ليفربول يعلن رسميا خليفة كلوب    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    رئيس الاتحاد يشرف على اختتام الصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    تحويل ظرفي لحركة المرور على مستوى جسري الجمهورية والقرش الأكبر    مطالبة بتوفير 10 مليارات وحصد التتويجات: هيئة «السي. آس. آس» تحت الضّغط    الدّورة الثّالثة لمؤتمر مستقبل الطّيران المدني: وزيرة التّجهيز تقدّم رؤية تونس في مجال الطّيران المدني في أفق 2040    الثلاثاء: حالة الطّقس ودرجات الحرارة    المسابقة العالميّة الكبرى لجودة زيت الزيتون بنيويورك 26 ميداليّة لتونس    ما هي الدول التي أعلنت الحداد العام على رئيسي ومرافقيه؟    المهدية .. الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    سجن سنية الدهماني .. يتواصل    مع الشروق .. إدانة... بنصف الحقيقة    القيروان: انتشال جثة إمرأة من قاع فسقية ماء بجلولة    رقم مفزع/ من 27 جنسية: هذا عدد الأفارقة المتواجدين في تونس..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    الليلة: سحب عابرة ورياح قوية والحرارة تتراوح بين 16 و26 درجة    عاجل: وسائل إعلام رسمية: انتخابات الرئاسة في إيران ستجرى في 28 جوان    فقدان 23 تونسيا في'حَرْقة': ايقاف 5 متهمين من بينهم والدة المنظّم واحد المفقودين    مدير عام ديوان تربية الماشية: النحل يساهم في ثلث غذاء الإنسان    بنزرت تستعد لاستقبال أبناء الجالية المقيمين بالخارج    والي بن عروس: فخور ب"دخلة" جماهير الترجي وأحييهم ب"عاطفة جيّاشة"    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    النادي الصفاقسي : اصابة وضّاح الزّايدي تتطلب راحة باسبوعين    إضراب عن العمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالمظيلة    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    وزارة التربية: هذه هي الانشطة المسموح بها بالمؤسسات التربوية خارج أوقات التدريس    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    كيف قتل "رئيسي"..خطأ تقني أم ضباب أم حادث مدبر..؟    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    وزارة التشغيل تمدّد في آجال التسجيل في برنامج مساندة المؤسسات الصغرى المتعثرة إلى غاية يوم 16 جوان القادم    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني..من هو ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... وهل من خصوصيات لقلق المرأة في هذا العصر ؟
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

إن ما تعانيه المرأة بنتا كانت أو زوجة أو أمّا من الضغط النفسي ومن القلق الدائم وعدم وضوح الرؤيا والشك في المستقبل لهو من أصعب ما يمكن أن يكون على المرء إدراكه في هذه الايام المدلهمّة الي تمر بها. ولعله كما يقال عادة: الكشف عن الداء أقرب طريق الى الدواء... من يدري؟
تبدأ رحلة العذاب أو قل رحلة القلق الخاص بالمرأة مع بداية بلوغها سن الخصوبة التي تأخذ أثناءها في التحول التدريجي من الطفلة الساذجة البريئة الى الفتاة الكاملة الانوثة وعندئذ يدخل في وعيها بطريقة شعورية أو لا شعورية بأن جسدها يدعوها الى النضال من أجل مطالبة العالم بحقها الطبيعي في الجنس وتلبية حاجتها ورغبتها منه وأن «لجسدها عليها حقا»، لكن هيهات أن يسمح لها المجتمع بذلك بسهولة فيحيق بها الامر وتركن حينئذ للفشل وتشعر بالهزيمة وتختزن بالتالي القلق الكبير الذي يفضي بها لاحقا الى سلوكيات عديدة يصعب فهمها والوقوف على دلالاتها ومعانيها.
تقول ربيعة ريحان في لغة شعرية حزينة ومعبرة عن الحيرة التي تنتاب المرأة (الفتاة) عندما تهم بقول شيء عن حالتها تلك: «سأتعلم سر ابتداع المراوغات وقهر الاشتعالات والقلق الموشى باندلاع الوله وأحبك الاستعارات الفظة أخبئ الكلام في الكلام لحظة تنشرح فيها صفحة البراءة إذ يتدبر ما حولي بدسّ شبهة الظنون والخواطر والادراك ويجعلني لا أستطيع أن أقول ما ينبغي أن يقال... وحدها مغازلة الحرف تظل الولع المشروع على بوابة الروح تخطيطا وقراءة حيث تضيق الفضاءات ويتوارى التوق والانعطاف خلف مدينتي الممهورة بلجاجة إرث الماضي وأصفاده المتينة، بعنجهيته وقسوته، بتسلطه الذي يتوالد في كل مرفق حي، في البيت، في المدرسة، في الشارع»... وغيرها من فضاءات المحيط الذي تعيش فيه طبعا وضرورة.
تكتشف المرأة حينئذ أن لها كنزا ثمينا، مخزونا ضخما للشعور بالسعادة لكنها محرومة من حق التصرف فيه بكامل حريتها. وتكتشف أيضا أن التقاليد والعادات الثقافية والاخلاقية (وحتى القوانين أحيانا) تقوم عوائق دون تحقيق ذلك بسهولة ويزداد الامر تعقيدا عندما تعرف وهي تتعلم وتتثقف أن هذا الجنس أو (الليبيدو) كما يسميه فرويد هو المؤسس والمحدد بشكل أو بآخر لكل هذه القيم والاعتبارات الثقافية والاخلاقية في المجتمع الذي لا يكون مجتمعا بحق متماسكا ومتكاملا إلا بواسطتها هذه (الروابط) والقيود التي ندعوها قيما وأخلاقا وبالتالي فلا حل لقضيتها هذه إلا في (الزواج): «المؤسسة الاجتماعية الشرعية والمشروعة التي يعترف بها الناس»، لكن هيهات أيضا من تحقيق ذلك اليوم بسهولة إذ لم يعد الزواج ممكنا ويسيرا في هذه الظروف الصعبة من هذا العصر لا بالنسبة للمرأة ولا بالنسبة للرجل وبالتالي فلا مفر لها من الخضوع للكبت وقمع الغرائز والتعويض عن ذلك (ولو مؤقتا) بعمل أي شيء كالانصراف الى طلب العلم كما تفعل عادة أغلب البنات (بنات الكليات خاصة) أو الانشغال بالرياضة أو الانخراط في سوق الشغل (بنات المعامل) أو غير ذلك من الانجازات الحضارية الممكنة. ألم يقل فرويد نفسه بأن الحضارة قامت على قمع الغرائز. لكن أية حضارة هذه التي نصنعها بواسطة القمع والارهاب وما يتولد عنهما من النفاق والغدر والحقد والكراهية؟ إنها ليست حضارة أمن وسلام، إنها حضارة القلق الدائم وحرب الكل ضد الكل، ألم تبلغ البشرية بعد المستوى الكافي من الوعي والنضج الذي تستطيع معه إعادة بناء الحضارة على المصالحة المجدية بين معطيات العلم وتطبيقاته وطبيعة الانسان وحاجاته؟ في انتظار الاجابة عن هذا التساؤل الكبير والغامض تبقى الفتاة تعيش حالة قلقها الخاص هذا الذي لا يضاهيه قلق. لكن لماذا لا يكون للرجل مثل حظ الانثيين من هذه التركة الثقيلة من القلق؟ لا شك أن التركيبة الاجتماعية في أغلب البلدان العربية اليوم قد تغيرت كثيرا الى الاحسن والافضل مما كانت عليه في النصف الاول من القرن (العشرين) لاسباب كثيرة معروفة أهمها:
التحرر من الاستعمار المباشر وزيادة كثافة السكان بنسب كثيرة والعناية المكثفة بالتربية والتعليم وتفتح الناس على معطيات الحاضرة المعاصرة بتكنولوجياتها وعلومها وآدابها. لكن ذلك كله لا يبدو أنه قد غيّر كثيرا في العقلية إذ لانزال في الكثير من الاحوال الاجتماعية والنفسية نرزح تحت أعباء من مخلفات الماضي الفاسدة التقليدية منها والعقائدية. يظهر ذلك في بعض مظاهره في طريقة تعاملنا مع المرأة وفي طريقة اعتبارنا لها. كان قاسم أمين في مطلع هذا القرن (1865 1908) يرى أن وضع المرأة هو جزء من الوضع العام الذي يقوم على سيطرة القوي على الضعيف وفسر اضطهاد المرأة بأشكال الاضطهادات الاخرى ونبه الى ذلك بقوله: «انظر الى البلاد الشرقية تجد أن المرأة في رق الرجل والرجل في رق الحاكم، فهو ظالم في بيته مظلوم إذا خرج منه».
ونادى مصطفى أمين بتحرير المرأة وجعلها تساهم في الحياة العامة وتعمل مثلها مثل الرجل حتى ننهض بشعوبنا ونتطور.
وفي (أواخر الثلث الاول) من القرن العشرين ظهر الطاهر الحداد بكتابه الشهير «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» ليطالب بإلحاح وبروح وطنية صادقة بضرورة تحرير المرأة من وضعيتها المتردية تلك وتبويئها المكانة التي تستحقها في عملية بناء المجتمع الجديد. وأخذت تتغير القوانين والتشريعات لصالح المرأة منذ ذلك الحين ومع انبلاج صبح استقلال هذه الدول، ومن أشهر ما رسخ للمرأة حقوقها كطرف مساو للرجل، مجلة الاحوال الشخصية بتونس الاستقلال وبتونس العهد الجديد بالخصوص.
لكن هل تحققت المساواة فعلا بين الرجل والمرأة؟
وهل تحررت المرأة العربية فعلا مما كان يكبلها في الماضي ويعرقل سيرها؟
نعم لقد تقدمنا كثيرا في تحقيق ذلك على المستوى النظري والتشريعي ولكن لا أعتقد أننا قد تقدمنا كثيرا في تحقيق ذلك على مستوى الفعل والممارسة والسبب في ذلك كما نرى أنه ليس هناك تحرر حقيقي للمرأة إلا من خلال تحرير حقيقي للرجل وبالتالي يتعين علينا تغيير السؤال والقول: ترى هل تحرر الرجل وتخلص إنساننا العربي بعد من أنانيته ورغبته المستديمة في الانفراد بالسلطة في البيت وخارجه وهل بدأ بعد ينظر بعين الاعتبار والتقديرو للمرأة نصفه الثاني كشخص مساو له في الانسانية مستقل بذاته هو أيضا وقادر على التمتع بهذا الاستقلال مثله في ذلك مثل الرجل؟ الحق أن وضعية المرأة قد تغيرت كثيرا في العديد من البلدان العربية منذ فجر استقلالها الى اليوم ولكن لا أظن أن هذه التغيرات المعطاة قد ترسخت وتجذرت بعد في عادات الناس وتقاليدهم بالدرجة الكافية الامر الذي لايزال يسمح بالسلوك الرجعي الى أن يعود للظهور في أحيان كثيرة فيتسبب في إحداث النكد للمرأة الفتاة أو المرأة المتزوجة وللرجل أيضا في نفس الوقت بدليل ما نشاهده اليوم من ازدياد مطرد في نسبة قضايا الطلاق المطروحة على المحاكم وفي نسبة تفاقم ظاهرة الشجار والتوتر في العلاقات الزوجية والعائلية عموما وذلك لانخرام التوازن وضعف الشعور بالمسؤولية العائلية نتيجة لفقدان الثقة وفقدان الاحترام المتبادل بين عناصرها جميعا وبالاخص بين الزوجين الركنين الاساسيين للاسرة وذلك راجع الى عدم فهمهما لهذه النظريات التحريرية الفهم الصحيح أو عدم الايمان بها.
كما نلاحظ ذلك من جهة أخرى في عدم شعور المرأة الفتاة بالاطمئنان على مستقبلها وعدم الارتياح الى إمكانية استمرار الثقة التي قد تنشأ بينها وبين الطرف الآخر زوج المستقبل الحاضر أو المرتقب. كما لا يجب أن ننسى سببا آخر من أسباب اضطراب عامل الثقة هذا بين الطرفين خصوصا عندما يتحولان الى خطيبين رسميين، قضية «المهر» هذا العائق الخطير الذي نحسّ به دائما ونخافه أحيانا دون أن نصرح بذلك لأحد، يعتبره البعض ضمانا للزوجة لتكوين الجانب المالي من حياتها باستقلال عن الزوج، ويعتبره آخرون وسيلة تأمين على المستقبل إذا كان المؤخر ضخما بالخصوص حتى لا يعمد الزوج الى طلب طلاقها منه خوفا من الوقوع تحت طائلة هذا المؤخر الذي لا يقدر عليه في أغلب الاحيان. إن مثل هذه الاعتبارات، هي اليوم من باب الموروث الذي عفا عليه الزمن، الموروث عن العهود البادئة التي كانت المرأة فيها مكبلة ومنزوية في البيت، أما اليوم وقد صارت عنصرا نشيطا ومنافسا للرجل في مختلف ميادين الحياة تعمل معه جنبا الى جنب وتكسب رزقها بيدها وب (عرق جبينها) أو بأعمال فكرها فقد صارت قادرة بالتالي على الاستقلال بنفسها اقتصاديا وماليا اذا هي رغبت في ذلك، وقادرة أيضا على التأمين على نفسها وعلى مستقبلها، بالانخراط في صناديق الضمانات الاجتماعية المختلفة وبالتالي لم يعد هناك مبرر لتأكيد هذه العلاقة الزوجية بواسطة المهر الذي كثيرا ما كان في واقع الامر وسيلة احتقار ومهانة للمرأة في عين الرجل وحتى للمرأة في عين نفسها، أحيانا اذا ما أحست بأنها شبهت بالبضاعة التي تباع وتشترى وهو بالتالي من عوامل قلقها الخاص الذي يجرها الى الشعور بالنقص أحيانا اذا كان قليلا أو يشعرها بمركب الاستعلاء إذ كان غاليا وكثيرا.
