نظرت الدائرة الجناحية بمحكمة بن عروس الابتدائية مؤخرا في قضية أحيل فيها كهل بتهمة التحيل على والد زوجته على معنى الفصل 291 من المجلة الجزائية، وقد تابع الحاضرون مرة أخرى درسا في أنسنة القانون، قدمه القاضي الذي أخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي للقضية من خلال حرصه على اصلاح ذات البين قبل اللجوء الى الاحكام الزجرية والردعية. ذكر القاضي في بداية المحاكمة ان المتضرر في قضية الحال هو والد زوجة المتهم، ثم فتح صدره على سعته للاستماع الى رواية طرفي النزاع، معتمدا أسلوب التدخل الرشيق لاقصاء التصريحات العدائية التي تعمّق الخلافات العائلية ومنبها المتضرر الى ان المتهم هو زوج ابنته وان «المال» عائد اليه بصورة او بأخرى (تلميح الى الميراث).. غير ان زاعم المضرة تمسك بحقه في تتبع صهره عدليا من اجل ما جاء في روايته : قال المتضرر انه استعان بزوج ابنته (العون البلدي) لاقتناء منزل بالمدينة المتوسطية برادس فأمضى له صكين بقيمة 40 ألف دينار (8 آلاف دينار ثم 32 ألف دينار) وأردفهما بثالث ضمّنه قيمة اجراءات تسجيل العقار، وقد أتم المتهم فعلا الصفقة واشترى المنزل وتصرّف المتضرر في ملكه فسوّغه وانتفع بعائدات كرائه لعدة شهور، وأكد المتضرر انه كان خلال هذه الفترة يترقب الحصول على عقد ملكية المحل. ولما طال الانتظار سعى الى العقد فاكتشف ان صهره قد اشترى المنزل باسمه وسجل ملكيته بينه وبين زوجته، فاغتاظ المتضرر واعتبر ان صهره تحيل عليه ولهذا رفع أمره للعدالة. **اعتراف بالمساعدة أقر المتهم من ناحيته انه تسلم الصكوك من والد زوجته ولكنه نفى تهمة التحيل نفيا قاطعا وصرّح أنه استرد ماله من صهره، وقال انه كان على امتداد السنوات الاخيرة يدخر وزوجته الاموال ولم يجد أقرب من والد زوجته ليستأمنه عليها... وحين بلغ مبلغ الادخار قيمة 22 ألف دينار عزم الزوجان على بعث مشروع تجاري غير انه في الاثناء علم ان الدولة أحدثت برنامجا يمكنه تبعا لوظيفته من الحصول على مسكن فقرر الانتفاع بهذه الفرصة واتفق مع زوجته على اقتناء منزل وعرضا الفكرة على زاعم المضرة الذي أبدى موافقته واستعداده لمساعدة ابنته على تأمين مستقبلها، فأعاد اليهما المال المدخر (22 ألف دينار) ومعه 18 ألف دينار من ماله الخاص كما تحمّل أيضا مصاريف التسجيل واشترط على صهره ان تكون ملكية المنزل مشتركة بين الزوجين. **توكيل للتضليل! اثر الانتهاء من مساءلة طرفي النزاع تدخل محامياهما، فتطرق لسان دفاع المتضرر الى الطرق الملتوية والخزعبلات (ينص عليها الفصل 291م.ج) التي اعتمدها المتهم لبلوغ هدفه المتمثل في التحيل على منوبه واستدل على ذلك بتسليم مفاتيح المنزل الى منوبه التي تصرف فيه بالكراء وانتفع بالمداخيل لعدة أشهر معتقدا انه كان يتصرف في ملكه، وأضاف المحامي ان الزوجين عمدا لاحقا الى ابرام عقد توكيل يسمح للمتضرر بالتصرف في المنزل، وفي الحقيقة جاء العقد للتضليل الذي يفسّره غياب امضاء منوبه. أما محامي المتهم فقد ساند منوبه في روايته وأوضح ان التوكيل الذي اعتمده زميله دليل ادانة هو موضع نظر القضاء في قضية منفصلة لكشف الظروف والملابسات التي أحاطت بإبرام العقد، وطالب ببراءة منوبه. ورأت المحكمة تأجيل القضية الى جلسة لاحقة.