ليس من السهل شد صبي صغير الى عرض مسرحي وفي الشارع بالخصوص... هذا ما حدث مساء أمس الأول بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، وتحديدا أمام المسرح البلدي حيث كانت مجموعة من الشباب تقدم عرضا من نوع «الميم» او الايماء... فقد كف الصبي عن البكاء وظل يسحب يد والدته الى أن استقر امام المجموعة وهي تقدم لوحات ايمائية بالحركة والاشارة... وأكثر من ذلك راح يسأل والدته اين «الدربوكة» التي يضرب عليها الممثل؟! وكان الايقاع متناسقا مع ايماءات الممثل، وهو يحرك يديه وكأنه «يضرب على دربوكة!». ومثل هذا المشهد له أكثر من معنى وهو التنشيط في الشارع وتنشيط المدينة عموما هام جدا... ولعل اهم الانشطة التي برزت في أيام قرطاج المسرحية خلال هذه الدورة هي عروض الشارع او فنون الشارع اذ كان لها وقع أكبر وأقوى حتى من العروض المسرحية التي تقدم في الفضاءات المغلقة... فمنها فهم الشارع ان هناك مهرجانا... وفيها وجد الشارع متعة خاصة ونوعا من الترفيه المفقود في باقي الأيام العادية... انبهار الشارع ومن الفرق التي كان لها حضور بارز بين كل الفرق التي نشطت في المهرجان منذ انطلاقه فرقة «بيقاتياتر» الفرنسية التي أحيت شارع الحبيب بورقيبة الى درجة تعطيل حركة المرور في غالب الأحيان... ونظرا لاختصاص الفرقة في فنون الشارع كما يبدو استطاعت ان تشد اليها انتباه كل المارة تقريبا وذلك من خلال الشخصيات العملاقة التي تقدمها والازياء الفرجوية التي تحملها والايقاعات المنبعثة من الآلات الموسيقية التي تعزف عليها. والى جانب هذه المجموعة التي حولت شارع العاصمة الى مهرجان حقيقي، كان للمسرح الروسي كذلك حضوربارز حيث نجح بدوره في تنشيط المدينة وتحقيق الابهار الذي بدا واضحا في عيون المارة وهم يتوقون لاكتشاف لون جديد من الفرجة. بعد حين وأمام المسرح البلدي تجمع المئات من الناس مساء أمس الأول في محاولة لفهم الميمودراما، من خلال عرض تونسي متميز يحمل عنوان «بعد حين»... وكانت المجموعة فيه تتكلم بالايماء او الميم وتعزف بالاشارة وتعبر بالاشارة وتخاطب المتفرجين بالاشارة... وكان تفاعل الناس معها واضحا وفيه نوع من الدهشة والاستغراب والانبهار... وربما من خلال العرض اكتشف الشارع التونسي نوعا من الفن او الفرجة غير المألوفة... ولعل أهم ما يمكن استنتاجه من تفاعل الشارع التونسي، مع هذه العروض او «الفرجة الشارعية» هو اهتمامه بها واقباله عليها ليس لكونها مجانية وانما ادراكا منه لتميزها واختلافها... ومثلما أقبل على هذه العروض يمكن ان يقبل كذلك على العروض المسرحية في الفضاءات المغلقة، بشرط ان تقع تربيته مسرحيا... التونسي يحب المسرح ولكنه ربما لم يجد من يحببه في هذا الفن. محسن عبد الرحمان أجندة الأيام الاربعاء 15 أكتوبر 2003 المسرح البلدي (15 21) مكبث (الاردن) قاعة الفن الرابع (14.30 18) رقصة الموت (تونس) قاعة الكابتول (1621) عصف (السعودية) قاعة الحمراء (14.30 18) منامات الوهراني (الاردن) مربع الفن (17) بعد حين (تونس) بئر الأحجار (18.30)