أخبار تونس – اختتمت أمس الأربعاء بعاصمة الأغالبة القيروان أشغال الندوة الدولية حول الفجوة الرقمية ومتطلبات مواجهتها في العالم الإسلامي التي انعقدت في إطار الاحتفاء بالقيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2009. وفي ختام أشغالهم أكد المشاركون في هذه الندوة على أهمية صياغة قوانين تتيح نفاذ الجميع بشكل عادل إلى تقنيات المعلومات والاتصال من أجل تعزيز ديمقراطية الاتصال والحق في تداول المعلومات في إطار احترام القانون والالتزام بالثوابت في أبعادها الثقافية والدينية والأخلاقية. كما أكد المشاركون على استعدادهم لتبني مقترح إبرام ميثاق للتضامن الرقمي الإنساني الذي تقدمت به السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية ورئيسة منظمة المرأة العربية خلال المؤتمر العالمي لتكنولوجيات المعلومات المنعقد في دورته الرابعة بجمهورية الفيتنام في شهر أوت 2009 . وبخصوص الجوانب التشريعية والقانونية لتقنيات المعلومات، أشار المشاركون إلى ضرورة وضع إطار قانوني ومؤسساتي يرمي إلى خفض أسعار الاشتراك في خدمات الهاتف والانترنت وتعزيز التشريعات المتعلقة بحقوق التأليف والاستثمار في قطاع تقنيات المعلومات والاتصال. كما دعا المشاركون منظمة الايسيسكو إلى مواصلة دعم جهود الدول الأعضاء الهادفة إلى متابعة المراجعة والتطوير للتشريعات والقوانين المنظمة لقطاع المعلومات والاتصال على المستوى الوطني والإقليمي عملا ببرامج العمل المقترحة ضمن الوثائق الصادرة عن القمة العالمية حول مجتمع المعلومات تونس 2005. وشدّدوا على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول الإسلامية في المجال المؤسساتي والتشريعي لسدّ الثغرات التشريعية الوطنية والإقليمية إضافة إلى ضرورة التصدي لمخاطر الجرائم الالكترونية وتعزيز الثقة والأمن في استعمال تقنيات المعلومات والاتصال من طرف كافة الشرائح الاجتماعية في العالم الإسلامي وضبط قوانين واستراتيجيات واضحة تعنى بالجودة الرقمية. ويذكر أن أشغال الندوة كانت قد أفرزت في يومها الأخير نداءا هو عبارة عن مبادرة مفتوحة لجميع الدول والمنظمات والشبكات الإقليمية والدولية من أجل عالم أكثر تضامنا في هذا المجال تكون مرجعية قطاعية تحرص كافة الأطراف على تجسيم بنودها وإشاعة أهدافها ومضامينها. ودعا النداء إلى تكاتف الجهود للحد من الفجوة الرقمية في العالم الإسلامي سواء بين الدول أو داخل الدولة الواحدة وذلك بدعم كافة فرص وإمكانيات الشراكة والتعاون بين البلدان الإسلامية في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال عن طريق القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني بكافة مكوناته. كما أكد النداء على ضرورة تجسيم القرارات التي تم اتخاذها خلال القمة العالمية حول مجتمع المعلومات المنعقدة في مرحلتها الثانية بتونس سنة 2005 للحد من الفجوة الرقمية بين البلدان والشعوب. ويدعو نداء القيروان 2009 إلى الاعتناء بالتشريعات المتعلقة بالمجالات الرقمية عبر إضفاء المرونة اللازمة على الأحكام القانونية لتتطابق مع الواقع المتحرك للقطاع فضلا عن التعريف بها وتكريسها للإلمام بمضامينها ولضمان تيسير ممارستها من قبل الإدارة والقضاء والمتعاملين معها إضافة إلى مزيد نشر الثقافة الرقمية في صفوف مجتمعات البلدان الإسلامية من خلال النهوض بالتربية الرقمية. وأكد النداء على ضرورة تدعيم البنية الأساسية في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال والتحكم في تكلفة التجهيزات الخاصة بتكنولوجيات المعلومات والاتصال الموجهة إلى عموم الناس ولا سيما محدودي الدخل وذوي الاحتياجات الخصوصية والنهوض بصناعة المحتوى وإنتاج المضامين الرقمية بما يساهم في تشجيع الاستثمار المجدي في التكنولوجيات الرقمية ويدعم اقتصاد المعرفة. كما دعا نداء القيروان إلى وضع آليات اليقظة العلمية والتكنولوجية الكفيلة بمتابعة نسق تطور قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال في العالم وإعداد الاستراتيجيات والبرامج اللازمة لمواكبة هذا التطور من قبل بلدان العالم الإسلامي. وفي ختام الندوة، تعرّض المشاركون إلى محور الثقافة الرقمية في العالم الإسلامي حيث دعوا الدول الإسلامية إلى الاستفادة من مزايا تقنيات المعلومات والاتصال في نشر الثقافة الرقمية والدفاع عن التنوع الثقافي في العالم الإسلامي من خلال تشجيع الجامعات والمعاهد والمؤسسات الاقتصادية والشركات على إجراء البحوث والدراسات العلمية لتحسين الإنتاج بهدف تحويل الدول الإسلامية إلى دول منتجة ومصدرة للحلول التكنولوجية والتطبيقات والبرمجيات الإعلامية. كما دعوا منظمة الايسيسكو إلى إنشاء مكتبة افتراضية إسلامية رقمية تعنى بالفكر والتراث الإسلامي والتاريخ والحضارة الإسلامية وتسهم في الرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والمسلمين. وفيما يتعلق بدور المنظمات الأهلية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية والإقليمية في تطوير تقنيات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي دعا المشاركون في هذا الخصوص إلى تفعيل آليات التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف وتعزيز التضامن والتكافل بين جميع الفاعلين في قطاع المعلومات والاتصال على جميع المستويات. ونبه المشاركون الدول الإسلامية والمنظمات الإقليمية والجمعيات الأهلية إلى أهمية تكثيف استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال للتعريف بالتراث الثقافي الإسلامي في القدس. كما دعوا إلى تكوين شبكة جمعيات عربية إسلامية رقمية لتبادل الخبرات والمساهمة في تقليص الفجوة الرقمية وتحقيق التضامن الرقمي بما يعزز حظوظ الفئات الاجتماعية في مزيد الاندماج الاجتماعي وذلك بالاعتماد على دور المجتمع المدني باعتباره أساس أي تحرك ميداني لنشر الثقافة الرقمية وتقليص الفجوة وترسيخ مجتمع المعرفة. وفي هذا السياق، يذكر أن تونس قطعت في هذا الاتجاه خطوات هامة على درب الحداثة ونشر الثقافة الرقمية حيث أن حصة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي تطورت ب 50 % في ظرف 3 سنوات (7 % سنة 2005 و10 % سنة 2008. ويسجل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تونس نموا بنسق يتجاوز 15 % سنويا. بينما سجل انتشار استعمال الهاتف الجوال أرقاما قياسية أي حوالي 87 مشترك لكل 100 ساكن. أما تطور عدد مستعملي الأنترنات بصفة سريعة فارتفع من 950 ألف سنة 2005 إلى ما يفوق 3.2 مليون مستعمل أي 3 أضعاف ما كان عليه أثناء انعقاد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات.