توقيع مذكرة تفاهم بين المجمع الكيميائي التونسي ومؤسسة بنغالية لتصدير الأسمدة    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    بعد تأخر صرف جرايته: مواطن يحاول الاستيلاء على أموال من مكتب بريد    النجم الساحلي يتعاقد مع خالد بن ساسي خلفا لسيف غزال    العاصمة: مئات الطلبة يتظاهرون نصرة لفلسطين    وزيرة الصناعة تشارك في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    دوز: حجز 10 صفائح من مخدر القنب الهندي وكمية من الأقراص المخدرة    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    هذه الدولة الافريقية تستبدل الفرنسية بالعربية كلغة رسمية    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    فيديو : المجر سترفع في منح طلبة تونس من 200 إلى 250 منحة    بنزرت: النيابة العمومية تستأنف قرار الافراج عن المتّهمين في قضية مصنع الفولاذ    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    التونسيون يستهلكون 30 ألف طن من هذا المنتوج شهريا..    كأس تونس لكرة اليد: برنامج مقابلات المؤجلة للدور ربع النهائي    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص محاكمة رجل الأعمال رضا شرف الدين..    رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    إصابة عضو مجلس الحرب الصهيوني بيني غانتس بكسر    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل للحديث الذي خصت به السيدة ليلى بن علي العدد الثاني لمجلة رؤى
نشر في أخبار تونس يوم 04 - 05 - 2009

سؤال : حققت المرأة التونسية نقلة نوعية وذلك بفضل ما توفر لها من قوانين تقدمية تحفظ حقوقها وتحفزها على مزيد البذل. فهل أنتم راضون على ما تحقق لنصف المجتمع التونسي من مكاسب؟
جواب : ان ما تحقق للمرأة التونسية من انجازات ومكاسب يعد مفخرة لكل التونسيين والتونسيات فقد فتحت دولة الاستقلال للمرأة أبواب المساواة مع الرجل وجاءت الاصلاحات التي أقرها الرئيس زين العابدين بن علي لترتقي بمكانة المرأة من منزلة المساواة الى منزلة الشراكة.
وهذا يعني أننا في تونس قد ارتقينا من وضعية الحديث عن تحرير المرأة الى وضعية الشريك الفاعل اذ اكتسبت الام حق الولاية على أبنائها وحق تسيير شؤون أسرتها وحق منح جنسيتها لابنائها وابداء الرأى في زواج ابنتها.
وأصبحت المرأة مسؤولة عن معيشة الاسرة وغير ذلك من المسؤوليات الرئيسية التي اصبحت موكولة لها في اطار تعزيز التماسك الاسري.
وهكذا تحظى المرأة التونسية اليوم بمنزلة متميزة تجسدت لا فقط في التشريعات الجديدة التي طورت مجلة الاحوال الشخصية ولكن في منح المرأة المزيد من المسؤوليات في الحياة العامة وقطاعات الانتاج حتى تمارس حقها في المواطنة وتساهم في مسيرة التنمية التي تعيشها تونس وينتفع بها جميع المواطنين رجالا ونساء.
ان المؤشرات في هذا المجال ذات دلالة واضحة. فقد ارتفعت نسبة حضور المرأة ضمن عدد السكان النشيطين لتبلغ 30 بالمائة وتعزز حضورها في كافة المهن والمراكز اذ هي تمثل نسبة 33 بالمائة من مجموع القضاة و 31 بالمائة من المحامين وثلث أساتذة الجامعات وربع الصحافيين وثلثي الصيادلة و23 بالمائة من الوظائف السامية في الادارة.
أما على الصعيد السياسي فقد تدعمت مشاركة المرأة في الحياة العامة وتمكنت من ممارسة حقوقها المدنية والسياسية كاملة.وقد أدى ذلك الى تطور حضور المرأة في المجالس المنتخبة لتبلغ اليوم 23 بالمائة من أعضاء مجلس النواب و6ر27 بالمائة من أعضاء المجالس البلدية منهن 5 رئيسات بلديات. أما في صلب مجلس المستشارين فتمثل المرأة نسبة 19 بالمائة وتقدر نسبة حضور المرأة في السلك الدبلوماسي ب 20 بالمائة وعديد العضوات في الحكومة يتحملن مسؤولية الاشراف على قطاعات حيوية وهامة.
