«دربي» العاصمة كان وفيا لعاداته وعادات كل دربيات العالم تقريبا من حيث الحضور الجماهيري والاحتفالات التي ترافق مثل هذه المقابلات وكان وفيا كذلك لهذه النوعية من المقابلات لأنه عادة ما يغيب المستوى الخارق للعادة ويحضر الحذر من الجانبين ويطغى التخطيط على المقابلة و»الحسابات» والتفكير في التصدي للمنافس قبل كل شيء. أما بالمقارنة مع مقابلات الفريقين في السنوات الفارطة فيمكن القول أن هناك العديد من الأشياء التي تغيرت ربما في موازين القوى ذلك أنه منذ سنوات عديدة لم نشاهد الإفريقي يؤمن بحظوظه مثل هذه المقابلة إذ بدا الإفريقي غير راض بالتعادل وغضب لاعبوه بعد الإعلان عن نهاية اللقاء كما تمكن فريق باب الجديد من السيطرة على نصف اللقاء الأول وهذا يحدث لأول مرة كذلك منذ سنوات أمام جاره الترجي وخلق عديد الفرص واللعب الهجومي. بالنسبة إلى الجانب الفني فقد عول مدرب الترجي وذلك لأول مرة بالنسبة إلى فريق باب سويقة على ثلاثي في وسط الميدان لهم نزعة دفاعية (المناري وزعيم وكريم غازي) وفضل بذلك هذا الأخير على دياكي الذي له نزعة هجومية وأعتقد أن مدرب الترجي خير هذه الطريقة لأنه يعلم أن فريقه أجرى لقاء صعبا في وسط الأسبوع أمام النادي الصفاقسي وكان يفكر في مجاراة اللقاء والمنافس ثم إقحام دياكي بعد ذلك أي بعد أن يكون ادخر مجهوداته في الشوط الأول وأرهق منافسه أيضا وهو ما حصل فعلا. من جهة أخرى فضل الإفريقي التعويل على طارق سالم بجانب الخلفاوي في وسط الميدان حتى يمد اللاعبان يد المساعدة إلى المهاجمين ولكن هذه الطريقة رغم قيمتها ورغم أنها تدل بصفة قاطعة أن الإفريقي قبل اللقاء كا يؤمن أنه أفضل من منافسه على الأقل على الورق بقدر ما وجدت بعض الصعوبات لأن ثلاثي الترجي في وسط الميدان الدفاعي أرهق وسط ميدان الإفريقي وجعله يبذل مجهودات مضاعفة. الحل من الأروقة لأن منطقة الوسط كانت مغلقة لم تبق حلول كثيرة أمام الفريقين وخاصة الإفريقي الذي كان مهاجما في الشوط الأول وكان على الزواوي اختيار اللعب على الأروقة وهو ما جهز له لاعبيه فعلا لذلك وجدنا من الرواق الأيمن خاصة وسام يحيى وأمامه الميساوي وأحيانا الخلفاوي وكانت كل عمليات الإفريقي من هذا الجانب (هدف وفرصة محققة) وفرصة واحدة من الجهة اليسرى بمجهود فردي من السليتي. ويلدغ الإفريقي من «الجحر» مرات عديدة كل المؤشرات كانت توحي (وهذا ما أكد عليه مدرب الإفريقي وكذلك اللاعبون السابقون المحايصي مثلا) أن خطورة الترجي تكمن في الكرات الثابتة ورغم أن الترجي تحصل على الركنية الأولى بعد نصف ساعة كاملة فإن هذه الركنية حملت الهدف الأول الذي حمل بدوره توقيع المالكي المتعود على التسجيل في نفس الملعب وأمام الفرق الكبرى. ويذكر أن الإفريقي كثيرا ما قبل أهدافا بعد كرات ثابتة من الترجي ومن منافسين آخرين (آخرها أمام والدان الغمبي في كأس إفريقيا هدفان بعد كرتين ثابتتين). توقعات ا لزواوي طوال فترة التحضيرات كان الزواوي يطالب لاعبيه بالسرعة في الأداء ويؤكد على المهاجمين بضرورة طلب الكرة في ظهر المنافس لأن دفاع الترجي قوي في الكرات الفضائية لكن يمكن مغالطته بالكرات