أخبار تونس– أصبحت المبادرة في المحيط الاقتصادي الذي يتسم بالتطور السريع للتكنولوجيات لا تقتصر على أصحاب رؤوس الأموال فحسب، بل إن تثمين المعرفة عبر الابتكار الفكري أصبح هو الآخر يمثل مجالا مفتوحا لأخذ المبادرة وبعث المشاريع. يعتبر بعث المشاريع للحساب الخاص إحدى أهم وسائل الاندماج في سوق الشغل. ولا يقتصر الأمر على أن يظفر حامل الشهادة الجامعية بعمل بل يصبح هو بدوره مشغلا. وللغرض تم وضع عدد من الآليات لتشجيع حاملي الشهادات الجامعية وخريجي التعليم العالي على بعث جيل جديد من المؤسسات الصغرى والاستثمار للحساب الخاص . ونذكر من بينها طريقة بعث المؤسسات وتكوين الباعثين المعروف باسم “CEFE”. ويعتمد التكوين حسب هذه الطريقة، والذي تؤمنه الوكالة التونسية للتشغيل، على طريقة مشخصة ترتكز أساسا على التدريب عن طريق الممارسة والتدخل الميداني يتمكن من خلالها المشارك من تقييم شخصيته وطاقته وموارده الذاتية ويختار بنفسه المشروع الذي ينوي بعثه. كما يساعد هذا التّكوين على إنجاز مقارنة بين ميزاته وكفاءاته الشّخصيّة ومؤهّلاته من جهة والمحيط ونوعيّة المشروع من جهة أخرى. ويبحث المشارك بنفسه عن المعلومة اللاّزمة لتقييم قابليّة إنجاز المشروع، ثمّ يقوم بنفسه بإعداد مخطّط الأعمال وكيفيّة التّسويق والنّتائج والجوانب الاقتصاديّة والتّنظيميّة والماليّة، ويتولّى تقديمه بنفسه والدّفاع عنه أمام مصادر التّمويل. وعلى إثر هذا التّكوين يركّز المشارك مشروعه وينطلق نشاط المؤسّسة، علما وأن الباعث يتمتع خلال هذه المرحلة بالإحاطة الضّرورية من قبل المصالح المختصّة بالوكالة. يتميّز هذا التّكوين بتلاؤمه مع عدّة شرائح من المنتفعين، وهو يشتمل على العناصر التّالية : الملتقى الكامل : وهو يستهدف الباعثين الّذين لديهم فكرة المشروع المزمع إنجازه ويدوم : - 20 يوما بالنّسبة إلى الرّاغبين في بعث مشاريع لحسابهم الخاص من بين شهادات التعليم العالي وخريجي مراكز التكوين المهني وغيرهم من أصحاب الكفاءات والمسرّحين من المؤسّسات لأسباب اقتصادية - 14 يوم بالنّسبة إلى الباعثين المتحصلين على الموافقة المبدئية لتمويل مشاريعهم كما يشتمل أيضا على مادّة “مؤهّلات تنمية روح المبادرة” (C.C.E ). وهي موجّهة لفائدة متربصي مراكز التكوين المهني. والهدف من إقحام هذه المادة هو الرّفع من قدراتهم على بعث مشاريع لحسابهم الخاص. إضافة إلى برنامج التّرقية المهنيّة لفائدة أصحاب المؤسّسات المحدثة والرّاغبين في تدعيم كفاءتهم المهنية ودعم مؤسساتهم. وعلاوة على الورشات التّحسيسية في اتّجاه المسؤولين المباشرين أو غير المباشرين للمؤسّسات الصّغرى والمتوسطة، يسعى البرنامج إلى تكوين المبسطين المدعوّين لتنشيط الملتقيات حسب طريقة “بعث المؤسّسات وتكوين الباعثين”. وتشمل مدة التّكوين أربع مراحل . المرحلة الأولى هي الإشهار. و تعتمد كلّ دورة تكوينيّة على انطلاق حملة إشهاريّة من خلال وسائل الإعلام (الإذاعة والتلفزة والصّحافة المكتوبة) ومن خلال المعلّقات والمطويات والمناشير. وتتكيّف هذه الحملة الإشهارية مع الإمكانات المتوفّرة بالمناطق المقصودة ولدى المجموعة المستهدفة. ويتمّ خلال هذه المرحلة الاتّصال المباشر بين المنشّطين والمؤسّسات المعنيّة والباعثين المحتملين بصفة مكثّفة وذلك بهدف التّعريف بالبرنامج. على أن يتمّ خلال المرحلة الثانية، فرز المطبوعات الّتي تمّ تعميرها وتوجيهها من قبل المترشّحين والّذين يتراوح عددهم بين 100 و400 حسب المنطقة المعنية (مدينة كبرى منطقة ريفية...)