كما ظهر بعد تحول السابع من نوفمبر جيل جديد من صاحبات الاعمال اللاتي تفاعلن مع المسار التنموي لتونس وبادرن بتركيز مشاريع ومؤسسات خاصة اذ توجد في تونس اليوم أكثر من 10000 صاحبة مشروع يدرنه بأنفسهن.
كما اقترن انخراط المرأة الشامل في الحياة السياسية والعامة بالتطور الملحوظ لعدد الجمعيات النسائية بما يقارب 30 جمعية. علما أن نسبة تمدرس الفتيات فاقت 99 بالمائة في سن السادسة وتجاوزت نسبة الطالبات في التعليم العالي 59 بالمائة.
ولا شك أن هذه المؤشرات والارقام تقيم الدليل على أن المرأة في تونس أصبحت في السنوات الاخيرة تشكل أحد المرتكزات الاساسية للنهوض بالمجتمع ورقيه فقد أتاح العهد الجديد للمرأة التونسية من الظروف الملائمة ما يمكنها من مساهمة أثرى وأشمل في كل ميادين التنمية. وتحقق لها من المكاسب غير المسبوقة في محيطنا الحضارى والجغرافي ما جعل منها عنصرا أساسيا لا غنى عنه في بناء المجتمع وتطويره.
وبالنظر الى هذه المكانة فانني أرى أن المرأة التونسية مدعوة للمشاركة في الطور الجديد الذي تدخله بلادنا والى أن تكون على وعي أعمق وادراك أشمل بأهمية الرهانات الوطنية القادمة.
وأن ما تحقق لها من مكاسب يحفزها أكثر على البذل والاضافة والمبادرة تفعيلا لدورها واثراء لمكاسبها بما يجسم مشاركتها بكفاءة في بناء حاضر تونس وغدها وبما يثبت قدرتها على الاضطلاع بأعقد الادوار تسييرا وانجازا معولة في ذلك على قدراتها الذاتية وعلى ما تتمتع به من كفاءة ومعرفة ومهارات عالية بما يترجم ما بلغته من تطور ونضج سياسي وحس مدني عميق.
سؤال : المعروف عنكم حرصكم الدائم على الاعتناء بالمواطنين فاقدي السند والطفولة ذات الاحتياجات الخصوصية سواء من خلال اشرافكم على جمعية بسمة أو من خلال أعمال خيرية أخرى. هل ترون أن دور المكونات المدنية في هذا المجال بلغ المستوى المطلوب أم أن هناك خطوات أخرى لابد من قطعها ؟
جواب : اذا ما انطلقنا من أن التضامن هو من القيم المتجذرة في المجتمع التونسي وقاسما مشتركا بين جميع التونسيين فانه من الطبيعي أن يكون العمل الاجتماعي أقرب الاعمال الى نفسي وأن يكون في صدارة اهتماماتي وأنشطتي سواء تعلق الامر بذوى الاحتياجات الخصوصية أو بفاقدى السند وضعاف الحال أو الموجه الى المرأة التي لا عائل لها أو المسنين أو الذى يهدف الى الارتقاء بالمرأة الريفية.
ويستمد هذا العمل الاجتماعي الذي أحرص على تشجيع كل العاملين فيه من جمعيات ومنظمات دوافعه وكثافته من سياسة الرئيس زين العابدين بن علي التي جعلت من البعد الاجتماعي أولويتها المطلقة وغاية مسيرة الاصلاح والتغيير التي تعيشها بلادنا منذ أكثر من عقدين.
ويمكن للمراقب أن يعاين بيسر تعدد وتنوع البرامج ذات الطابع الاجتماعي التي ترعاها الدولة وهي برامج تهدف الى النهوض بالشرائح الاجتماعية الهشة وتأمين مستلزمات العيش الكريم لها.
وتجد روح التكافل التي رسخها مشروع التغيير صدى كبيرا لدى كافة فئات الشعب. وهي تجد ترجمتها في التبرعات الطوعية والمساعدات لفائدة الفئات الضعيفة. من هنا فان ما أقوم به شخصيا من خلال جمعية بسمة أو ما تبذله مكونات المجتمع المدني في هذا المجال هو جزء من مقاربة تضامنية لا يخفي التونسيون اعتزازهم وافتخارهم بها.
أما عن دور الجمعيات وسائر مكونات المجتمع المدني فانني أشير في البداية الى أن حركة التغيير في تونس قد نزلت النسيج الجمعياتي مكانة متميزة في المشروع المجتمعي الحضاري وعملت على تطويره وتعزيز مكوناته على مستوى التشريع والتمويل كما وفرت له ظروف العمل الملائمة والحوافز المناسبة التي سمحت للجمعيات والمنظمات أن تكون قوة فاعلة في الحياة العامة حتى تنهض بمسؤولياتها كاملة.
ومما زاد من فاعلية دور هذه الجمعيات هو شعور القائمين عليها ومنخرطيها بالمسؤولية وبأهمية الدور الموكول لهم للمشاركة في بناء الوطن والاسهام في مسيرة رقيه ونمائه. لقد شملت تونس الطفولة برعايتها واعتبرت حمايتها في مقدمة برامج الدولة وعملت على مضاعفة الخدمات لفائدة الاطفال فاقدى السند وجمعيات المعوقين بالاضافة الى بعث برنامج خاص للاطفال في المناطق الداخلية.
ولم يقتصر الاهتمام على هذه الفئة فقط وانما امتد كذلك وبنفس الدرجة الى المرأة المسنة وفاقدة السند بل والى جميع المسنين.
وقد وجد دور الدولة هذا سنده في الجمعيات التي تعنى بذوى الاحتياجات الخصوصية وهي تمثل جهدا نبيلا وموقفا متأصلا يعبر من خلالهما المجتمع المدني في تونس عن تجذر قيمة التضامن ومجمل القيم الانسانية فيه. كما أنه تجسيم لانخراط هذه الجمعيات ومن ورائها مختلف مكونات الشعب التونسي في خيارات الرئيس زين العابدين بن علي الاجتماعية مبادراته وفي طليعتها اذكاء جذوة التكافل والتضامن والتآزر بين التونسيين.
ان الجمعيات في تونس ومن ضمنها الجمعيات النسائية التي ازدادت انتشارا واشعاعا تقوم بدور انساني وحضارى كبير وتسهم في اكساب النشاط الاجتماعي مزيدا من الشمولية في الوسطين الحضرى والريفي.
وبالرغم مما تحقق في هذا المجال فانني أرى أن مكونات المجتمع المدني مدعوة الى مزيد العمل والى اثراء مضامين تدخلها لفائدة ذوى الاحتياجات الخصوصية والى ابتكار اليات جديدة تساعد خاصة على ادماج هذه الفئات في المجتمع وترسخ لديهم شعور الاعتزاز بالانتساب لهذا البلد باعتبار ذلك مسؤولية وطنية مشتركة بين التونسيين كافة.
سؤال : ما هي في رأيكم الاسباب الكامنة وراء المفارقات التي يتسم بها وضع المرأة في عديد الاقطار العربية وطبيعة الدور الذي يمكن لمنظمة المرأة العربية خلال رئاستكم لها أن تقوم به من أجل تحسين أوضاع المرأة العربية ؟
جواب : بداية لا أشاطرك الرأي في وجود مفارقات في واقع المرأة في البلدان العربية. بل أعتقد أن التشخيص الدقيق هو أنه واقع متفاوت. ويعود ذلك الى أن وضع المرأة يظل محكوما بواقع اجتماعي متفاوت في خطوات التقدم والتحديث في المجتمعات العربية.
لو نظرت الى التشريعات العربية في مجال النهوض بواقع المرأة فانك تجد خطوات تحققت وأخرى ما تزال بحاجة الى تضافر جهود جميع مكونات المجتمع من أجل تجانس منشود لواقع أفضل وأرقى.
