يتواصل الاهتمام والحديث عن مضار التدخين ويوفّر موعد 31 ماي من كل سنة فرصة لمزيد التأكيد على أهمية الامتناع عن التدخين بالنظر الى حجم ما يخلفه من أضرار بالغة على صحة وميزانية الافراد، وتقيم الدراسات المنجزة مقاربات حول واقع التدخين وسبل تجاوز مخلفاته ودعم التوعية لدى المدخنين بالاقلاع عنه على اعتباره «آفة» كثيرا ما أدّت الى الهلاك والضرر البالغ. وتؤكد احصائية انجزتها الجمعية التونسية لمكافحة السرطان ان 35.1 من التونسيين مدخنون منهم 61.9 من الرجال وهو ما يؤكد استفحال الداء وانتشار ظاهرة التدخين على قطاع واسع. كما ضبطت الدراسة ان عدد غير المدخنين من الشعب التونسي هو لا يتجاوز 56.4 على اعتبار وجود نسبة 8.5 من المنقطعين عن التدخين والتي تشير مصادر صحية الى أن العودة قد تتهددهم اذا لم تتوفر لهم المعطيات والظروف المساعدة على الانقطاع النهائي عن التدخين. وأوضحت المعاينة الميدانية والاستجوابات ان معدل السن لاول سيجارة للمدخن الحالي او السابق ينحصر بنسبة كبيرة (55) في الفترة العمرية بين 15 و19 سنة كما ان 19 من المدخنين دخنوا اول سيجارة لهم في الفترة العمرية بين 10 و14 سنة وان 4.1 منهم كان أول لقاء له مع التدخين في فترة أقل من 10 سنوات، وهو ما يعطي الانطباع بأن فترة الطفولة وخاصة المراهقة هي اهم الفترات التي تنتج المدخنين وهي الفترة العمرية التي تتصف عادة بالسلوك المتشنج للابناء والتي تشهد منعرجات حاسمة في حياتهم مما يتطلب مزيدا من التحسيس والتوعية لاطفال المدارس والمعاهد والاحاطة بهم لتفادي هذه الظاهرة الآفة. وبالعودة الى الاسباب التي تقف خلف الانخراط في التدخين اثرا كبيرا للسلوكات العشوائية لبعض الابناء حيث يؤكد 44.2 من المدخنين انهم دخنوا بدافع من الاصدقاء ويوضح 33.3 آخرون أنهم دخنوا من باب حب الاطلاع... فلا التقليد ولا حب الاطلاع يمكنهما ان يبررا الاقدام على التدخين الذي يظل محتكما الى ضعف قرار في الشخصية وفقدانها الرأي الصائب المرتكز على الرؤية الصحية والعلمية الصحيحة. وعلى الرغم من النتائج التي توفرت حول وجود نسبة من المنقطعين عن التدخين والتي بلغت 8.5 من مجموع كل التونسيين فان الوقوف عند الدوافع التي ساهمت في الاقلاع عن التدخين يمكن ان توضح جوانب أخرى يمكن ان تساعد على التعاطي مع احدى أهم الآفات التي تهدد صحة شبابنا وميزانية أسرنا وعائلاتنا ففي الوقت الذي توقف فيه 27.1 من المنقطعين عن التدخين بسبب تعليمات الطبيب ولمضاعفات صحية بالغة نجد ان نسبة هامة 49.3 قد كفت عن التدخين ليقينها من ضرره الصحي وهو ما يؤكد ان العمل التحسيسي والتوعوي يمكنه ان يثمر نتائج جيدة. ويبقى ارتفاع أسعار السجائر وغلاء كلفته على ميزانية الافراد والعائلات غير ذي تأثير كبير حيث لم تتجاوز نسبة المنقطعين لظروف مادية ال3.5.