القصيرة والبينية وبعد هدف الترجي جاء هدف الإفريقي بهذه الطريقة فعلا إذ تسرب الميساوي بين الظهير الأيسر وقلب الدفاع ومرر إلى السليتي الذي كان طليقا وهذه هي العمليات التي جهز لها الزواوي أبناءه لكن تكتل الترجي وسط ميدانه الدفاعي هو الذي منع لاعبي الإفريقي (طارق سالم خاصة من التمرير إلى المهاجمين) عموما توقعات الزواوي كانت في محلها لكن اعتماد الترجي على خماسي في وسط الميدان هو الذي صعب المهمة كثيرا. رغم أن الإفريقي نجح في تعديل النتيجة في وقت ممتاز أي مباشرة قبل العودة إلى حجرات الملابس. عوائق ذهنية عند انطلاق الشوط الثاني واصل الإفريقي لعبه الهجومي وبدا جليا أن اللاعبين استفادوا من هدف التعادل على مستوى المعنويات وتحصل فريق باب الجديد على فرصتين واضحتين واحدة أقصي على إثرها حارس الترجي تيزي وأخرى سدد على إثرها السليتي فوق المرمى بكثير وبعد النقص العددي في صفوف الترجي عجز الإفريقي عن فرض سيطرته وغابت الفرص والأسباب حسب الزواوي هي أسباب ذهنية لأن اللاعبين اعتقدوا بعد إقصاء تيزي أن المهمة أضحت سهلة. الترجي أفضل بالنقص العددي أما بالنسبة للترجي فقد كان مردوده أفضل بالنقص العددي رغم أنه لم يتحصل على فرص واضحة هو الآخر لكنه نجح في غلق كل المنافذ والسيطرة على منطقة الوسط وكأن اللاعبين أحسوا أنهم أصبحوا مطالبين بمضاعفة الجهد كما أنهم استفادوا من ادخار المجهودات إلى نهاية المقابلة عكس الإفريقي الذي استنفذ تقريبا كل طاقته كما أن لاعبيه لم يستطيعوا تجاوز خبرة لاعبي الترجي الذين عرفوا كيف يحتفظون بالكرة والحصول على مخالفات وإضاعة الوقت بخبرة السويح وبدرة والجعايدي والمالكي. وسام يحي نجم قادم على مهل اللاعب الشاب وسام يحيى الذي يلعب في أكثر من مركز كان أحد أفضل اللاعبين في اللقاء إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق هو لاعب قادم على مهل ونجاحه مضمون ليس بالنظر إلى زاده الكروي فقط بل بالنظر كذلك إلى زاده الأخلاقي... هو أيضا لاعب متكامل ويلعب في كل المراكز تقريبا وقد أثنى عليه كل الحاضرين. المقابلة في لقطات موضة الأحذية الزرقاء : في دربي الإفريقي لاحظنا موضة الأحذية الزرقاء وتميز بهذه الأحذية ؟؟ السليتي ورحومة من الإفريقي والحرباوي وجمعة من الترجي. لوم شيبوب بمجرد إعلان الحكم عن نهاية ا لشوط الأول تحول رئيس الترجي مباشرة إلى اللاعب زياد البحايري ولامه لأنه لم يراقب الميساوي جيدا في عملية هدف الإفريقي. الميساوي يتساءل قبل نهاية المقابلة طلب الزواوي من الميساوي مغادرة الميدان لأنه سيقحم مكانه الشاب أنيس القروي، الميساوي تساءل عن سبب التغيير وبقي ينظر إلى زملائه وغادر الميدان بشيء من البطء. تشنج فولون مدرب الترجي فولون كان متشنجا طوال اللقاء ويطالب لاعبيه بالتقدم وأحيانا بفرض الضغط وأحيانا أخرى بتغيير وجهة اللعب من اليسار إلى اليمين. دقائق ساخنة دق2 : كرة من المولهي إلى الميساوي الذي راوغ بدرة وصوب لكن تيزي تدخل في مناسبتين. دق6 : الحرباوي يصوب بعد تمريرة من المالكي وعزيز يتدخل. دق 11 : المولهي ينفذ مخالفة والكرة تعود من الدفاع أمام السليتي لكن الكرة