث رجة حول برنامج سمير الوافي "لمن يجرؤ فقط" ليس بالغريب عن سياسة القناة ، ومهما كان الاختلاف مع هذا الأسلوب وغيره ومع محتوى وأهداف المادة التي تبثها التونسية فان مواصفات العمل الذي تقدمه يتجاوز خاصة من ناحيته التقنية المستوى الذي تبدو عليه بقية القنوات ، ولا ننسى ان القناة دخلت الى الميدان الإعلامي من بوابته الرئيسية المتمثلة في المال و"الكفاءات" ثم العلاقات.يصعب بل يستحيل تصديق الرواية التي ذهبت اليها قناة التونسية ويبدو الحديث عن العطب الفني أقرب الى التبسيط المطنب ، خاصة وان الفريق العامل قام ببعض الثغرات خلال إشرافه على عملية الانقطاع الدعائية ، وان كان تعليق الوافي الذي نشره خلال الانقطاع على موقع التواصل الاجتماعي يبدو في صالح الحبكة الدعائية ،إلا انه تبين في الأخير انه تعسف على العملية وكانت إضافة مبالغ فيها أفسدت التناسق السلس لمشروع الدعاية . هذا الأسلوب تعود الفهري ومجموعته عليه ولو بأشكال متفاوتة ، وقد سبق لمعز بن غربية افتعال شجار ضيفه الذي قدمه كخبير في الحركات الإسلامية ، الفرق بين حبكة بن غربية وحبكة الوافي ان الأول اعلن عن الأمر والثاني خير المضي في رواية الانقطاع الفني ولم يعترف بان الانقطاع لا يعدو ان يكون عملية للفت الأنظار وشكل مغاير من الدعاية وجلب التعاطف والانتباه للبرنامج. يعتبر هذا النوع من الدعاية بمثابة "السيف ذو حدين" فقليلها المحكم مثلما أقدمت عليه التونسية قد ينفع ويجلب اهتمام والناس ويحرك فضولهم وكثيرة يُذهب جدية القناة ويخلخل مصداقيتها أمام النقاد وقبل ذلك أمام مشاهديها. وان كانت قناة التونسية متقدمة في نسبة المشاهدين على غيرها فان هذه الدعاية جلبت لها المزيد من الانتباه واستقطبت شريحة من المشاهدين تحت وقع الإثارة والفضول ، وتجلى ذلك في الإقبال على البرنامج عند إعادته ، حيث وصلت نسبة مشاهدته وفق بعض المواقع المختصة في هذا الشأن الى 36% النسبة التي تعتبر متميزة بشكل كبير، وكانت مؤسسة "سغما " أشارت الى أن برنامج "لمن يجرؤ فقط" حقق نسبة مشاهدة بلغت 56% وهو رقم قياسي وفق ما أكده الوافي. واينما بوبنا دعاية الانقطاع فان البرنامج في تمشيه الأولي يبدو بعيدا عن التوجيه المبتذل الذي أرهق الساحة الإعلامية وجعلها تشوش على مرحلة الانتقال الديمقراطي بل أصبحت احد العوامل المساهمة في تهديد الثورة ، والتعويل لن يكون على البرامج وانما على توجه الإعلامي ومدى ارتباطه بأخلاقيات المهنة ، وحتى هذه المرحلة يبدو الوافي قادرا على التميز ليس من خلال الأداء الإعلامي الركحي وإنما من خلال استعصائه على الترويض ، وفشل المال الفاسد في اشتراه او استعارته ، وضل الرجل يبحث عن تمرير قناعاته بدل تمرير أجندات غيره. نصرالدين السويلمي