بتكليف من الرئيس زين العابدين بن علي ترأس السيد عبد الوهاب عبد الله وزير الشؤون الخارجية وفد تونس المشارك في الاحتفال بالذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان الذى أقامه مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة يوم 12 ديسمبر الجارى بجنيف بحضور الامين العام للامم المتحدة ووفود عدد من دول العالم. والقى وزير الشؤون الخارجية بهذه المناسبة كلمة ابرز فيها الاهمية البالغة التي يكتسيها الاحتفال بالذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان في زمن تنامي فيه الوعى بضرورة ايلاء مسالة حقوق الانسان المكانة التي تستحق في اهتمامات وسياسات الدول وبرامج عمل المنظمات الدولية والاقليمية والجهوية وكافة الاطراف الفاعلة في هذا المجال معتبرا ان احياء هذه الذكرى التاريخية المتميزة لصدور احدى اهم وثائق ومرجعيات حقوق الانسان يعد ترجمة صادقة لتوق المجتمع الدولي بكل مكوناته الي تطوير منظومة حقوق الانسان ولايمانه بضرورة تضافر جهود الجميع من اجل مزيد تعزيزها وترسيخ الوعى بها. واشار السيد عبد الوهاب عبد الله الى التطور الكبير الذى شهدته جهود المجتمع الدولي لنشر ثقافة حقوق الانسان وضمان حمايتها موضحا ان منظومة حقوق الانسان في العالم اليوم تعكس حقيقة ما بلغه الضمير البشرى من نضج وتعد نتاجا لتراكم تجارب انسانية عديدة عبر مراحل تاريخية طويلة ساهمت فيها كل شعوب العالم بما فيها تونس من عهد قرطاج والقيروان الى اليوم زادها في ذلك مدنيتها الضاربة في القدم وريادة تجارب الاصلاح فيها عبر كل العصور. واكد في هذا الصدد ان حقوق الانسان في تونس مثلت خيارا استراتيجيا واحد ثوابت سياسة العهد الجديد التي ارسى دعائمها الرئيس زين العابدين بن علي الذى عمل علي ترسيخ الوعى بشمولية هذه الحقوق من خلال التاكيد علي ان ترابط الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعدم قابليتها للتجزئة هما مبدان جوهريان من مبادىء القانون الدولي بالاضافة الى ان هذا الترابط يعتبر ركيزة اساسية من ركائز المنظومة العالمية لحقوق الانسان واضاف ان تونس جعلت من حقوق الانسان في شموليتها وتكاملها مرجعا ومنهاجا للمشروع المجتمعي الذى ارتاه الرئيس زين العابدين بن علي للبلاد من خلال توطيد اركان دولة القانون والمؤسسات وتعزيز المشاركة السياسية والنهوض بثقافة التعددية وارساء مقومات ديمقراطية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتركيز اسس تنمية متوازنة ومتضامنة. كما شدد السيد عبد الوهاب عبد الله على ان ترابط هذه المحاور وتفاعلها الايجابي مع المنظومة الاممية لحقوق الانسان شكل جوهر مقاربة الرئيس زين العابدين بن علي في هذا المجال وامتدادا لما جاءت به المواثيق الدولية واحد اهم مقومات تحقيق اهدافها وتكريس مضامينها النبيلة والسامية والذى تجسد من خلال مصادقة تونس علي اهم الاتفاقيات الدولية واقرار علويتها على القوانين بمقتضي الدستور وتعاونها البناء مع اجهزة الاممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة ودعمها للاليات الاممية المعنية بحقوق الانسان ومساهمتها في انجاح عمل مختلف اللجان واجرائها مراجعة دورية شاملة امام مجلس حقوق الانسان الذى كان لتونس شرف الاسهام في تاسيسه وانتخابها لعضوية تركيبته الاولي فضلا عن الانخراط في مختلف خطط عمل الهياكل الاممية. كما اكد على ان تونس اسست سياستها الوطنية في مجال حقوق الانسان علي مشروع حضارى متكامل قائم علي رؤية شاملة ومتعددة الابعاد تهدف الى صيانة كرامة المواطن وتكريس حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية