أخبار تونس – كانت ليلة الخميس09 جويلية 2009 ليلة شاعر الحياة على ركح مسرح قرطاج في افتتاح الدورة 45 لمهرجان قرطاج الدولي. جاءت الدراما الغنائية”الصباح الجديد” تكريما لشاعر الخضراء و إرادة الحياة “أبي القاسم الشابي” في ذكرى ميلاده المائة،و 100 هو عدد الشبان الذين أثثوا هذه الدراما الغنائية. ففي تمام العاشرة مساءا انطلقت مغناة “الصباح الجديد” على إيقاع موسيقى صادحة ذات بعد وجودي ووسط ظلام لامست أجساد عشرات الشباب الأرض بحركات راقصة، وكأنها عملية ولادة أو محاولة لبعث.. يعلو النشيد ... يتغير إيقاع الموسيقى وتنكشف الأضواء ليطلع “الصباح الجديد” ويعود “الشابي” إلى الحياة ليسافر بالحاضرين عبر أشعاره بين طيات الماضي. تتالت اللوحات الفنية التي تواصلت 80 دقيقة وتنوعت وتعددت الصور الدرامية واختلفت الحقب الزمنية من دون أن يكون هناك تحديد واقعي للزمن فالعمل كما صاغ معالمه “محسن بن نفيسة” وسطّر لخطه الدرامي ينضوي في إطار اللازمن في الدراما فهو لا يشخصن الأحداث بل يعتمد بالأساس على وجودية الشاعر وقدرته البارعة على الالتحام بقوى الوجود الجوهرية التي لا تكف عن الحضور في كل مكان وزمان. وقد بدا جليا أن القيمة الإبداعية العالية لشاعر تونس المحتفى به قد سهّلت مهمة كتابة هذه الدراما الغنائية ، دون الالتجاء إلى عملية التأريخ للأحداث التي عاشها حيث كشف تنوع وعمق أشعاره التي تداولت على غنائها في تلحين ل”رشيد يدعس” أصوات شابة عن استباقية الشاعر وقدرته على الثورة ضد “الخيال الشعري عند العرب” . كما أتاح الاعتماد على أشعار”الشابي” كنص لهذه الدراما العودة إلى عدة أحداث شهدتها تونس في عهد الاستعمار، حيث اصطدمت الرغبة في التحرر من القيود بإصرار المستعمر على طمس الهوية وهو ما تجسد في إحدى اللوحات الاوبيرالية التي أرادها المخرج “حاتم دربال” تجسيدا لحماسة “الشابي” واندفاعه ورفضه للخنوع. عكست اللوحات العشر المترابطة دراميا وموسيقيا المكونة لهذه الدراما رومانسية الشابي ونظرته للمرأة في إشارة عابرة للحب الكبير الذي مرّ في حياته وترك له لوعة كان من حصيلتها قصيدة “عذبة أنت كالطفولة كالأحلام كاللحن كالصباح الجديد”. وبين الإصرار على الحياة و اشتداد الظلام تراوحت وجودية الشابي التي سعى إلى إبرازها الممضون لهذا العرض الفني بالاعتماد على أشكال تعبيرية مختلفة كان الرقص العصري أبرزها ولعبت الملابس والأضواء دورا هاما فيها. و اختتم العرض بقصيدة “إرادة الحياة”مغناة في تلحين للفنان التونسي “رشيد يدعس”. “الصباح الجديد” مغناة أضاءت الليلة الاولى من الدورة الخامسة والأربعين من مهرجان قرطاج الدولي التي افتتحها السيد “عبد الرؤف الباسطي” وزير الثقافة والمحافظة على التراث وحضرها جمهور غفير صفق بحرارة لهذا الشباب من طلبة الموسيقى والغناء والرقص والأوبيرا كما صفق الجمهور لأسماء فنية ذات خبرة. و تستمرّ الدورة الحالية للمهرجان إلى يوم 17 أوت 2009، وتسجّل مشاركة كبار الفنانين من أبرزهم “شارل ازنافور” و”أمينة فاخت”و”وردة الجزائرية” و” مرسيل خليفة” و”الشاب خالد” و”باتريسيا كاس”.