أخبار تونس – افتتح السيد بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية صباح اليوم 15 ديسمبر بفضاء المكتبة الوطنية بتونس العاصمة الندوة العلمية الدولية بعنوان “الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وقضايا تجديد الفكر الديني وتحديث المجتمعات الاسلامية” التي تقام تحت سامي اشراف الرئيس زين العابدين بن علي ويشارك فيها نخبة من الجامعيين والباحثين من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومصر. وسبق انطلاق فعاليات الندوة افتتاح المعرض الوثائقي بعنوان “ومضات.. مائوية ميلاد الشيخ محمد الفاضل بن عاشور 1909 – 2009′′ الذي اشتمل على وثائق ومراجع ومخطوطات وصور نادرة وبعض المقتنيات الشخصية للشيخ العلامة مثل كتبه الخاصة وسبحته وبلغته ودواته وحضر هذا الموكب أبوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية وعبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة علي التراث ومحمد العزيز بن عاشور المدير العالم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” والشيح عثمان بطيخ مفتي الجمهورية التونسية والشيخ الحبيب بلخوجة وسفراء البلدان الشقيقة والصديقة وعدد من أفراد أسرة العلامة الفقيد “آل ابن عاشور” وبعض الوجوه من أعلام الفكر والثقافة والاعلاميين. وبعد تلاوة مباركة من الذكر الحكيم ألقى السيد بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية كلمة بهذه المناسبة أشار فيها إلى أهمية الندوة الدولية التي تأتي في إطار الاحتفال بمائوية ميلاد العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور( 1909-1970) كما للتظاهرة فضل كبير في تذكير الأجيال الناشئة بأبهى نماذج العطاء الفكري والإسهام الفاعل في إغناء الفكر المستنير وخدمة الاسلام والمسلمين. وتمثل الندوة الدولية خير دليل لما تكنه تونس لعلمائها ومبدعيها من إكبار فهي تباهي بهم وبإنتاجهم الفكري الغزير وتجل وتحيي مآثر كل من شارك في تحقيق أمجادها لا سيما والشيخ محمد الفاضل بن عاشور عالم متميز يعد حلقة من الحلقات المضيئة في تاريخ الفكر الزيتوني ورمز للثقافة الوطنية في القرن العشرين. ولقد كرس العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور جهوده الفكرية ساعيا للوصل بين العقل والنقل وتأكيد الحاجة الملحة إلى الاجتهاد وبث الرؤية التحديثية في كل جيل جديد وساعد العلامة في بلوغ هذه المرتبة العلمية الرفيعة شخصيته الفذة ودقة الملاحظة والتأمل لديه ونبل السجايا وجلالة الأدب والتواضع والسماحة في النقاش والمناظرة والبيان الآسر والفصاحة الجذابة. كما عرف العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور بأنه نقابي مخلص ورائد في بعث الاتحاد العام التونسي للشغل وبأنه المصلح المنشغل بأوضاع المرأة في المجتمع إلى جانب إسهامه في إصلاح التعليم وجعله مواكبا للعصر وجمعه بين عدة مهام كبرى كالقضاء والافتاء والتدريس. وتضمنت الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها الأستاذ أبو القاسم العليوي مداخلتين: الاولى قدمها السيد الشاذلي القليبي عضو مجلس المستشارين واستعرض فيها جوانب من ذاكرته تجاه المرحوم العلامة إذ تتلمذ على يديه بالصادقية وأخذ عنه كثيرا من العلوم والمعرفة واستقرأ الشاذلي القليبي في محاضرته البيئة العلمية التي ترعرع فيها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور مشيرا إلى عناية والده محمد الطاهر بن عاشور الذي فتح عينيه على نفائس الكتب وأغزرها فائدة وتلقى قبسات من علم التفسير والحديث والقراءات بشكل مبكر كما جلب له والده معلما خاصا يلقنه مبادئ اللغة الفرنسة في البيت. وأخذ العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور العلم عن الكثير من العلماء والمفكرين حيث عاشر الشيخ الخضر حسين عن قرب الذي آلت إليه مشيخة الأزهر لفترة من الزمن وانعقدت للشيخ محمد الفاضل بن عاشور صحبة بمحمد عبده أثناء إقامته بتونس على فترتين. وكشف الشاذلي القليبي عن بعض الجوانب الخفية من طفولة العلامة إذ كان يقلد مشاهد مسرحية في بيته مع أقربائه يقوم فيها بدور الخطيب ويلقي قصائد وأهلته هذه التمارين إلى حذق فن الخطابة والجرأة في الارتجال بين الناس. وأكسبته هذه التمارين نفسا سياسيا لتحريك نفوس الشباب وتذكيرهم بالروح الوطنية وأمجاد العروبة وليس أدل على ذلك من تلك المحاضرة التي ألقاها في “مؤتمر ليلة القدر” في يوم العروبة بالملعب البلدي صحبة كثير من الزعماء مثل الزعيم علي البلهوان كما ساهم العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور في وضع مدونة الاحوال الشخصية. وكان الشيخ محمد الفاضل بن عاشور يتميز بالجمع بين منطق العلم والتقوى وبين قطبي الاجتهاد العلمي والديني وبلغ أقوى المراتب في الاجتهاد وهي منزلة الاستدلال ولما أتيح له شرف إدارة الجامعة الزيتونية عمل على تقريب جيل المخصرمين الى الزيتونة مثل أنبغ طلبته الشيخ الحبيب بلخوجة وساهم في تدعيم التقارب بين الاجيال الزيتونية والاجيال الصادقية وسعى الى ترسيخ التعليم المزدوج بين العلم التقليدي والعلوم العصرية وتفادى بذلك أي انفصام خطير قد يصيب المناهج التربوية في التعليم التونسي. أما المداخلة الثانية في الجلسة العلمية الاولى فلقد قدمها الاستاذ مختار عمار وحملت عنوان “حياة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور” وفيها تم التطرق الى المسيرة الطويلة للعلامة المرحوم في التنقل بين المجالس العلمية والندوات الفكرية والمؤتمرات العالمية مدافعا عن المنهج العقلي وعن الفكر المستنير. وعلى هامش انطلاق فعاليات الندوة العلمية الدولية بعنوان “الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وقضايا تجديد الفكر الديني وتحديث المجتمعات الاسلامية” أدلى محمد العزيز بن عاشور المدير العالم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” ل”أخبار تونس” بتصريح ذكر فيه بالثناء على الرئيس زين العابدين بن علي الذي تفضل بإعطاء الاذن بالاحتفاء بمائوية العلامة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وبوضعه للندوة العلمية تحت سامي إشرافه وهي ندوة من شأنها التعريف بمساهمات الشيخ المرحوم في عدة مجالات من العلوم الدينية والشرعية وفي الحث على الاجتهاد إضافة الى دوره الريادي في الحياة الاجتماعية والنضالية في البلاد التونسية.