لم تنطل حيلة الاجيرين على أعوان فرقة الشرطة العدلية ببن عروس فالرواية التي ابتدعاها للاستيلاء على أموال الشركة افتقدت الى متانة الحبك، فاعترفا بالحقيقة وغنما بدل المال سجن الايقاف، في انتظار ما ستقرره المحكمة لاحقا. تقدم خلال الايام القليلة الفائتة صاحب شركة بشكوى الى أحد مراكز الامن بجهة بن عروس مفادها ان سائقه، وهو كهل في العقد الخامس من عمره، ومرافقه الشاب أبلغاه بأنهما تعرضا لسرقة مبلغ 5 آلاف دينار هي ثمن البضاعة التي كلفا ببيعها، وطلب المتضرر من المحققين التتبع عدليا ضد من يثبت التحقيق تورطه... قام المحققون باستدعاء الأجيرين واستمعا الى روايتهما التي جاء فيها أنهما على عادتهما قاما بتسليم البضاعة الى حرفاء الشركة وتسلما ثمنها وقفلا راجعين الى مقر عملهما، غير أنهما شعرا بالتعب والارهاق فركنا الشاحنة الى جانب الطريق، وخلدا الى الراحة فناما نوما عميقا، وحين افاقا من سباتهما اكتشفا ان مبلغ الخمسة آلاف دينار اختفى من الشاحنة، وهما يعتقدان ان احدهم تسلل اثناء نومهما الى الشاحنة واستولى على المال ولاذ بالفرار... جاءت الرواية باهتة ولا تستند في احداثها الى منطق ولا يستسيغ أطوارها عقل وبالتالي ارتاب المحققون في امر الأجيرين وتحولت المساءلة الى استنطاق، وأصبح العاملان مورطين، فتم تشديد الخناق عليهما وحاصرتهما الاسئلة من كل صوب وحدب، حتى سقط عنهما القناع واعترفا بالاستيلاء على أموال مؤجرهما وأقرا بالفعل المنسوب اليهما وقصّا هذه المرة، الرواية الصحيحة. اتفاق على المغامرة قال أحدهما وهو الشاب، أنه يمر بفترة حرجة وحساسة في ذات الوقت، وقد اعتصر فكره واعمل عقله ليجد مخرجا سليما لوضعيته المادية المتردية وهو يستعد للزواج خلال الأيام القادمة، ولكنه عجز ومع ذلك قاوم الخطأ وثبت على مبدا الكسب الحلال الى حين فرضت فكرة سرقة عائدات البيع نفسها على حديث كان يتجاذبه مع مرافقه السائق... فتطارحا الامر جيدا وانتهيا الى «المغامرة» ووضعا سيناريو العملية واستوليا على المال واخفياه في مكان بعيد عن الاعين ثم عادا الى المؤسسة حيث قاما باطلاع مؤجرهما على «الشريط» الذي ألفاه. عند الانتهاء من الرواية اصطحب المحققون المظنون فيهما الى مكان اخفاء المال المسروق فوجدوه مدفونا تحت صخرة تحاذي الطريق بجهة فوشانة، استرجع المتضرر أمواله واحتفظ بالمظنون فيهما قصد احالتهما على العدالة.