مثل صباح أمس أمام الدائرة الجنائية الأولى بالمحكمة الابتدائية بتونس ثلاثة شبان أعمارهم تتراوح بين الخامسة والعشرين والثلاثين سنة لتورطهم في جريمة السرقة الموصوفة باستعمال التسوّر والخلع والعنف الشديد باستعمال السلاح على من وقعت عليه السرقة. وتتمثل وقائع الجريمة، في اتفاق الشبان الثلاثة، وهم من متساكني أحد الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة، على السطو على منزل وسرقته ليلا، وبالفعل توجهوا نحو المحل المتفق عليه في ساعة متأخرة من الليل، وتعمدوا تسور الجدار الخارجي، ثم خلعوا الباب الرئيسي وولجوا الى داخل المنزل مستعملين مصباحا كهربائيا يدويا، وبدؤوا في اختيار المسروق بكل «دقة وعناية» الا أنهم أثناء ذلك أحدثوا ضجيجا، مما أدّى الى استيقاظ صاحب المنزل، اذ لم يكونوا على علم بأنه بالداخل وتصوروا أن المحل كان خاليا من أهله. بعد أن استيقظ صاحب المنزل، توجه نحو الفناء ليستجلي الأمر، وأضاء النور، فإذا به يفاجأ بوجود ثلاثة شبان داخل محلّ سكناه وهم بصدد سرقته، وعندما تفطنوا الى وجوده لم يتركوا له الفرصة لطلب النجدة.. إذ انهالوا عليه ضربا وركلا حتى سقط أرضا، فيما تعمّد أحدهم اصابته بعصى ليغمى عليه، وإثر ذلك واصلوا عمليتهم، كأن شيئا لم يكن، اذ استولوا على أجهزة منزلية والكترونية وأدباش وقطع مصوغ وأشياء أخرى، كما استولوا على دراجة نارية عثروا عليها اثناء مغادرتهم مكان الجريمة، ثم لاذوا بالفرار. وبعد فترة زمنية، تجاوز المتضرّر مرحلة الاغماء فتوجه مباشرة الى أقرب مركز أمني، وأبلغ عمّا تعرض له كما أدلى بأوصاف المشتبه بهم وتقريبا لأعمارهم، وبعد التحرير عليه وسماع أقواله تمسّك بحقه في مقاضاتهم، كما تم إبلاغ ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي أذن بفتح تحقيق في الموضوع. وبدأ المحققون تحرياتهم وأبحاثهم على ضوء ما توفر لهم من معلومات ومعطيات، الى أن تمكنوا من تحديد هوية أحد الجناة ثم الاشتباه به وإلقاء القبض عليه، وبالتحرير عليه واستنطاقه أثناء جلبه الى مركز التحقيق، حاول في البداية الايهام بخلو ذهنه من وقائع الجريمة المنسوبة إليه، إلا أنه بعد أن تعرّف عليه المتضرر وتمسّك بتوجيه اصبع الاتهام له، لم يجد غير التراجع عن انكاره والاعتراف بوقائع وتفاصيل ما صدر عنه، كما أدلى بهوية مشاركيه وعناوينهم، فتمكن أعوان الأمن من القاء القبض عليهما، وتواصلت بذلك الأبحاث في شأنهما، إذ اعترفا بمشاركتهما الفاعل الأصلي جريمة السرقة والاعتداء بالعنف الشديد على صاحب المنزل. وبعد انهاء الأبحاث الأولية في القضية تمت احالة المتهمين على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث تواصلت التحقيقات في شأنهم، فاعترفوا بما نسب اليهم وتمسكوا بما كان قد سجل عليهم من أقوال وتصريحات لدى باحث البداية، لذلك وجهت لهم النيابة العمومية تهمة السرقة الموصوفة من محل معدّ للسكنى باستعمال التسور والخلع والاعتداء بالعنف الشديد باستعمال سلاح أبيض على من وقعت عليه السرقة على معنى أحكام الفصل 261 من المجلة الجنائية الذي ينص على أنه «يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب السرقة الواقعة باستعمال العنف الشديد أو التهديد به للواقعة له السرقة أو لأقاربه واستعمال التسور أو الخلع..» وأصدرت بذلك النيابة العمومية ضدهم بطاقات ايداع بالسجن وهو ما عاضدته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس بعدما طعن المتهمون في لائحة التهم الموجهة إليهم، وقرّرت بذلك احالتهم على احدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاتهم من أجل ما نسب إليهم. اعترف المتهمون الثلاثة أثناء استنطاقهم أمس من قبل هيأة الدائرة الثالثة جنائي بابتدائية العاصمة وصرح كل منهم بدوره ومسؤوليته في وقائع الجريمة، فيما نفى أحدهم مشاركته في الاعتداء بالعنف الشديد على صاحب المنزل، وطلبوا العفو عنهم والتخفيف، وساندهم لسان الدفاع الذي حاول التشكيك والطعن في رواية المتضرر، إلا أنه رافع في اتجاه عدم معارضته لمبدإ الادانة لكنه طلب من هيئة المحكمة ضمّ العقوبات المنتظرة لعناصر نفس التهمة بالعقوبة الأشد وهي السرقة، وطلب على أساس ذلك تمكينهم من فرصة العودة الى المجتمع من جديد وذلك بالتخفيف في عقابهم قدر الامكان القانوني، وتمسّك ممثل الادعاء العمومي بالمحاكمة طبقا للائحة الاتهام لتقرّر المحكمة في الختام حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في وقت لاحق.