لعل الذين سوف يدانون بجرائم في المستقبل القريب يقضون عقوبتهم بالسجن مع السماح لهم بالتحرك بحرية خارج جدران الزنازين. ولكن هذا لا يعني تفاديهم للعقوبة المفروضة عليهم. بل إنهم سوف يخضعون لمراقبة طوال ال 24ساعة خلال فترة الحكم. وما كان هذا ليكون لولا التقنية الحديثة التي ابتدعتها شركة تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها. وتتيح هذه التقنية استبدال حراس السجن بنظام مراقبة الكترونية قامت بتطويره شركة بريميير جوغرافكيس. وقال غراهام كوتريل مدير الشركة «تعتبر هذه التقنية خياراً بديلاً للسجن والسجان بالنسبة لأولئك الذين ارتكبوا جرائم بسيطة، حيث يمكنهم ممارسة حياتهم اليومية والبقاء مع علائلاتهم. غير أن هذه التقنية توفر وسيلة عقابية تتمثل في مراقبة وجود أو غياب المحكوم عليهم في مناطق الحبس.» وتتألف تقنية نظام المراقبة الالكترونية «أي. أم. إس - EMS» من أربعة مكونات رئيسة؛ جهاز تحديد هوية الشخص وجهاز المراقبة والإدارة الميدانية ومركز للتحكم بالأجهزة. ويعمل الجهاز بربط جهاز تحديد الهوية بحجم ساعة اليد بمعصم أو كاحل السجين الذي يكون متأبطاً ذلك الجهاز طوال فترة سريان الحكم عليه. ولا يتم نزعه إلا بواسطة الشخص المسؤول عن تنفيذ العقوبة أو بإذن منه. وجهاز تحديد الهوية عبارة عن جهاز إرسال يعمل بالبطارية ويفيد مركز التحكم بمكان تواجد السجين والمنطقة التي سيبقى فيها. ويقوم هذا الجهاز بإرسال إشارات لاسلكية مشفرة يصل مداها إلى 100متر، وهو لا يُعنى بغير شخصية المحكوم عليه. وإذا لم يتمكن جهاز المراقبة من التقاط الإشارات من جهاز تحديد الهوية خلال ساعات الحبس، فيتم إبلاغ مركز التحكم فوراً بحالة «الغياب». 70 غراما ويشبه جهاز تحديد الهوية في شكله ساعة اليد ويبلغ وزنه أقل من 70غراماً. ويتمتع هذا الجهاز بصغر الحجم وخفة الوزن، بحيث يمكن ارتداؤه بكل ارتياح تحت الملابس ولا يلفت الانتباه للشخص الذي يرتديه. وعلاوة على ذلك، يوجد داخل الجهاز سلك مصنوع من ألياف بصرية، فأي محاولة من السجين بقطع الجهاز أو فصله تؤدي لانطلاق جهاز الإنذار. فيما يمتد عمر بطارية الجهاز إلى عام. وإذا لم يكن السجين متواجداً في المنطقة المحددة للحبس وفي الوقت المحدد له، فإن جهاز تحديد الهوية يقوم بإبلاغ وحدة المراقبة. ويمكن وضع هذه الوحدة في منزل السجين أو مكان عمله أو مدرسته أو مرفق تدريبه، وذلك على حسب ما جاء في أمر الحبس. وتعمل وحدة المراقبة على ربط مركز التحكم بوحدة المراقبة عبر خط هاتف ثابت أو جوال، ما يتيح للمركز مراقبة سلوكيات السجين عندما يكون خارج منطقته. ويكون المركز كذلك قادراً على الاطلاع على أوضاع السجناء ويتم إرسال السجين إلى السجن عند مخالفته الشروط. وأما الإدارة الميدانية فهي عبارة عن حاسوب محمول مخصص لمراقبة وضعية وحدة المراقبة وجهاز تحديد الهوية، وإعادة ضبطها كلما دعت الحاجة لذلك. كما أنه يتيح مراقبة السجين على نحو عشوائي. وتقوم الشاشة بعرض أوضاع أجهزة تحديد الهوية ووحدات المراقبة، فضلاً عن الترتيبات الهندسية الداخلية للأجهزة والأرقام المسلسلة وأوضاع البطاريات. ويشتمل جهاز المراقبة الالكترونية على قدرات صوتية تمكن من مراقبة السجين باستخدام نداءات منظمة أو عشوائية للتأكد من وجود الشخص في المكان والزمان المحددين. مراقبة وبناء على بصمة الصوت و»هوية المتصل» الخاصة بخط الهاتف، يقوم جهاز المراقبة بتحديد ما إذا كان صوت المتكلم في الطرف الآخر هو صوت السجين أو شخص آخر غيره. ولا تتيح تقنية المراقبة الصوتية متابعة السجين في منزله فحسب، بل في مدرسته أو مقر عمله كذلك. يقول تشانيوست جانيتوبيروكس، رئيس شركة تيرابوند، وهي الشريك المحلي لبريميير جو غرافيكس: «عند خروج السجين من منطقة الحبس أو فشله في العودة إلى منزله في الوقت المحدد له، تقوم وحدة المراقبة بإنذار المركز. وعندها يقوم مسؤولو المركز بالاتصال بمنزل السجين للتأكد من وجوده. وبالإضافة إلى ذلك، يقوم المسؤولون بتدوين كافة المخالفات التي ارتكبها السجين خلال فترة تنفيذ الحكم.» ويقوم المدانون بعقوبة «الحبس الطليق» بمراجعة المحكمة لتسجيل أسمائهم. فيما تقوم المحكمة بدورها بإدخال بياناتهم الشخصية في أجهزة تحديد الهوية ومراكز التحكم. قال تشانيوست أن الشركة تعتزم طرح فكرة التقنية الجديدة على وزارة العدل لتطبيقها على صغار المجرمين. ويتعين على المدانين ب «السجن الطليق» تسديد رسوم تبلغ ربع دولار في اليوم. ويقوم المسؤولون عن الإصلاحيات حالياً بدراسة التقنية الجديدة بغية تطبيقها على بعض المساجين في محاولة للحد من ازدحام السجون لديهم. ويشار إلى أن عدد المساجين في تايلاندا يبلغ 205.866 سجيناً (164.351 رجلا و 41.515 امرأة). وأضاف تشانيوست أن نظام المراقبة الالكترونية يتم تطبيقه حالياً في بعض الدول كالمملكة المتحدة واستراليا ونيوزيلندا وسنغافورة والولايات المتحدة. يذكر أن 10 من المساجين تطبق عليهم عقوبة «الحبس الطليق» وتتم مراقبتهم الكترونياً. وستقوم الشركة في المستقبل القريب بدمج نظام المراقبة الالكترونية مع النظام العالمي لتحديد المواقع حتى يتسنى للمسؤولين متابعة المساجين أينما كانوا وفي جميع الأوقات.