، وذلك بهدف إجراء عمليّة انتقاء أوّلي تفرز 40 أو60 مترشّحا إلى مرحلة الانتقاء. وتتولّى عمليّة الفرز لجنة من الختصّين يتم تعيينها مسبقا وتشمل أيضا ممثلين عن المؤسّسات الماليّة المحليّة أو الجهويّة. حيث تتمّ عمليّة. أما المرحلة الثالثة فتتمثل في عمليّة الانتقاء وتشمل أربعة إجراء اختبارات على النحو التالي: - اختبار حول معارف المترشّح لمبادئ أوّلية في مادة الرياضيات - مواضيع عامة: نقاش مفتوح - اختيار تطبيقي حول البحث عن معلومات خاصة بالسّوق (ساعتين على أقصى تقدير)، - محادثة مع المترشح يقع خلالها إبراز الكفاءات المتعلقة بروح المبادرة ووضوح الإمكانيات المادّية المتوفّرة والمحيط العائلي وكل الخيارات المتعلقة بميدان بعث المشاريع. كما تمكّن هذه المحادثة من التّعرف على مدى استعداد المترشّح للمشاركة الفعليّة الملتقى، ويفرز هذا الانتقاء ترشيح 24 متربصا (إضافة إلى 5 مترشحين على قائمة الانتظار). ويتم في الأخير إنجاز المرحلة الرّابعة.و هي مرحلة التّكوين التي تدوم حسب طريقة بعث المؤسّسات وتكوين الباعثين 14 يوما أو20 يوما، ويقع إنجازها بفضاء يتلاءم والمتطلّبات الفنّية لطريقة بعث المؤسّسات وتكوين الباعثين. ثم تتولى وحدة النّهوض بالمؤسّسات الصّغرى دعوة الباعثين الّذين تحصّلوا على الموافقة المبدئيّة لتمويل مشاريعهم، أو إثر التّركيز الفعلي لها للمشاركة في دورات التّكوين التّكميلي في التّصرف وفي الميادين التّقنية المرتبطة باختصاص أنشطتهم مع إعلامهم بالامتيازات الممنوحة في الغرض. وتدوم الدّورة التّكونيّة حسب نوعية التّكوين : - ثلاثة أسابيع على أقصى تقدير بالنسبة للتكوين التكميلي في التّصرف، - أربعة أشهر على أقصى تقدير بالنّسبة للتّكوين التّكميلي في المجالات الفنية، - 12 يوما على أقصى تقدير بالنّسبة للإحاطة الفرديّة بمقر المشروع خلال السنتين الأولتين من تركيز المشروع. وتحظى المشاريع الشبابية باهتمام رئاسي متواصل ومتجدد، نذكر على سبيل المثال، التكريم الرئاسي الذي تحصلت عليه إيمان عوينة من خلال الجائزة الأولى لأحسن مشروع ممول من قبل البنك التونسي للتضامن، باعتباره آلية من آليات مساندة بعث المشاريع. وتنظم في تونس، عديد الملتقيات الدورية للتعريف بالتشجيعات الرئاسية، آخرها الملتقى الوطني حول “الهيكلة الجديدة للتشغيل والتشجيع على بعث المشاريع” الذي انعقد من غرة جويلية2009 إلى الثالث منه. وقد تضمن برنامج الملتقى بالخصوص تعريفا بالهيكلة الجديدة للتشغيل، إضافة إلى ورشات عمل حول آليات النهوض بالمؤسسات الصغرى الموجهة إلى المتخرجين الجدد. ويشار إلى أن عدد حاملي الشهادات العليا سيبلغ مع نهاية السنة الجامعية الحالية 67 ألف متخرجا مقابل 62 ألفا في السنة الجامعية الفارطة، وهو ما سيدفع بالعديد منهم إلى طرق أبواب جديدة للشغل والعمل المستقل.