وانه اذا ما كانت هذه العادات باقية الى اليوم في كثير من البلدان العربية وفي بعض الجهات التونسية أيضا فذلك لبقاء أسبابها: عدم شغل المرأة، تبعيتها للرجل اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا انزواؤها في البيت، الى غير ذلك من الاسباب التي تجعلها دوما دون الرجل مكانة وأقل منه شأنا.
وأما الخوف من الطلاق فهو أيضا من الاوهام الزائفة المبنية على سوء النية وانعدام الثقة بين الخطيبين أو بين العائلتين، وما يتبع ذلك من إضمار للغدر والخيانة وإذا كانت العلاقة الزوجية سائرة على هذا النحو فانقطاعها يكون هو الافضل. وأن الطلاق نفسه لم يعد اليوم تعسفيا أو من حق الرجل وحده (إلا في بعض البلدان العربية التي لم تتطور بعد في تشريعاتها) لصالح المرأة أما في تونس مثلا فإنه لا يتم الطلاق إلا عن طريق المحكمة وإثر جلسة صلحية أو جلستين وذلك بتراضي الزوجين أو بناء على طلب أحدهما بسبب ما حصل له من ضرر أو بناء على رغبة أحدهما في الطلاق إنشاء. ولابد في جميع الاحوال أن يتبع الحكم بالطلاق حكم بالتعويض المادي لجبار الضرر إذا كان هناك متضرر من الجانبين وبالتالي فلم يعد هناك أي مبرر لبقاء المقدم أو المؤخر من المهر لاتمام الزواج كما كان ذلك في الماضي في بعض المجتمعات العربية. لكن مالزواج؟ أليس هو في الاصل مؤسسة اجتماعية لتكوين الاسرة والاعتناء بها واستمرار النسل، قد دعت اليها حاجة الفرد الى الاستقرار والشعور بالامن (هن سكن لكم وأنتم سكن لهن) لكن زيجات اليوم يبدو أنها لم تعد تحقق هذه الحاجة في أغلب الاحيان بل تجاوزتها الى أهداف أخرى رخيصة بتأثير هذه الظروف غير المتكافئة التي لاتزال تخلقها في هذا العصر الصراعات الايديولوجية والعقائدية بين الاطراف المتزاوجة أو الراغبة في الزواج، هذا الزواج الذي تنقلب أحواله الى (خدعة اجتماعية) زواج متعة أو زواج مصلحة أو زواج منفعة أو زواج غريق يستنجد بغريق، وهكذا قد أصبح كل طرف يأتي الآخر وهو محمل بهمه وسوء نيته حتى اذا التقى الطرفان على أرض الواقع وظهر كل على حقيقته ساءت الاحوال الجوية بينهما واكفهرت السماء وسقط كلاهما في القلق من جديد فتضعف عندئذ لدى كل منهما الرغبة في البناء والتشييد وتبرز عوضا عنها الرغبة في الهدم والتخريب بكل دوافعها: نزعة تأكيد الذات الصادرة عن الشعور بالنقص لدى أحدهما (نقص تعليمي أو نقص ثقافي أو اجتماعي أو جسماني أو جمالي الخ) التي تصحبها عادة إرادة التسلط والاستبداد بالرأي، وقد تظهر معها أيضا النزعة العدوانية التي تصحبها الرغبة في الانتقام الناجمة عن القهر والظلم الذين يمكن أن يكون قد عاناهما الرجل في صراعه الطبقي سابقا أو كانت قد عانتهما المرأة عندما كانت في سجنها القديم (بيت أبيها) وهي تنظر من ثقب الباب الى الرجال (ومن بينهم إخوتها أنفسهم) وهم يتمتعون بحريتهم في جميع المجالات دونما اعتبار لها بأي حال من الاحوال وكأنما هي قطعة من أثاث المنزل لا ترى ولا تسمع وقد تكون هذه الحالة قد أدت بها الى إضمار الحقد والكراهية الى جميع الرجال والنساء معا لانها قد تتحول الى نزعة سادية تجعلها تتلذذ بإيلام الغير أو نزعة مازوشية تجعلها تتلذذ بإيلام نفسها وتصبح بالتالي تكره الناس جميعا وتكره نفسها أيضا وقد يؤدي بها الحال الى مرض عصبي عضال ينتهي بها الى مستشفى المجانين وهذا هو قلق المرأة الخاص في أسوإ مظاهره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.