تقدم مواطن نيابة عن ابنته بقضية لدى المحكمة الادارية ضد وزارة التربية والتكوين، بعد الاعلان عن عدم نجاح ابنته في امتحان الباكالوريا رغم احرازها على معدل عام فاق العشرة من عشرين، فأين إذن يكمن الاشكال؟ حسب عريضة الدعوى التي تقدم بها المدعي فإن العارضة شاركت في امتحان الباكالوريا في دورة سنة 2001 وفي يوم اجراءاختبار مادتي التاريخ والجغرافيا أخرجت من جيبها أثناء الامتحان منديلا ظهرت معه ورقة صغيرة، فتفطن الأستاذ المراقب الى الواقعة وأخذ منها الورقة وورقة الامتحان، ثم أعلم رئيس مركز الامتحانات وتمّ تمكينها من ورقة امتحان أخرى، وأشير عليها بمواصلة الاختبارات، إلا أنه اثر الاعلان عن النتائج تبيّن لوالد العارضة أن ابنته لم تنجح في الباكالوريا، فتقدم بقضية الحال ليطعن في صحة ما نسب اليها من غش، وردّت وزارة التربية والتكوين على ذلك وطلبت رفض الدعوى على أساس أنه يتعذر على الادارة الرد على عريضة الدعوى لعدم كفاية البيانات الواردة بها وانعدام المؤيدات باعتبار أن وكيل التلميذة العارضة يطعن في قرار رسوب ابنته في امتحان الباكالوريا، لكنه لم يذكر ضمن عريضته اسم منظورته والمعهد الذي تدرس به وعدد التسجيل والسلسلة عند اجتيازها الامتحان مخالفا بذلك مقتضيات الفصل 36 (جديد) من قانون المحكمة الادارية، وفضلا عن ذلك فقد وردت عريضة الدعوى خالية من كل المؤيدات المتعلقة بمنظورته. وأضاف من جهة ثانية وكيل التلميذة في 14 فيفري 2002 تمسكه بما ورد بعريضة الدعوى، مؤكدا على أنه بالرغم من اسنادها صفرا في مادة التاريخ والجغرافيا فإنها تحصلت على معدل يفوق العشرة من عشرين ورغم ذلك لم يتم التصريح بنجاحها. فيما رأت الادارة من جديد أن القرار المنتقد في طريقه ومستوفي لجميع أركانه القانونية تبعا لثبوت حالة غشها في الامتحان، وعملا بأحكام الفصل 20 (جديد) من القرار الصادر عن وزير التربية المؤرخ في 24 جوان 1992 والمتعلق بضبط نظام امتحان الباكالوريا كما وقع تنقيحه بالقرار المؤرخ في 2 جانفي 2001 التي تقتضي أن «كل ارتكاب للغش أو محاولة الغش وكل ارتكاب لسوء السلوك من قبل المترشحين في امتحان يعرض أصحابه للعقوبات.. وتصرّح اللجان في جميع الحالات بإلغاء الامتحان في دورتيه بالنسبة الى مرتكب الغش الأساسي أو محاوله..». ودفعت الادارة بخصوص تمسّك وكيل العارضة بتحصل منظورته على أكثر من المعدل المطلوب بأن قرار إلغاء الامتحان لا ينصرف الى المادة التي وقع فيها الغش فحسب وإنما الى كامل الامتحان وفي دورتيه. لذلك رأت المحكمة بعد الاطلاع على القوانين المتعلقة بها وعلى القانون الأساسي عد 11 لسنة 2002 المؤرخ في 4 فيفري 2002 والقانون الأساسي عدد 98 لسنة 2002 وعلى مطلب وكيل المدعية الذي طلب فيه من المحكمة تسجيل تخلّي ابنته عن دعواها، أن أحكام الفقرة الأولى من الفصل 32 (جديد) من قانون المحكمة الادارية اقتضت أنه «يمكن للمدعي أن يتخلّى كليا أو جزئيا عن دعواه وذلك بعد عدوله عن طلباته، ولا يقبل إلا التخلي الصريح»، وطالما كان التخلي في هذه القضية صريحا فإنه يتعين تبعا لذلك التصريح بقبول تخلي العارضة عن دعواها وهو حكم المحكمة، في القضية عدد 19978 الصادر بتاريخ 27 مارس 2003.