مرت بجانب القائم بقليل. دق 19 : عمل ممتاز من السليتي من ا لجهة اليسرى وبعد المراوغة مرر خلفية إلى طارق سالم لكن الدفاع يتدخل ويبعد الكرة. دق 31 : ركنية نفذت بشكل ثنائي والمالكي يتلقى توزيعة من السويح ويسجل الهدف الأول وسط بهتة الدفاع. دق 45 : وسام يحيى يمرر إلى الميساوي الذي توغل ووزع في اتجاه السليتي الذي لم يجد صعوبة في تعديل النتيجة. دق 55 : وسام يحيى يوزع وسط دفاع الترجي والسليتي فوق الجميع لكن تصويبته الرأسية فوق المرمى. دق 59 : المالكي يتسرب من الجهة اليمنى ويوزع لكن وسام يحيى يضع الكرة في الركنية. دق 65 : توري يوزع والميساوي يجد نفسه وجها لوجه لكن تيزي يتصدى بيده خارج مناطق الجزاء فيقصيه الحكم. د 70 : تمريرة أخرى من توري إلي السليتي هذه المرة ورغم أنه كان طليقا وروض بالصدر بطريقة جيدة فإن تصويبته كانت بعيدة جدا عن المرمى. *قالوا عن اللقاء يوسف الزواوي الإفريقي لعب بطريقة جيدة وسيطرنا على المنافس خاصة في الشوط الأول لأنه لم يتحصل على أي فرصة والترجي الذي يعتبر فريقا هجوميا ويتحصل على عديد الفرص تحصل على أول ركنية في الدقيقة 32 لكن للأسف سجل بفضلها الهدف الأول. عدنا في النتيجة وسجلنا التعادل في وقت ممتاز وكان بالإمكان تسجيل هدف الاطمئنان لكن السليتي أهدر الفرصة. بعد الإقصاء تحسن أداء المنافس وتراجع مستوى أبنائي وهذا يعود إلى أسباب ذهنية بالدرجة الأولى لأنهم اعتقدوا أن المهمة ستكون أسهل. في هذا الدربي هناك العديد من الأشياء تغيرت إذ أصبح الإفريقي لا يرضيه التعادل وهذا هام جدا للمعنويات الترجي ليس فريقا عاديا ولاعبوه أصحاب خبرة. التعادل لم يرضينا لكنه أكد أن الإفريقي يتحسن. أوسكار فولون فضلت التعويل على ثلاثي في وسط ا لميدان الدفاعي ويعود ذلك إلى إمكانات المنافس وكذلك لأننا لعبنا مقابلة صعبة في وسط الأسبوع أمام النادي الصفاقسي... كما أنه تنتظرنا مقابلة صعبة في نهاية الأسبوع الحالي في كأس إفريقيا لذلك لم أعول على أيوبا لأن الحرباوي سيتغيب عن اللقاء الإفريقي. لقاء الترجي والإفريقي كان مثل كل دربيات العالم حيث يكون الجمهور هو الذي يصنع الحدث وكان جمهور الفريقين رائعا. بعد الورقة الحمراء كان أبنائي مطالبين بمضاعفة الجهد حتى يتحكموا في وسط الميدان وأشكرهم على ذلك النتيجة اعتبرها إيجابية لأنها جعلتنا نحافظ على نفس الفارق وأشعر بالرضا على المردود بالنظر إلى مجريات اللقاء. * فرج الفجاري ----------------------------------- للأرشيف ملعب رادس : 9 ماي 2004 جمهور غفير حوالي 50 ألف مشاهد مقابلة الإفريقي والترجي لقاء الإياب النتيجة (11) أهداف المالكي والسليتي تحكيم فرنسي : أريك بولاط بمساعدة دانيال باكينيا وفليب باهاك. تشكيلة الفريقين : النادي الإفريقي : عزيز يحي رحومة المكشر السعيدي توري المولهي الخلفاوي (الزعلاني) سالم (التوجاني) المسياوي (القروي) السليتي. الترجي : تيزي القيزاني البحايري الجعايدي بدرة المناري غازي (دياكي) زعيم (الرتولي) السويح المالكي الحرباوي (جمعة). الإنذارات : عصام التوجاني (الإفريقي) البحايري (الترجي). الإقصاءات : جان جاك تيزي (الترجي).