هناك ثلاثة معالم ينبغي ان تتوفر في البيت المسلم هي: السكنية والمودة والتراحم ونعني بالسكينة: الاستقرار النفسي، فتكون الزوجة قرة عين لزوجها، لا يعدوها الى أخرى، كما يكون الزوج قرة عين لامرأته لا تفكر في غيره. أما المودة: فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضاء والسعادة... ويجيء دور الرحمة: لنعلم ان هذه الصفة أساس الاخلاق العظيمة في الرجال والنساء على حد سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه: «فبما رحمة من الله لنْت لهم ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك» (آل عمران 159). وليست الرحمة لونا من الشفقة العارضة، وإنما هي نبع للرقة الدائمة ودماثة الخلق وشرف السيرة. وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والود المتصل، والتراحم الحاني فإن الزواج يكون أشرف النعم، وأبركها أثرا. إذا فمعادلة استقرار البيوت واستمرارها راسخة لا تتأثر بريح عاتية ولا تتزعزع لظروف مفاجئة تهز البنيان وتعود الاركان مبناها على امرين اثنين هما: التفاهم والحب، والحب هو سبيل التفاهم. والتفاهم ينشأ من حسن الاختيار والتجاوب النفسي والتوافق بين الرجل والمرأة في الطباع والاتفاق بشأن الاولاد والانفاق والتجاوب في العلاقة الجنسية. أما الحب فهو ذلك الميل القلبي نحو الزوج او الزوجة، حيث إن الله فطر الرجل والمرأة على ميل كل منهما إلى الآخر وعلى الأنس به والاطمئنان إليه، ولذا منّ الله على عباده بذلك فقال: «ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك الايات لقوم يتفكّرون» (الروم 21). وهذا الميل الفطري والأنس الطبيعي مجراه الطبيعي هو الزواج، وهذه هي العلاقة الصحيحة التي شرعها الله بين الرجل والمرأة، فمن أحب زوجته وعاشرها بالمعروف سيرجى ان تكون لها ذرية صالحة تنشأ في دفء العلاقة الحميمة بين أبوين متحابين متراحمين، وهكذا يفرز لنا الحب أسرا قوية البنيان لتفرز لنا هي الاخرى مجتمعا متين الاركان. وهذا هو الحب في الاسلام بين الرجل والمرأة انه حب عفيف لا ريبة فيه ولا دغل، حب يخدم الاسرة والمجتمع والأمة. نسيان الواجب وإذا كانت البيوت تبنى على الحب فإن دمارها يبدأ من جفاف المشاعر، ومع أن الاسرة في عصرنا الحاضر قد تعيش في بحبوحة من العيش، تملك الكثير من متاع الدنيا، لكنها تبحث عن السعادة فلا تجدها، والسبب في ذلك أن المشاعر قد جفت وانحسرت، وأصبحت هشيما، هذه العلاقة أصبحت كجسد لا روح فيه توشك ان تنقضي وتقع وتنهار، والجميع يعرف حقوقه ولكنه دائما ما ينسى تماما واجباته. ومع زحمة الحياة وتصارع وتيرة الهموم والاهداف والطموح قد ينسى الزوج او تنسى الزوجة أهمية رعاية شجرة الحب بينهما وقد يظنا ان العلاقة بينهما قوية ومتينة وأن الحب راسخ، ومع مرور الايام تضعف الشجرة وتصبح عرضة لأي ريح عاصفة تسقطها وتدمرها وينهار البيت والسبب هو جفاف المشاعر. والحفاظ على المشاعر والعلاقة العاطفية غضة طرية ندية، ليس معناه أن لا يختلف الرجل مع زوجه أبدا، ومن هو الذي خلا من الاخطاء والعيوب، ولكن هناك فرقا بين العتاب وتصحيح الخطأ، وبين القسوة وجفاف المشاعر، وكلنا ذوو خطأ ولكن يبقى الحب وتبقى المشاعر. ويجب أن نفرق بين الخطأ وبين الشخص الذي اخطأ وهناك قاعدة تقول: «فرق بين الفعل والفاعل» فالفاعل زوجي وحبيبي، والفعل تصرف خاطئ، وهذه القاعدة الجليلة هي احدى طرق السعادة والتغيير الفعال وحسن الاتصال. ويجب على كل من الزوجين التغاضي عن بعض ما لا يحب ان يراه في الاخر، ويضع كلاهما في حسبَانه انه اذا كره في الاخر صفة فلابد ان تكون فيه صفة أخرى تشفع له. وهذا هو بعينه ما أشار اليه الرسول ص حين قال: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر» (أخرجه مسلم وغيره).