وفي هذا السياق أرى أنه من الضروري العمل على مزيد دمج قضايا المرأة ضمن أولويات الخطط والسياسات التنموية في الدول العربية وهو أحد الاهداف الاساسية لمنظمة المرأة العربية.
ويستدعي مزيد الادماج هذا السعي الى تكريس منظومات تربوية وثقافية واعلامية بالاساس واجتماعية واقتصادية وسياسية تكفل النهوض بواقع المرأة العربية وكذلك تطوير مؤهلاتها وتوفير المناخ الاجتماعي السليم لها حتى تمارس دورها كاملا في تصريف شؤون الاسرة ودعم مسيرة التقدم والتحديث في البلاد العربية.
وهذا بدوره يدعونا الى اعتماد برامج وتصورات عملية وفق خطة شاملة تراعي الاولويات المطروحة والامكانيات المتاحة والاوضاع الخاصة لكل بلد عربي من أجل تقليص الفجوة القائمة في مجتمعاتنا العربية بين المرأة والرجل دون أن نقفز على الظروف الاجتماعية لهذا البلد العربي أو ذاك على أن لا نتخذ من تلك الظروف الموروثة عن فترات ماضية ذريعة لابقاء المرأة العربية على هامش مسيرة التحديث. ولا شك أن لمنظمة المرأة العربية التي شكل احداثها منعطفا هاما في مسيرة العمل النسائي العربي دورها الكبير في هذا المجال.
لقد ساعدت المنظمة على تشخيص الاوضاع الخاصة بالمرأة العربية واقتراح برامج عمل وطنية وعربية لمعالجة ما هو قائم وما قد يعترضها من عقبات. وأنا على قناعة راسخة بأن ما صدر عن المنظمة في الفترة السابقة من قرارات وبرامج واليات ستلقى الرعاية اللازمة من أجل وضعها موضع التنفيذ وتجسيمها على أرض الواقع.
وسنعمل في فترة رئاسة تونس للمنظمة على مدى السنتين القادمتين على متابعة تنفيذ هذه الخطوات ودعمها ورفدها من أجل تمكين المرأة العربية من فرص أوسع للمشاركة وفتح مزيد من الافاق أمامها وذلك من منطلق ايمان تونس بأن لا تنمية شاملة دون أن تكون المرأة شريكا فاعلا فيها. كما سنركز على كافة الابعاد التي من شأنها تدعيم قدرات المرأة العربية في مختلف الميادين والمجالات.
واذ أثمن الجهود القيمة والمتميزة التي تقوم بها منظمة المرأة العربية الى جانب الاتحادات النسائية والجمعيات الوطنية من أجل النهوض بأوضاع المرأة وتعزيز الوعي بقضاياها وتطوير الرؤى الثقافية والاعلامية والاجتماعية لصالح دور أكبر للمرأة في تحقيق التنمية المنشودة فانني أعتقد أنه مازال أمام هذه الهياكل والمؤسسات الكثير من العمل والجهد سواء لدعم ما تحقق للمرأة العربية من مكاسب أو لتجاوز ما ظل عالقا في مجتمعاتنا من رواسب في ما يتصل بالمرأة وصورتها ودورها في الاسرة والمجتمع.
وسنحرص في فترة رئاستنا على قطع أشواط جديدة على درب تعزيز حضور منظمة المرأة العربية كرافد أساسي في العمل العربي المشترك بما يدعم مكانة المرأة العربية ويكفل دورها المتقدم في بناء مجتمعات عربية متطورة لا اقصاء فيها ولا تهميش.
سؤال : هنالك افة تعاني منها عديد المجتمعات العربية والاسلامية وهي العنف المسلط على النساء ما هي في رأيكم سبل الحد من هذه الآفة ؟
جواب : ان ظاهرة العنف المسلط على المرأة ظاهرة تهم جميع بلدان العالم وتشمل المجتمعات المتطورة والنامية على حد سواء. وفي تونس يجرى العمل على مستوى الهياكل الحكومية والمجتمع المدني على الوقاية منها باعتبارها تتنافى وأبسط حقوق الانسان واحترام الذات البشرية وباعتبار تأثيراتها السلبية العميقة على المرأة والمجتمع.
