شكلت العلاقات التونسية الأوروبية والسبل الكفيلة بدعمها في إطار منطقة التبادل الحر التي ستشمل قريبا قطاعي الفلاحة والخدمات محور ملتقى نظمته اليوم الاثنين بتونس مجلة “الاقتصادي المغاربي” بالتعاون مع سفارة فرنسا وبعثة المفوضية الأوروبية بتونس. وشكل الملتقى مناسبة لتعميق التفكير حول المفاوضات الجارية حول تحرير الاستثمار والخدمات والفلاحة والتي ستشكل فرصة بالنسبة لتونس لتصبح أول شريك يقيم منطقة للتبادل الحر الكلي مع الاتحاد الأوربي في أفق 2010 . وفيما يتعلق بتحرير مبادلات المنتوجات الفلاحية مع أوروبا ابرز السيد عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية أهم مؤشرات القطاع الذي يعتبر “القطاع الأساسي” بالنسبة للاقتصاد التونسي باعتباره يساهم بنسبة 16 بالمائة في مواطن الشغل ويمثل 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي كما تمثل الاستثمارات الفلاحية 9 بالمائة من الاستثمارات الجملية للبلاد. وأكد أن الاستعداد الأمثل لتحرير المبادلات الفلاحية يستدعي تثمين المنتوجات الفلاحية المحلية وضمان الأمن الغذائي ذلك أن “الانفتاح لا يجب أن يضر بالمكاسب الوطنية” مضيفا أن برنامجا يمتد على الفترة 2009- 2011 تم وضعه ويرمي الى الرفع في عدد المستغلات الفلاحية الى 2000 مستغلة من مجموع 14 ألف مستغلة. وابرز انه رغم ما توفره السوق الأوروبية ذات 500 مليون ساكن من آفاق واسعة أمام الصادرات الفلاحية والصناعات الغذائية والصيد البحري فان ملازمة الحذر تبقى ضرورية خاصة وان هذا التحرير يهم منتوجات أساسية وذات أبعاد الاجتماعية. وشدد على ضرورة أن يكون الاتحاد الأوروبي منصتا لبلد كان أول من وقع معه اتفاق شراكة سنة 1995 وتمكينه من الآليات المصاحبة الضرورية للمضي قدما على درب التحرير. وابرز السيد سيرج دوغالي سفير فرنسابتونس أن اتفاقية الشراكة مع تونس قد ساهمت في مضاعفة المبادلات التجارية بين الجانبين بأربع مرات مع تحقيق فائض لفائدة تونس. كما بلغت المساعدات المالية الأوروبية الموجهة الى تونس منذ سنة 1995 حوالي 100 مليون يورو في شكل هبات وبين 250 و300 مليون يور في شكل قروض. ولاحظ أن الطلب الذي تقدمت به تونس في 11 نوفمبر 2008 بمناسبة اجتماع مجلس الشراكة والرامي الى تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سيؤسس لمرحلة جديدة يتم خلالها تحرير قطاعات الخدمات والفلاحة والاستثمار والتي يتم التفاوض بشأنها حاليا. ولدى حديثه عن الإرادة التي تحدو تونس لدعم التعاون مع أوروبا رغم الأزمة المالية العالمية أوصى السيد سيرج دوغالي بجعل موقف تونس الايجابي من هذه الأزمة وجهودها التعديلية “محرك للتعاون المشترك”. وأفاد السيد الهادي الجيلاني رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن تونس التي راهنت على الموارد البشرية والتكوين تعول في سياستها المستقبلية على استقطاب رؤوس الأموال الأوروبية والدولية. وأشار الى الصعوبات التي يتم تسجيلها ولا سيما على مستوى تنقل الأشخاص مشيرا أن تونس لها موقع متميز في هذا المجال حيث بادر الاتحاد الأوروبي بصياغة تأشيرة طويلة المدى لفائدة الباعثين الاقتصاديين. وذكر بضرورة التقليص من الفارق بين بلدان ضفتي المتوسط مشيرا الى ضرورة إطلاق حوار واضح بين مختلف الأطراف المعنية قصد إنجاح التعاون والشراكة على مستوى “الاوروماد“. وبين السيد مينغاريلي المدير العام المساعد للعلاقات الخارجية في المفوضية الأوروبية الدور الهام لتونس في إرساء علاقات الشراكة الأورومتوسطية مشيرا الى ضرورة تعميق التفكير حول سبل تحسين اندماج تونس في الاتحاد الأوروبي بفضل تقريب التشريعات وحذف الحواجز غير القمرقية. فالأمر يتعلق بتحقيق مزيد من التقدم في مجال تنقل الأشخاص والاندماج الإقليمي على غرار الاتحاد المغاربي وما يكلف عدم قيامه لبلدان المنطقة. وبين أن القرار بتوسيع الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي من المؤكد لا يمكن أن تكون مفيدة رغم الأزمة المالية العالمية. فمن الضروري وضع إطار اجتماعي يقوم بدور “ممتص الكدمات” لضمان سير جيد للتفاوض بشان التحرير الكامل للمبادلات. وفي ما يتعلق بالخدمات بين السيد شكري مامغلي كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية أن الخدمات تساهم بنسبة 60 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي. فالمداخيل السياحية التي تقدر ب3 مليار دينار تمكن لوحدها من تغطية 60 بالمائة من عجز المبادلات التجارية بالإضافة الى المكانة التي تحتلها قطاعات تكنولوجيات الاتصال والإعلام والنقل. وبين أن تونس ستضع الآليات الضرورية للنجاح في عملية تحرير قطاع الخدمات مذكرا ببرامج التأهيل التي شملت بالخصوص قطاع السياحة والخدمات المرتبطة بالصناعة والنقل والقطاع المالي. وأكد أن الأمر يتعلق اليوم بالاعتراف المتبادل بالشهادات العليا التي سيتم التفاوض بشأنها في الإطار الثنائي. واستعرض المشاركون في الجلسة التي خصصت لتحرير قطاعي الخدمات والفلاحة الجهود التي تبذلها تونس والتي ترمي الى مواكبة التشاريع الأوروبية وضرورة أن يتم الأخذ في عين الاعتبار مصلحة مختلف الأطراف في توسعة إطار الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي.