أدانت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس صباح أمس كهلا في الخمسين من العمر وقضت بسجنه لمدة عامين من أجل انتحال صفة والتحيّل. وقد أحيل المتهم على أنظار القضاء بعد أن ألقي عليه القبض متلبسا، عندما توجه الى احدى المناطق الريفية المتاخمة للعاصمة، ليخبر أهاليها بأنه يشغل مهمة «معتمد»، وأنه جاء للاطلاع على أوضاعهم وأحوالهم وتقديم يد المساعدة إليهم، وقدم لهم جملا وكلمات انشائية وحدّثهم عن التضامن والتآزر بين التونسيين، وضرورة التمسك بهذه القيم ودفعها الى الأمام، وإزاء حالة الوقار التي كان عليها ولباسه الأنيق والسيارة الفخمة التي استعملها للتمويه لم يجد الأهالي غير تصديقه والاحتفاء به، وبعد أن اطمأن اليه الناس طلب منهم جمع بعض المبالغ المالية لتوزعها «المعتمدية» على بعض الفقراء والمحتاجين. واعدا اياهم في المقابل بمساعدتهم على بعث مشاريع فلاحية، وأوهم البعض منهم بأنه سيعطيهم مبدئيا، في اطار «المساعدة» أبقارا لتربيتها والاستفادة منها. وأمام وعوده و»وقاره والهيبة» التي كان عليها قام أشخاص من أهالي المنطقة بجمع بعض المبالغ المالية التي قدّرت لاحقا ب500 دينار! وبعد أن حيّاهم أراد مغادرة المكان، إلا أن أحد الأهالي ارتاب في الموضوع ومسّه الشكّ، إذ تعود قدوم المعتمد في حالات الزيارة مرفوقا بوفد من السلط والمسؤولين المعنيين فضلا على أنه سبق له أن رأى المعتمد الحقيقي في مناسبة سابقة، لذلك سارع في الاتصال بأعوان الأمن الذين حلّوا بالمكان وطلبوا هوية المشتبه به الذي حاول في البداية مراوغتهم، إلا أنهم تمكنوا من كشف أمره وفضح ما أراد إيهام الناس به، فتمّ جلبه الى مركز الأمن، كما تمّ ابلاغ ممثل النيابة العمومية الذي أذن بفتح تحقيق في الموضوع. وبالتحرير على المشتبه به وحجز المبالغ المالية لديه، اعترف بما نسب اليه وطلب الصفح والعفو، فصدرت في شأنه بطاقة ايداع بالسجن الى حين احالته على القضاء. وقد أفاد المتهم صباح أمس أثناء استنطاقه أنه فعلا أخطأ، وطلب على أساس ذلك بالعفو عنه، ولم يجد محاميه غير طلب التخفيف عنه قدر الامكان القانوني، لتقرّر المحكمة في الأخير ختم الترافع في القضية وحجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقرر ا دانة المتهم وسجنه من أجل انتحال صفة مدة عام واحد ومن أجل التحيل مدة عام.