أحيل أمس امام الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس ثلاثة متهمين من بينهم امرأة لاتهامها بقتل نفس بشرية عن غير قصد، ومشاركيها باخفاء اداة الجريمة. وحسب وقائع القضية التي راحت ضحيتها امرأة نتيجة اصابتها بطلق ناري، فان المتهمة وهي فتاة في الثلاثينات من العمر متزوجة حديثا عند ارتكاب الجريمة، كانت على علاقة متطورة بالهالكة التي تعاملها كإحدى بناتها، وكانتا تترددان على بعضهما في كل مناسبة او دونها وتؤديان الزيارات المتكررة لبعضهما، حتى أن الهالكة هي التي كانت وراء تعرف قاتلتها على شاب أصبح زوجا لها لاحقا، الا انه يوم الواقعة، أدّت المتهمة زيارة الى منزل صديقتها، وبعد ان تناولتا الافطار اتفقتا على التوجه الى منزل الاولى وقبل ذلك حطّ نظر القاتلة على بندقية صيد، فأرادت تفحصها الا ان صديقتها اخبرتها بانها قديمة وفارغة من الرصاص وأنها موضوعة للزينة لا غير، فحاولت الفتاة تجريبها، فوجهت الفوهة نحو الهالكة وضغطت على الزناد الا ان الامر لم يكن كما توقعت، اذ انطلقت طلقة نارية لتصيب الهالكة فتسقطها ارضا وتكون نهايتها غير المنتظرة. فزعت الجانية، ولم تجد من حل غير اعلام قريبين لها، فحلاّ بالمكان، وقاما بنقل جثة الهالكة الى غير مكان وفاتها وقاما باخفاء اداة الجريمة وهي البندقية، تحت فراش النوم، ثم اخبرا الاجوار والاقارب بأن سبب وفاة المجني عليها هو إصابتها بصعقة كهربائية. اثر ذلك توجهت الجانية الى مركز الامن واخبرت بما جرى وروت لهم تفاصيل الواقعة، فتم ابلاغ ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بالموضوع فأذن بفتح محضر تحقيقي، وتمت معاينة الجثة في مسرح الجريمة ونقلها الى مخابر تحاليل الطب الشرعي كما تم حجز أداة الجريمة اذ تبين انها دون رخصة. وباستنطاق المتهمة اعادت سرد الوقائع كما حصلت، وتمسكت بعدم علمها بوجود خراطيش بالبندقية وصرحت بأنها لم تكن تقصد ما ارتكبت وان الهالكة من اقرب صديقاتها، كما تم استنطاق المتهمين الآخرين اذ أفاد كل منهما بانه لم يكن يقصد اخفاء البندقية باعتبارها اداة جريمة، وانما لانها دون رخصة قانونية، ونفى كل منهما علمه بوقائع القتل. وبعد انهاء الابحاث في شأن المتهمين الثلاثة احيلوا جميعا على قاضي التحقيق بابتدائية العاصمة حيث تمسك كل منهم بأقواله التي كان قد أدلى بها لدى باحث البداية، فقررت اثر ذلك النيابة العمومية الافراج عن المتهمين فيما تم الاحتفاظ بالمتهمة الرئيسية التي صدرت في شأنها بطاقة ايداع بالسجن الى حين احالتها على احدى الدوائر القضائية المختصة ورأى قاضي التحقيق ان يوجه لها تهمة القتل غير العمد على معنى أحكام الفصل 217 من المجلة الجنائية الذي ينص على أن «القتل غير عمد الواقع او المتسبب عن تصور او عدم احتياط او اهمال او عدم تنبه او عدم مراعاة القوانين يعاقب مرتكبه بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها ثلاثة آلاف فرنك» فيما وجهت للمتهمين الآخرين تهمة اخفاء أداة جريمة. وقرر قاضي التحقيق احالتهم جميعا كل حسب الحالة التي هو عليها على الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس، ومثلوا أمس جميعهم حيث تمسك كل متهم بالاقوال المسجلة عليه سواء أمام باحث البداية او لدى قلم التحقيق، اذ أكدت المتهمة الاولى انها فقدت أقرب صديقاتها نتيجة خطأ لم تقدر نتائجه وأضافت بان الهالكة ابلغتها بأن البندقية خالية من الرصاص، فيما أكد المتهمان الثاني والثالث انهما أخفيا السلاح لاعتقادهما بانه دون رخصة وانهما لم يخفياه باعتباره أداة جريمة. لسان الدفاع تمسك بأقوال المتهمين وطلب التخفيف قدر الامكان القانوني على المتهمة الاولى معتبرا ان ما جرى يدخل في اطار القضاء والقدر فيما طلب القضاء بعدم سماع الدعوى في خصوص المتهمين الثاني والثالث، الا ان القائم بالحق الشخصي طالب التأخير لتقديم المطالب المدنية وطلبت النيابة العمومية المحاكمة وتطبيق القانون فقررت المحكمة في الختام تأخير النظر في القضية للتصريح بالحكم في جلسة يوم 26 ماي الجاري لتمكين القائم بالحق الشخصي في حق ورثة الهالكة بتقديم مطالبه المدنية.