تحتفل مدينة زغوان بحلول النصف الثاني من شهر ماي بزهرة النسري التي تينع خلال هذه الفترة ويعم عطرها جنائن وأسواق المدينة.وتستأثر زهرة النسري أو النسرين بلغة بلاد فارس طيلة هذه الفترة من كل سنة بالحيز الأوفر من الحياة اليومية لأبناء زغوان حيث يتركز اهتمام العائلات على تجميع زهور هذه الشجيرات المنتشرة علي مساحات شاسعة من الحدائق والأجنة المتاخمة للمدينة. وتستيقظ العائلات المالكة للبساتين باكرا لجمع زهور النسري في ساعات الفجر الأولى حتى لا تفقد خصائصها بتعرضها لحرارة الشمس. وتباشر النسوة في البيوت في نفس اليوم وفي أجواء احتفالية تقطير الزهور تفاديا لتلفها السريع. وتستعمل نساء زغوان آلة تقطير خاصة ومختلفة عن الآلات المستخدمة لتقطير زهر الارنج في الوطن القبلي أو الأعشاب الأخرى في سائر جهات البلاد التونسية. ويعد ماء النسري من المواد الأساسية التي تخزنها العائلات بزغوان حيث يتم استعماله في إعداد الحلويات ومنها كعك الورقة الشهير فضلا عن الأغراض العلاجية الأخرى لتنشيط القلب. وقد حافظت العائلات بزغوان على عادة متوارثة تتمثل في تقديم ماء النسري محلى بالسكر مع كعك الورقة في مواكب الاحتفال للتعبير على مشاعر الفرحة باستقبال المدعوين. لذلك تحولت بعض المنازل بزغوان إلى ورشات لتقطير ماء النسري وصنع كعك الورقة للاستجابة للطلبات المتزايدة على هذا النوع من الحلويات. كما تتزود خلال هذه الفترة جل مقاهي المدينة بكميات هامة من ماء النسري لتعطير الشاي والقهوة. ودأبت مدينة زغوان منذ أواخر السبعينات علي تنظيم مهرجان النسري احتفاء بهذه الزهرة وتثمينا لدورها في الحياة اليومية بالجهة.وقد انصرفت الجهود التنموية خلال العشريتين الأخيرتين إلى تثمين وتطوير النظم الزراعية بجهة زغوان التي يعتبر النسري من أهم مكوناتها. وشهدت سنة 1994 انجاز مشروع أذن به رئيس الدولة لأحياء جنائن زغوان تتمثل بالأساس في حفر بئر عميقة بعين هارون المحاذية شرقا لجبل زغوان وتخصيص مياهه لري البساتين. ويجرى حاليا تنفيذ مشروع رئاسي جديد يهدف إلى تطوير زراعة النسري بأجنة زغوان وبعث وحدات لتحويل الإنتاج في إطار آليات الصندوق الوطني للتشغيل مكن حتى الآن من تكثيف زراعة نبتة النسري وتوزيع عدد هام منها على فلاحي الجهة لتطوير هذه الغراسة على 30 هك إضافة إلى بناء مخبر وبيت بلوري. كما تجرى بحوث علمية على نبتة النسري بالمدرسة العليا للفلاحة بمقرن التي أحدثت حديقة نباتية لأنواع النسري وأصدر باحثان اثنان منها كتابا بعنوان النسري لإبراز الأهمية العلاجية لزهرة النسري.