بينما يعيش الحوار الوطني حالة من السبات العميق لأسباب عديدة منها الحراك الذي تعيشه جل الأحزاب من حيث الهيكلة ،والبحث عن التحالفات والاستعداد للانتخابات ، ومنها ما يخوضه قطاع المحاماة ( أحد أركان الرباعي ) من صراع مع القضاة ، ومنها مايتعلق بافتقاده لجذوة اكتسبها من خلال مهام اختيار رئيس الحكومة واستكمال المسار التأسيسي بضلعيه الدستوري والانتخابي . ولعل أهم ماميّز فترة مابعد التوافقات التاريخية ، اشتغال مهدي جمعة على مجموعة من الملفات ( الأمني ، الاقتصادي ، الانتخابي .. ) دون الرجوع للرباعي الراعي للحوار عكس ماكان منتظرا ، كما ان الأحزاب افتقدت مبررات اللجوء لمظلته ، بعد تحقيقها لأهم الأهداف التي اجتمعت من اجلها كل حسب أجندته وأهدافه . كما يبدو أن السطوة التي اكتسبها الرباعي في فترة التهديد والوعيد ، قد ضعفت بشكل كبير خاصة وان سلاحها المتمثل في التخويف بالإضرابات ، والإضرابات العامة قد انتهت مدة صلاحيته في فترة يعلم التونسيون فيها ان الوضع الاقتصادي صعب للغاية وأنهم لن ينجروا وراء الدعوات الهدامة مهما كانت المبررات ، كما ان الخصم المفترض الذي تمت مواجهته ب 35000 إضرابا قد غادر السلطة وأزاح عن نفسه حملا ثقيلا ، كان ينوء به على امتداد اكثر من سنتين . في ذات الوقت يخرج سامي الطاهري ،الناطق الرسمي باسم الاتحاد ليبشر بمواصلة الرباعي القيام بمهامه حتى بعد الانتخابات ، مضفيا عليه شرعية لامبرر لها ولاتوافق حولها ، وفي تناقض صارخ مع ماكان يتمناه له من فشل في المهام باعتبار أجندته الحزبية التي لاترغب في الوصول للانتخابات . تصريح يضعه في زاوية النقد والتجريح هو في غنى عنها ، ويطرح تساؤلا حول محل الرباعي من إعراب المشهد السياسي بعد الانتخابات . والإجابة الوحيدة التي يمكن ان تبرر هذا الحلم الذي صرح به الطاهري ، هو أن تخضع السلطة والشعب بعد الانتخابات لسلطة الأطراف التي ستنهزم حتما فيها ، وهو في كل الحالات من المفارقات التي لن تجد لها من تجاوب إلا من خلال دوي رجع الصدى . لطفي هرماسي