يعتبر المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية من المدارس الفنية البارزة في تاريخ الثقافة التونسية والعربية المختصة اذ انه يضطلع بدور هام في المحافظة على المالوف ونشره وتعليمه مع العمل على إحداث أنماط موسيقية جديدة. كما يشكل المعهد الرشيدى الذي تأسس في 3 نوفمبر 1934 مؤسسة مرجعية للموسيقى التونسية الأصيلة حرص الرئيس زين العابدين بن علي على إعادة الاعتبار لها صيانة للتراث الوطني الموسيقي والغنائي وإحياء له. ومن هذا المنطلق يجرى العمل في صلب هذا المعهد على مزيد العناية بهذا التراث وبالتحديد بالمالوف الذي يمثل احد مكونات الهوية الوطنية والموروث الحضاري الذي يتم الحرص على نقله الى الأجيال القادمة بكل حذق وأمانة وعلى إشعاعه في الداخل والخارج . ويحتل المالوف مكانة بارزة في التعليم الموسيقي في تونس وذلك بالتركيز على الجانب اللحني بتدريس جملة من طبوع المالوف على غرار المزموم والسيكاه والحسين . أما التعليم المختص الذي يفضي الى أستاذية الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى أو الى إعداد التلاميذ لاجتياز الامتحان الوطني لديبلوم الموسيقى العربية فهو يعتمد في جانب كبير منه على المالوف التونسي في مختلف الاختصاصات والمواد المدرسة كالإيقاعات والمقامات والغناء والإملاء والقراءة الغنائية أو المقامية. ولا يمكن في هذا المجال إغفال الدور الايجابي الذي يلعبه المعهد الرشيدي في تعليم المالوف للأجيال الجديدة من المختصين والمولعين بهذا الفن الذي جرى تدوينه بعد سنوات قليلة من تأسيس المعهد الرشيدي إذ قام الأستاذ محمد التريكي بترقيم نوباته. وواصل العمل فيما بعد الأستاذ صالح المهدى من حيث طبع نشريات المالوف الذي يتكون من مجموعة من النوبات التي تسمى بأسماء الطبوع الملحنة فيها وعددها ثلاثة عشر نوبة منها الذيل والسيكاه والحسين و المايه والمزموم والرمل. ويرجع تاريخ تركيبة نوبات المالوف حسب المختصين الى القرن الثالث عشر ميلادي وتتكون النوبة الكاملة للغناء في بلدان المغرب العربي من نشيد واستهلال وعمل ومحرك وموشحة وزجل . وتتفق هذه الأقسام في جلها مع المراسم التي وضعها للغناء أبو الحسن علي ابن نافع الملقب بزرياب وهو أشهر موسيقي أندلسي توفى نحو سنة 845 ميلادي. وكانت فرقة المالوف قديما تضم غالبا أربعة عازفين ومنشدا أو أكثر وهم عازفون على آلات العود التونسي والرباب و الطار و النغارات ثم تطور هذا العدد مع دخول آلات الكمنجة والفيولنسال والكنترباص مع تراجع في استعمال آلة الرباب والعود العربي الذي اشتهر بالعزف عليه الفنان الطاهر غرسة ثم ابنه زياد الذي اخذ عليه هذا الاختصاص وهو يشغل حاليا خطة المدير الفني وقائد فرقة الرشيدية.