وفي اعتقادى ان انتشار هذه الظاهرة في بعض مجتمعاتنا العربية وعدم تحرر المرأة فيها من العنف الاسري والمجتمعي بمختلف أشكاله يكرس التمييز ضد المرأة ويجردها من انسانيتها وبالتالي يقصيها من أداء أى دور في مجتمعها.
ونحن مدعوون جميعا الى التصدى لهذه الظاهرة اللاانسانية والعمل من أجل تأمين حق المرأة في الحياة الامنة والمحافظة على كرامتها وتحريرها من الخوف الذي يكبل قدراتها ويحول دونها وتأكيد انسانيتها.
ولا سبيل في اعتقادنا للقضاء على هذه الظاهرة الا بسن وتطبيق تشريعات وقوانين ملزمة وصارمة الى جانب نشر ثقافة مجتمعية تقوم على رفعة مبادىء حقوق الانسان وترسخ سلوكيات جديدة تقطع مع عنف التقاليد والعادات الموروثة وسطوتها والتي تتخذ ذريعة لتبرير العنف ضد المرأة.
وهذه المهمة موكولة من جهة للدولة من خلال حرصها على حماية المرأة والسهر على تنفيذ واحترام القوانين المعتمدة الكافلة لكرامتها وحرمتها الجسدية ومن جهة أخرى لمكونات المجتمع المدني التي تتحمل مسؤولية التوعية والتحسيس بالانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة على الاسرة والمجتمع فضلا عن تصديها للتقاليد التي تحط من قيمة المرأة وتحول دون تنامي دورها كمواطنة كاملة الحقوق والواجبات وذلك عبر خدمات توعوية وتربوية واجتماعية.
كما أن للمؤسسات التربوية والتعليمية نصيبها من الجهد المطلوب في هذا المجال من خلال اعتماد برامج تربوية وثقافية نقية من كل فكر ينتقص من مكانة المرأة ومن دورها ووظيفتها.
ولا ننسى أيضا ما لوسائل الاعلام مرئية كانت أو مسموعة أو مكتوبة من تأثير ودور اذ من خلالها تتشكل صورة المرأة في مجتمعاتنا العربية.
وهذه الوسائل مدعوة الى اعتماد خطاب اتصالي بناء تجاه المرأة يفضح ويقاوم ثقافة العنف الممارس ضدها وينحاز لقيم التسامح والتفاهم والحوار عند طرحه وتناوله للمشاكل العائلية.
ان تجاوز استفحال ظاهرة العنف ضد المرأة هو رهن استكمال المرأة لحقوقها والقضاء على كل مظاهر التمييز ضدها. وان أنجع وسائل مقاومة هذه الظاهرة من وجهة نظرنا يتمثل في ادراك المرأة لحقوقها الانسانية وعدم تغاضيها أو سكوتها عما يلحق بها من ضرر أو أذى اضافة الى مزيد انخراطها في الجمعيات التي تعمل من أجل صيانة وجودها وحقوقها وكرامتها الانسانية.
ان هذه الظاهرة هي جزء من كل تنتفي بانتفاء أسبابها اى بتوفقنا في ايجاد التوازن بين المرأة والرجل في الاسرة والمجتمع وتجاوز العلاقة غير المتكافئة القائمة في بعض مجتمعاتنا العربية اليوم.
سؤال : على ذكر الاعلام هل ترون أن الصورة المتداولة عن المرأة بلغت مستوى التطلعات فيما يتصل بتجسيم فكرة المساواة اعلاميا ؟
جواب : لم يعد خافيا على أحد ما لقطاع الاعلام والاتصال من منزلة هامة في حياة الشعوب ومن مكانة استراتيجية في مختلف مجالات الحياة. وقد ازداد هذا الدور الاستراتيجي والمحوري لوسائل الاعلام حضورا وعمقا سواء في حياة الافراد أو المجتمعات وأصبحت عديد الافكار والصور والاعتقادات والادراكات تحددها الرسائل التي نتلقاها وأصبحت المادة الاعلامية والثقافية التي نتلقاها على مدار الساعة من خلال الصحف والمجلات والاذاعات والفضائيات وشبكات الانترنت ذات أهمية بالغة في صياغة الرأى العام بمختلف شرائحه وفئاته.
