نظرت الدائرة الجناحية بمحكمة بن عروس الابتدائية مؤخرا في ملف قضية اتهمت فيها امرأة (موظفة قطاع عام) فتاة شابة بالاستحواذ لخاصة نفسها على مكونات محل تجاري لبيع الملابس كانتا اشتركتا في بعثه حسب ادعائها. وقفت المتهمة وهي عزباء في مقتبل العمر مؤخرا في قفص الاتهام نظرت الى القاضي.. تطلعت الى عيون الحاضرين تقلّبها فتلاشى منها الفكر والعقل وانخرطت في بكاء مرّ مهد لتعاطف انساني جليل ترجمه الحاضرون الى متابعة في صمت رهيب. قالت المتهمة تسبقها دموعها انها نالت نصيبا من العلم والمعرفة قبل ان تغيّر وجهتها نحو تعلم التطريز حتى أتقنته وبرعت فيه، ولما كان فكّرت في بعث مشروع تجاري واكترت محلا، بمقتضى عقد لمماسرة نشاطها وقد عرضت الفكرة على شقيقتها المقيمة بالخارج والمرفهة الحال، فشجعتها وساعدتها على تنفيذ مشروعها بأن جلبت لها الملابس من موطن غربتها وقد باشرت التاجرة المبتدئة عملها يدفعها طموحها نحو النجاح وتوصلت الى كسب رصيد غير قليل من ثقة الحرفاء وذات يوم أقبلت عليها امرأة من دائرة معارفها واقترحت عليها ان تدخل معها في شراكة، ووعدت المرأة الفتاة بالسعي الى الحصول على قرض لتنفيذ الشراكة... وقد رحّبت الفتاة بالاقتراح وبالتالي قامت المتضررة بإحضار بعض الملابس النسائية الى المحل كمؤشر على البدء في التنفيذ ثم بدأت تتردد على المتهمة من حين الى آخر في انتظار الحسم في أمر الشراكة. وبعد مدة ( أشهر تقريبا) حضرت زاعمة المضرة وطالبت الفتاة بإبرام عقد كتابي يثبت امتلاكها نصف المحل (أصلا وسلعة) فرفضت المتهمة رفضا قاطعا ان تتنازل عن ثمرة شقائها وتعبها وخيّرت ان تقفل المحل في حين رفعت زاعمة المضرة ضدها قضية عدلية معتبرة ان الشراكة قائمة فعلا ومستظهرة بفواتير لسلع قالت انها جلبتها للمحل. قضية استحقاقية تمسكت المتهمة خلال المساءلة بروايتها وأبدت استعدادها التام لاعادة الملابس الى شريكتها نافية ان تكون قد أبرمت شفاهيا شراكة مع الشاكية. وقد تدخل محاميها فأيد أقوال منوبته وأوضح لهيئة المحكمة ان زاعمة الضرر أحضرت الى المحل ملابس (كانت تحتفظ بها) من محل آخر أغلقته وقد قدّمت فواتير لا قيمة لها قانونيا، اذ هي لا تحمل اسما أو تاريخا وكل ما فيها هو التنصيص على بضاعة. ورأى لسان الدفاع انه كان أحق بزاعمة المضرة ان تتقدم بقضية استحقاقية في استرداد الادباش (نزاع مدني) عوض ان تتهم الفتاة جزائيا من اجل شراكة لا وجود لها شفاهيا او كتابيا. ثم لاحظ المحامي في النهاية ان الشاكية تعمل موظفة بالقطاع العام وقانون الوظيفة العمومية لا يسمح بالازدواجية وطالب بناء على ذلك بتبرئة ساحة موكلته. روأت هيئة المحكمة تأجيل النظر الى جلسة لاحقة.