لا يبعد قصر قبة النحاس في منوبة كثيرا عن القصر الاخر لحمودة باشا المعروف بالبرج الكبير، ونستطيع فعلا الكلام عن توأم له لا يقل عنه أبهة وفخامة. وعلى غرار هندسة القصور عموما في منوبة، يرتفع الهيكل العام المستطيل الشكل عن سطح الارض ليمنح الزائر شعورا بالشموخ والأنفة. ومن داخل الساحة الكبيرة ينطلق البصر نحو واجهة بيضاء ضخمة، تغطي بعضا منها الظلال الوارفة للاشجار الضخمة، ويمر الزائر اليها عبر سلم واسع مبني من الحجر. فضاءاتويأخذ مبنى قصر قبة النحاس اسمه من «الكشك» الذي وقع بناؤه في البداية للحريم الملكي في هذا الركن الرفيع من منوبة. ويراعى فن العمارة هنا ايضا حسن استغلال الفضءات وسلاسة الاستعمال ا لوظيفي للقاعات والفخامة فلا يمكن لذلك الا ان يتنزع الاعجاب. هذا الفن المعماري المتميز هو الخاصية لمجمل ما بناه الباي حمودة باشا، سواء كان في السبيل الذي يعرف باسمه في منوبة او في قصر الوردة او دار الباي في «قصبة» تونس أو في مختلف الثكنات والقشلات التي أقيمت بأمر منه. **هندسة رائعة ويحتوي الطابق السفلي للقصر في الاصل، على مخازن المحلات المعتادة (المرحاض والماجل والمطابخ وشقق الخدم وحمام وجناحان للجلوس يفتحان على الحدائق وضيعة). أما خزانات الماء الجامعة لمياه الامطار والمسقفة بقباء فقد ارتكزت تحت الفناء الفوقي. وعند معاينة الاسس المدرعة للطابقين، يلاحظ الزائر الهندسة المتقنة والمتناهية في الدقة. ويلوح للزائر الطابق الاول حيث يحس بالصمت الخاشع وسط نفحات من المعمار الايطالي. فباب الدخول المقوس يبرز ابداعا كبيرا في القصور وفنا في الانجاز خاصة وأن تأطيره الحجري الذي يعلوه طوق مرمري يبهر بجمال الزخارف ودقة تركيبه.