دون مفاضلة او تجزئة مبينا انها عملت في هذا الاطار علي ترسيخ دولة القانون والمؤسسات وتدعيم اركان الجمهورية وتهيئة الارضية الملائمة لتاسيس عدالة مستقلة وناجزة وتكريس قيم الديمقراطية والتعددية وتجذير مقومات المواطنة. واشار الى ان التقدم بالمسار الديمقراطي وتكريس التعددية الفكرية والسياسية وتعزيز ثقافة المشاركة تتبوا صدارة اهتمامات القيادة السياسية في تونس من خلال حرص رئيس الدولة علي دعم مختلف مكونات لمجتمع المدني وفسح المجال امامه للاسهام في مزيد تعزيز البناء الديمقراطي وتوسيع مشاركته السياسية من اجل الارتقاء بمنظومة حقوق الانسان في كل ابعادها لاسيما تلك المتصلة بالشان العام والمسائل المتعلقة بابداء الراى وحرية التعبير وحق الاختلاف. واضاف ان تونس عملت ايضا علي النهوض باداء مختلف مكونات المجتمع المدني في الداخل والخارج سعيا منها الي توطيد علاقات التكامل والتفاعل والشراكة بين هياكل الدولة ومؤسساتها وهياكل المجتمع المدني وعلى اثراء المشهد الاعلامي الوطني ومزيد تكريس تنوع الاراء والمواقف وتكثيف فضاءات الحوار حول القضايا الوطنية والمستجدات العالمية. كما ابرز السيد عبد الوهاب عبد الله في هذا الصدد تنصيص الدستور التونسي علي حرية تاسيس الجمعيات التي يفوق عددها اليوم 9000 جمعية وعلي استبدال نظام الترخيص بنظام التصريح وجعل حل الجمعيات من اختصاص القضاء وذلك حرصا علي تحقيق اكبر قدر من الممارسة الديمقراطية وتامين مشاركة اوسع للمواطنين في المعادلة الديمقراطية. واكد على انه ومن منطلق ايمان الرئيس زين العابدين بن علي بان لا ديمقراطية بدون تنمية ولا تنمية بدون ديمقراطية حرصت تونس على تحقيق هذه المعادلة وعملت في هذا الاطار على تامين مشاركة كل طاقات المجتمع بمختلف شرائحه وفئاته مع ايلاء عناية خاصة للشباب والمراة وانتهجت سياسة تنموية متوازنة تجمع بين تحقيق الرقى الاقتصادى والرفاه الاجتماعي مكنت من تخفيض نسبة الفقر في تونس الي 8ر3 بالمائة والارتقاء بنسبة التغطية الصحية الي حدود 95 بالمائة والنهوض بنوعيتها وتحسين ظروف العيش في المدن والقرى على حد سواء وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطي لتشمل اكثر من ثلثي التونسيين. واوضح وزير الشؤون الخارجية ان ضمان حقوق الانسان وحمايتها وترسيخها كثقافة سلوكية لدى الجميع جهد يومي لا يتوقف مؤكدا سعى تونس المتواصل لمزيد دعم مكاسبها فى هذا المجال وتعزيز دور منظومة حقوق الانسان كمقوم اساسي لمشروعها المجتمعي الحداثي القائم على نبذ الكراهية ومقاومة التطرف والانغلاق وابرز في هذا السياق ايمان الرئيس زين العابدين بن علي بان منظومة حقوق الانسان لا يمكن ان تنمو وتتطور في غير مناخ اجتماعي سليم ومحيط اقليمي مستقر ومتضامن تتوحد فيه جهود الجميع لرفع التحديات المشتركة ومواجهة المخاطر التي تهدد العالم اليوم والناجمة عن استفحال ظاهرة التهميش والاقصاء والعنف والارهاب. كما جدد عزم تونس الثابت علي الاسهام بفاعلية في جهود المجتمع الدولي الرامية الي مزيد ترسيخ القيم الكونية والمبادىء النبيلة لحقوق الانسان وتطوير منظومتها واشاعة قيم التسامح والتضامن والاعتدال وتعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات والاديان. وكان لوزير الشؤون الخارجية علي هامش هذه المناسبة لقاء مع السيد بان كي مون الامين العام لمنظمة لامم المتحدة الذى حمله خالص تحياته وعميق تقديره للرئيس زين العابدين بن علي. كما تحادث الوزير مع السيدة ناقي بيلس المفوضة السامية لحقوق الانسان ومع نظرائه من بعض البلدان الشقيقة والصديقة.