“كان ياما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان...” بهذه العبارات تبدأ الجدة قصتها لتروي لأحفادها مغامرات “علي ولد السلطان وامي سيسي وسبعة صبايا في قصبايا اطيح الليل وناكلهم” وغيرها من القصص المشوقة التي ينسجها خيال الجدة الواسع لتبقى محفورة في ذاكرة أحفادها ويقع تداولها جيل بعد جيل.وتدخل خرافة “مماتي” احدى تسميات الجدة التي تختلف من جهة الى أخرى ضمن الموروث الشفاهي الذي اثرته الجدة بما جادت به قريحتها من مواعظ وعبر وامثال عملت على تمريرها من خلال سردها لاحداث الحكاية التي تعد من وسائل التنشئة الاجتماعية. ويطالعنا اليوم اثر لخرفات الجدة في كتاب من تأليف بشرى بن حسن يحمل عنوان (20 قصة مدهشة) استلهمت الكاتبة 10 قصص منها من خرافات جدتها ايام صغرها هذه الخرفات التي قالت عنها الكاتبة انها كانت سبب ولعها بعالم الرواية. وحسب ماورد في اتفاقية منظمة “اليونسكو” لسنة 2003 تصنف خرافات الجدة ضمن الموروث الثقافي اللامادي. وتحرص بلادنا على المحافظة على هذا الموروث الذي تتناقله الاجيال بصفة متواترة ويشكل الشهادة الثابتة على الهوية الجماعية. واعترافا بالجميل لهذه الجدة الرائعة ارتأت تونس تخصيص يوم للاحتفال بها وذلك منذ السنة الماضية وهذا اليوم يوافق كل اول احد من شهر مارس فيحتفل الأبناء والآباء والأمهات بعيد الجدة بما يعزز الروابط العاطفية بين مختلف الاجيال ويقوى صلة الرحم ويثرى الزاد المعرفي والاجتماعي داخل الاسرة والمجتمع.