بمسرحية «جوانح» للمخرج أمير العيوني، اختتم مركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس، يوم السبت الفارط سلسلة عروضه لينطلق في عرض مسرحية «حسونة الليلي» بالمهرجانات الصيفية. مسرحية «جوانح» جاءت في شكلها وديكورها مطابقة لمواصفات الاعمال المحترفة بالرغم من أن المخرج اعتمد على ممثلين وممثلات شبان بعضهم صعد الركح أول مرة ومع ذلك أبدوا جميعهم حرفية كبرى في تقمص الدور والتعامل مع الركح والجمهور الذي غصت به القاعة. الأحداث الظاهرية للمسرحية تتعرض الى معاناة مجموعة من الشبان يأخذهم الطموح الكبير في تأكيد حضورهم الابداعي في ظل المتغيرات والتحولات التي عصفت بالثوابت الفنية والفكرية. وفي رحلة البحث عن موقع في الحياة الابداعية، تعصف بالفنانين الشبان مجموعة من الاحداث حولت «المقهى الثقافي» الذين يرتادونه الى مدار للخصومات الفكرية والاختلافات الايديولوجية التي أثرت على اللحمة الظاهرية بين الشباب الحالم بالابداع والشهرة... صاحب النص حاتم الحشيشة عبر عن هذا التمزق بجريمة قتل أقدم عليها «مثقف»، ويبدو ان الكاتب أقحم هذه الجريمة في أحداث المسرحية للتعبير عن جنوح المبدعين الى قتل الموروث الابداعي الكامن في كل واحد منهم بأسلوب جمع بين الهزل والجد والطرح الذهني والتجريدي... جريمة القتل الظاهرية فجرت تساؤلات ذهنية عديدة غابت فيها الاجوبة فعوضتها بعض الالحان الموسقية المركبة التي تجمع بين النغمات العتيقة والشبابية ربما لمزيد التأكيد على التمزق الذي يعيشه المبدعون الحالمون بالتألق بين موروثهم وتطلعاتهم... الممثلون فاتن بن حمودة وأماني بللعج وسلمان حريز وشكيب الوحيشي وسامي المزغني ومحمد أمين بن طاهر، أبدوا حرفية كبيرة في التعامل مع الموضوع المطروح وقد وجدوا في الديكور الذي أعده فيصل كمال والتوظيب الفني لناجح بن محمود مجالا خصبا لتفتيق مواهبهم التي تبشر بمولد مجموعة مسرحية شابة قد تكون اختارت مسرحية «جوانح» للتعبير عن واقعها وتطلعاتها للتحليق في عالم الابداع...