بحضور حاتم العشي وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية وعدد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة وممثلي عدد من المنظمات الأممية والإقليمية، افتتح صباح اليوم وزير العدل عمر منصور أشغال الملتقى الدولي الذي تنظمه وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالتعاون مع كل من معهد الأممالمتحدة للبحوث في مجال الجريمة والعدالة والاتحاد الأوروبي حول "منظومة استرجاع الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة " ، وقد أبرز وزير العدل في كلمته الافتتاحية أن موضوع استرداد الأموال المكتسبة الموجودة بالخارج بطريقة غير مشروعة يمثّل إحدى الآليات الأساسية في سياسات مكافحة الجريمة عامة والفساد خاصّة التي تقوم على مبدئي عدم توفير الملاذ الآمن لمرتكبي الجرائم ومنع الانتفاع من عائداتها، مبينا أنّ موضوع هذا الملتقى يندرج ضمن الأولويات التي حددتها الدولة التونسية الرامية لمكافحة الفساد والحفاظ على الأموال العمومية واستكمال مسار الانتقال الديمقراطي وتحصين الاقتصاد الوطني إزاء مظاهر التهريب والاستغلال غير المشروع للسلطة. و أضاف وزير العدل أن انخراط تونس في المجهود الدولي لمكافحة الفساد من خلال المصادقة على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد بموجب القانون عدد 16 لسنة 2008 المؤرّخ في 25 فيفري 2008 الموقّع عليها من قبل الجمهورية التونسية بتاريخ 30 مارس 2004 ساعد على إحداث آليات جديدة للتصدّي للفساد مثل اللجنة التونسية للتحاليل المالية والقطب القضائي المالي وهيئات ومؤسسات مستقلة يهدف عملها إلى الوقاية من الفساد والكشف عنه والتقصّي في الملفات التي تحتوي على شبهة فساد وإحالتها على السلط القضائية عند الاقتضاء. و أوضح عمر منصور أن التجربة التونسية كشفت أنّ نسبة هامة من الأموال المنهوبة وقع تحويلها إلى الخارج حيث وجد المتورّطون في الفساد المالي والإداري الملاذ باستعمال مختلف الوسائل لإخفاء آثار الجرائم المقترفة وهي أفعال تدخل تحت طائلة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية التي لا يمكن مكافحتها إلاّ بضمان السرعة والنجاعة في التعاون الدولي خلال مختلف مراحل سير إجراءات الاسترجاع بدءا بكشف الأموال المهربة واقتفاء آثارها والعمل على تجميدها وحجزها حتى يتسنى المرور إلى مصادرتها واسترجاعها، مشيرا إلى أنه و لئن كان تقصّي وجرد الأموال والممتلكات المكتسبة بصورة غير مشروعة والموجودة داخل البلاد مسألة في متناول الدولة في إطار ممارسة سيادتها على إقليمها باتّخاذ كلّ الإجراءات القانونية الكفيلة بتجميد تلك الأموال ومصادرتها، فإنّ الأمر ليس كذلك بخصوص الأموال المهرّبة إلى الخارج ، طالما أنّها تقتضي توخّي إجراءات التعاون الدولي عبر طلبات المساعدة القانونية المتبادلة التي تختلف شروطها وجدواها من دولة إلى أخرى. ولاحظ وزير العدل أنّه رغم الجهود المبذولة من الدولة التونسية لاسترداد الموجودات بالخارج ورغم انعقاد عديد المؤتمرات والتظاهرات الدولية والإقليمية في هذا الشأن، فإنّ النتائج المحققة في الغرض تبقى دون المأمول بسبب العقبات القانونية والواقعية والسياسية التي تواجه مسار الاسترجاع والتي ستكون بعضها من ضمن مواضيع النقاش بين المهنيين خلال ورشات العمل المبرمجة في جدول أعمال هذا الملتقى مشددا على أنّ الخوض في مثل هذه المواضيع يفترض تحقيق النتائج وفق المناهج القانونية للتعاون الدولي التي نأمل أن تذلّل الصعوبات وتحقق الأهداف المنشودة.