وأصبحت ذات قوة تأثير هائلة في تكييف العقول والاراء والصور مما يكسب وسائل الاعلام والاتصال وظيفة جديدة ذات أبعاد تربوية وتثقيفية وتنموية.
ومن هذا المنطلق فان لوسائل الاعلام مسؤولية كبيرة وخطيرة في تناولها لقضية المرأة في عالمنا العربي ولكن للاسف لا بد من الاقرار بأن واقع الاعلام العربي اليوم مازال رغم ما نسجله من تطور يعاني من بعض الثغرات في تناول صورة المرأة عموما باعتباره لا يعكس دورها الحقيقي في الحياة الاجتماعية أو المكانة التي تليق بها في المجتمع بل هناك اعلام لم يواكب حتى تطور القوانين والتشريعات ذات العلاقة بالمرأة في بلاده ومجتمعه.
ولئن تستوقفنا هذه السلبية في نظرة الاعلام العربي للمرأة ونقص وعي بعض الاعلاميين أنفسهم بقضايا المرأة الحقيقية في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة فان ملاحظتنا تتجه خاصة الى الاعلام المرئي لما للصورة من تأثير في عالمنا اليوم.
ويمكن الوقوف بيسر عند ما يروج في بعض البرامج التلفزية من صورة نمطية وشائعة في الاذهان عن المرأة على حساب الادوار المتقدمة الاخرى اذ يتم التجاهل والتغافل عن دور المرأة السياسي والاقتصادي والثقافي والعلمي.
ولا شك أن هذه المقاربة الاعلامية المختلة تدعونا الى مزيد تنقية البرامج التلفزية والاذاعية من الموروثات الاجتماعية التي تصور المرأة في مرتبة أقل من الرجل ولا ترى فيها الا مادة تجارية ودعائية استهلاكية مما يجعل وسائل الاعلام تلك في قطيعة مع القضايا الحقيقية للمرأة والاسرة العربية وما تشهده من تطور في شتى المجالات.
وستحرص تونس في فترة رئاستها لمنظمة المرأة العربية على المساهمة في تصحيح صورة المرأة العربية بما ينعكس ايجابا على أوضاع النساء العربيات ويسهم في تدعيم قدراتهن في مختلف المجالات.
وكنا قد خصصنا جائزة لافضل انتاج اعلامي حول المرأة كحافز لتصحيح صورة المرأة العربية في وسائل الاعلام وهي مبادرة تعد الاولى من نوعها في الوطن العربي.
وأملنا أن تساهم هذه المبادرة وغيرها من الحوافز وبرامج التحسيس والتدريب الموجهة للاعلاميين في ابراز صورة المرأة الحقيقية وفي ترسيخ رؤية اعلامية بديلة مؤيدة للمساواة في النوع الاجتماعي رؤية تكرس عدم التمييز بين الجنسين بما يبرز قدرة المرأة ويعزز دورها.
وتبقى قناعتي راسخة بأن أولى المهمات وأوكدها هي سعينا المستمر لتغيير العقليات والذهنيات كمدخل طبيعي لتغيير صورة المرأة في المجتمع دون أن ننسى مسؤولية المرأة نفسها في ابراز صورتها الحقيقية.
سؤال : وماذا عن الاحاطة بالطفل ومساعدته على النمو السليم في تونس والعالم العربي ؟
جواب : ان طفل اليوم هو مواطن الغد وهذا يحتم على المجتمعات جعل مصلحته خيارا ثابتا وعنصرا أساسيا في استراتيجيات التنمية الوطنية. فالطفولة أمانة لابد من التاسيس السليم لغدها الذى يمثل مستقبل الانسانية جمعاء.
