حتى بعد ابتعاده عن الأضواء مازال الفنان عبد الكريم صحابو يصنع الحدث... لم ينفك عن المطالبة برد الاعتبار للأغنية التونسية... غائب بالحضور وحاضر بالغياب لكن شيئا ما يسكنه... هو ذلك الغليان الفني... لم يقتنع بوضعه الحالي فقرر اعادة توزيع بعض اغانيه التي لم تنل حظها اضافة الى تقديم أغنيات أخرى جديدة لبعض الاصوات التي آمن بها مثل بهاء وصابر الرباعي... صحابو آسف للحالة التي تشهدها الاغنية التونسية وبعض رموزها الذين خفّ حضور بعضهم. في رصيده أكثر من 150 أغنية بعضها لم يعرفها الجمهور ولم تنل حظها من البث وهو متأكد أنها ستجد القبول الحسن لو أعادها من جديد... الفنان عبد الكريم صحابو يرى أن الأغنية التونسية تعيش فترة صعبة وان مهمة المطربين والشعراء والملحنين صارت صعبة في زمن «روبي» و»نجلاء» والطرب صار له مفهوم تسويقي... عدت بصحابو الى الذاكرة والى الايام التي صمدت الأغنية التونسية امام رموز الاغنية الشرقية رغم قيمة الاصوات اللبنانية والمصرية آنذاك... سألته: «هل ندمت لانك لم تلحن لذكرى»؟ فرد على الفور: «كانت رغبتي واضحة كي ألحن لذكرى محمد لكن صلتها الوثيقة بعبد الرحمان العيادي جعلتني ابتعد حتى لا اثير بعض الحساسيات...». وعدت أنبش في الذاكرة عن بعض «نبوءاته» الفنية وتوقعاته بخصوص بعض المطربين مثال جورج وصوف وكاظم الساهر... فقال «اذكر يوم ابديت رأيي في كاظم الساهر قامت الدنيا ولم تقعد وانتقدني بعضهم لاني قلت ان كاظم له حضور متميز لكن امكاناته عموما لا تتيح له المضي الى الامام طويلا... وكاظم الساهر تورط في الالتصاق كثيرا بنزار قباني وعموما اتضح ان ما قلته كان سليما بدليل ما يكتبه كبار النقاد العرب في مصر ولبنان عما أسموه ب»المأزق» الذي يعيشه كاظم الساهر... وهذا ليس تقييما ذاتيا بل نتيجة رصد وتقييم معرفي...». امتداد وسألته هل سيواصل التجربة مع أصوات تونسية مثلما فعل مع آمنة فاخر (الحرباوي سابقا) فقال هناك مشاريع متوقعة قطعنا شوطا أولا في الاتصالات وأنا أجهّز أغنية لصابر الرباعي وأخرى لبهاء... صابر صوت يمكنه ان يحمل صوت تونس باعتباره صار مشهورا عربيا وسبق له ان نجح ب»سيدي منصور» التي فتحت له الآفاق وبهاء صوت له امتداد رهيب ومجاله مشع جوابا وقرارا فضلا عن حضورها الجيد وأرجو ان يتم هذا التعامل قريبا ما لم يكن هناك احتكار بعيد المدى لصوتها. سألته :»تحدثت باعجاب شديد عن بهاء لكنك لم تطل الحديث عن آمنة فاخر» فقال: «لو لم اكن مقتنعا بصوتها لما لحّنت لها لكن حتى أكون منصفا وصادقا لابد لي من الاعتراف ان صوت آمنة مازال بحاجة الى شيء من الرعاية على مستوى الحفاظ على الطبقة وايضا في «القفلات» وهذا لا يقلل شيئا من قيمة آمنة فاخر التي عليها الا تستعجل الشهرة». سألته هل يقصد سعيها للشهرة في لبنان؟ فردّ «سواء في لبنان او غيره آمنة مازال الوقت أمامها كي تتطور انطلاقا من تونس ومن لونها التونسي». صحابو شن حملة على الفضائيات العربية التي افسدت الغناء وساهمت في تكريس السهولة في مجال الاغنية وصار العراء أقرب طريق للشهرة... ويضيف ساخرا: «كنا نتحدث عن «تعرية الزنود» لكن المجال تجاوز «الزنود» ولو لا بقية حياء لسقطت حتى «ورقة التوت»... فراغ صحابو اعترف بفراغ الساحة الغنائية التونسية وتطرق لمعاناة الملحنين في ترويج اعمالهم كما شنّع بالدور السلبي الذي تلعبه بعض شركات الكاسيت التي «خرّبت الأغنية» وعطلت الفنان التونسي وتخرب جهود وزارة الثقافة الحريصة على دعم المطرب التونسي والوزارة وحدها تدعم الاغنية لكن دعمها لن يكون ذا جدوى دون تعاون الجميع لذلك ادعو الى لجنة انقاذ لهرم الاغنية تشارك فيها كل الاطراف لان اسباب الازمة معروفة وتم تشريحها لكن متى نبدأ في الانقاذ بعد التشخيص؟! ويضيف «الاغنية التونسية خسرت عدة أسماء وعدة مطربين هاجروا دون ان يحققوا شيئا خارج تونس هذه معضلة وهناك معضلة أخرى تتمثل في السماح للمطربين بأداء أغاني الاخرين ونيل كاشيات محترمة مكافأة لهم على الاعتداء على حقوق الآخرين! هؤلاء وغيرهم استسهلوا الغناء وكفوا عن الانتاج، ولماذا ينتجون وربحهم مضمون ونجاحهم جاهز بأغاني الآخرين...؟ هم بهذا السلوك جنوا على الملحن والشاعر في تونس وقضوا على أي جهد وقد اقترحت في تقرير رفعته لمن يهمه الامر ان يتم منع اي مطرب تونسي من اداء اغاني غيره في المهرجانات او الحفلات العامة وانزال عقوبات مالية على المخالفين! عبد الكريم صحابو امتنع عن العمل مع أي جهة كمستشار قائلا «عملي مع الراحل نجيب الخطاب لن يتكرر ولن اعمل مع سواه»! ومن الطرائف التي مازال الفنان عبد الكريم صحابو يتذكرها حصوله على 78 مليما بالكمال والتمام لحقوق تأليف ذات سنة وهو في عزّ النجاح... يضحك صحابو ويقول: «الحالة تحسنت الآن لكن مازلت بحاجة الى الكثير من العمل لمقاومة القرصنة وفرض الطابع على كل شريط حتى نضمن حقوق الفنانين وتصبح مداخيل الفنانين من اعمالهم محترمة مثلما هو حاصل في فرنسا ومصر».