قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإدانة كهل يتجاوز الخمسين من العمر وسجنه مدّة خمسة أعوام من أجل تورّطه في قضية المشاركة في ترويج عملة مدلّسة رائجة بالبلاد التونسية. المتهم طعن بالاستئناف في هذا الحكم وقد مثل أمس أمام محكمة الدرجة الثانية وتفيد الأبحاث المجراة في هذه القضية أن المتهم وهو فلاّح ثري أصيل إحدى جهات الشمال الغربي تعرّض إلى عدد من المشاكل العائلية ختمها بتطليق زوجته وبالتالي مفارقة أبنائه مما أدى إلى تعكير مزاجه وتوتّر حالته النفسية حتى وجد نفسه في دائرة المدمنين على شرب كل ما هو مسكر وأصبح يتردّد على الحانات والملاهي الليلية كما فرّط في عقار فلاحي شاسع من أملاكه بالبيع بمقابل قرابة المليون دينار تونسي. ويوم الواقعة قدم من الجهة التي يقطن بها إلى العاصمة وتوجّه إلى إحدى الملاهي الليلية الكائنة بنهج هولندا وسط مدينة تونس حيث احتسى كمية هامة من الخمرة حتى « سكر وبدأ يفقد وعيه إلاّ أنه رغم ذلك قرّر مواصلة جلسته الخمرية التي تواصلت إلى حدود الرابعة فجرا أثناء ذلك احتاج هذا الكهل إلى مبلغ مالي بعدما انتهى المبلغ الذي أخذه معه فاضطرّ إلى الخروج من الملهى الليلي ليقوم بتحويل مبلغ 200 دولار أمريكي هو كل ما بقي لديه بعد رحلته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم توجّه إلى أحد الأشخاص من حرفاء الملهى وسأله عن مكان لتصريف العملة فأشار عليه بنقطة في السوق السوداء بنهج زرقون وسط العاصمة فتوجّه نحو المكان الذي أشير به عليه والتقى في ساعة مبكرة من الفجر بالشخص المعني بنهج زرقون حيث أبدل له المبلغ بما يقابله من مال تونسي بلغ 180 دينارا وهو مبلغ غير متساو مع السعر الحقيقي كما أخذ البائع منه عمولة ب30 دينارا وكان المبلغ الجملي من فئة العشرة دنانير كلها مزوّرة. عاد المتهم في قضية الحال إلى الملهى الليلي لمواصلة جلسته الخمرية وكان في كل مرّة يقدم إلى النادل مبلغا من الأوراق المالية المزورة حتى بلغ 120 دينارا دون أن يتفطن أحد لذلك إلا أنه في المرة الأخيرة قدم المتهم إلى النادل ثلاثين دينارا لكن أمره انكشف إذ تبين للنادل أن الورقة النقدية مزورة فأعاد مراجعة باقي المبلغ الذي استلمه من المتهم ليتأكد من أن كل الأوراق التي أخذها لم تكن أوراقا مالية أصلية وإنما كانت مفتعلة عندها تم إبلاغ أقرب مركز للأمن فقدم الأعوان إلى المكان وألقوا القبض على المشتبه به كما حجزوا الأوراق المزورة وبجلبه إلى مركز التحقيق واستجوابه اعترف بما نسب إليه إذ أفاد بأنه توجّه إلى أحد الأشخاص بنهج زرقون وقام بإبدال المبلغ بمقابل مالي من أوراق تونسية مدلّسة كما اعترف بمشاركته الفاعل الأصلي وهو الشخص الذي باعه هذه الأوراق وبمزيد التحرير عليه تم نقله إلى فرقة مقاومة الإجرام حيث تراجع عن أقواله الأولى وتمسّك بالإنكار مصرحا بأنه لم يكن على علم بأن المبالغ المالية التي استلمها كانت مدلسة.. وبعد إنهاء الأبحاث في شأنه تمت إحالته على أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث تمسّك بالإنكار التام نافيا ما نسب إليه من تهم رغم معارضته بالمحجوز وبشهادة الشهود فأصدر في شأنه بطاقة إيداع بالسجن بعدما وجّه له تهمة المشاركة في ترويج أوراق مالية مدلسة رائجة بالبلاد التونسية وهو ما أيدته دائرة الاتهام التي قرّرت إحالة المشتبه به على إحدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاته من أجل ما نسب إليه. وبمثوله خلال الأيام القليلة الماضية أمام هيئة المحكمة تمسك بأقواله التي كان قد أدلى بها لدى الباحثين في فرقة مقاومة الإجرام وأمام قلم التحقيق منكرا كل ما نسب إليه ونافيا أن يكون قد تعمد ترويج الأوراق المالية المدلسة كما تمسّك بعدم علمه بأنها مفتعلة وفاسدة المصدر وقد عاضده في ذلك محاميه الذي اعتبر أن منوّبه تعرّض لعملية تحيّل من الفاعل الأصلي الذي ظلّ مجهولا وأنه كان ضحية واعتبر المحامي أن منوّبه رجل ميسور الحال وقد شارك في معارض دولية للمواد الفلاحية والغذائية بكل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وألمانيا وفرنسا... وأنه غنم مبلغا ماليا قارب المليون دينار تونسي لقاء بيعه قطعة أرض فلاحية لذلك فهو لم يكن في حاجة لتداول مبلغ 180 دينارا مدلسة وطلب على أساس ذلك القضاء في حقّه بعدم سماع الدعوى وإخلاء السبيل فيما تمسّك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة حسب قوانين الإحالة لذلك قرّرت هيئة المحكمة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقرّ في الختام بإدانة المتهم والقضاء في شأنه بالسجن لمدة خمس سنوات إلا أن محاميه طعن في الحكم بالاستئناف وقد تمسّك المتهم بالإنكار التام وطلب من المحكمة تبرئته والقضاء لصالحه.