وقد كانت بلادنا سباقة في ايلاء الطفل العناية التي هو جدير بها وذلك من خلال وضع الاطار القانوني المتكامل الذى يضم جملة من التشريعات التي تمنح الطفل حقوقه في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والاقتصادية والترفيه والتعبير عن رأيه.
ولم نكتف في تونس بمواكبة القرارات الاممية المتعلقة بالطفل فحسب بل بادرنا باصدار مجلة حماية حقوق الطفل منذ سنة 1995 التي تمثل نموذجا حيا لعمل تشريعي مميز وفعال في مجال حماية الطفولة. كما أحدثنا خطة قاضي الاسرة وقاضي الاطفال التي تعتبر من أهم الاليات التي تحمي الطفل وتكرس حقوقه. علما بأن تونس التغيير قد حرصت في مسعاها هذا على تكريس مبدأ تكافؤ الفرص بين الاطفال حتى يستفيد كل أطفال تونس بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخصوصية من السياسات والبرامج والاليات التي تخصها.
وقد مكنت هذه المقاربة من توسيع مفهوم حقوق الطفل التي لم تعد تقتصر على تلبية حاجياته الاساسية فحسب بل تستجيب الى تطلعاته ككيان اجتماعير وتجسد ذلك في تطوير مشاركة الطفل في الحياة العامة وذلك عبر احداث برلمان الطفل وهو فضاء حوار يفتح المجال أمام أطفالنا للتمرس على الديمقراطية والتعبير عن ارائهم وتطلعاتهم في كل ما يهم شؤون الطفولة.
أما على المستوى العربي فاننا مطالبون بوعي أكبر بأهمية تربية الاطفال في مرحلة الطفولة المبكرة لاهمية هذه المرحلة في بناء شخصية الطفل في المراحل التالية من حياته.
وسنسعى الى أن تعتمد منظمة المرأة العربية برامج توعية للاباء والامهات حول دور الاسرة في عملية التنشئة المتوازنة للاطفال. كما أن على مجتمعاتنا احاطة أوضاع الطفولة بكل الضمانات والاليات اللازمة لرعايتها وتأمين حقوقها. فرعاية الطفولة هي رهان على المستقبل ومن أوكد واجباتنا اعداد طفولتنا الاعداد الامثل لتمكينها من مستلزمات القدرة على مواجهة ذاك المستقبل.
وأملنا كبير في أن تتوفق الدول العربية في صياغة خطة متكاملة ومتضامنة للاحاطة بالطفل العربي من أجل تخليصه من كل ما قد يحول دونه والتنشئة السليمة وتأهيله الى أن يساهم لاحقا بنجاح في نحت ملامح غد عربي أفضل.
ولا يفوتني ونحن نتحدث عن الطفولة العربية أن أشير الى ما يعانيه الطفل الفلسطيني من أوضاع مأساوية جراء بطش الاحتلال الاسرائيلي وتعنته. وهو المحروم من ابسط الحقوق التي تكفلها القوانين الدولية ويعاني من صدمات نفسية نتاج ما يعيشه من رعب يومي.
وأمام الانتهاكات الاسرائيلية بهذا الشأن فاننا ندعو الى جهد عربي مضاعف يتوجه للحركات العالمية المعنية بالدفاع عن الاطفال من أجل تأكيد حق الطفل الفلسطيني في الحماية من العنف والاهمال والاساءة وحقه في الحياة والحرية ومن أجل حمل اسرائيل على احترام اتفاقية حقوق الطفل الدولية.
واذا كان هذا الجهد يشمل أطفال فلسطين دون استثناء باعتبارهم جميعا ضحايا فان جهدا مخصوصا لابد أن يتوجه الى الاطفال فاقدى السند والاطفال الاسرى والاطفال الذين أصيبوا باعاقات جسدية دائمة.
وسنسعى في فترة رئاستنا لمنظمة المرأة العربية الى بلورة جملة من التصورات والبرامج العملية لدعم حقوق الطفل في فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.