الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيقات «الشروق»: «الصحة العمومية على أبواب مرحلة جديدة»
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

تستعدّ المنظومة الصحية والعلاجية في البلاد الى دخول مرحلة جديدة تشير كل الدلائل على أنها ستكون «حاسمة» في تنفيذ خيارات التأهيل، وتقريب القطاعين الخاص والعمومي لتقديم خدمات علاجية متطورة وحسن استغلال الامكانيات البشرية والمادية المتوفرة في ظل النظام الجديد للتأمين على المرض الذي من المنتظر أن يغيّر الوجه الكامل لهذه المنظومة..
«الشروق» حققت في واقع قطاع الصحة العمومية وبحثت في جميع جوانبه من حيث «الموجودات» والطرائق والحلول المطروحة لتجاوز الصعوبات التي لم تعد خافية بالقطاع.
تحقيق : خالد الحداد
لم يعد خافيا على أحد ما يشهده قطاع الصحة العمومية من ضغط متزايد من يوم الى آخر، فالواقع يشير بما لا يدع مجالا للشك الى وجاهة التذمرات «المتصاعدة» من المواطنين في جل الجهات من خدمات المستشفيات العمومية ومن كثرة الاكتظاظ الذي تعرفه مختلف الاقسام الطبية والصحية ومن نقص الأطباء والاطار شبه الطبي اضافة الى عدم توفر الأدوية بالقدر اللازم لمرضى العيادات الخارجية مما يكبدهم مصاريف اضافية وباهظة أحيانا، كما يعاني الكثير من المرضى الذين ليس أمامهم سوى التوجه الى القطاع العام بسبب ظروفهم المادية وحالتهم الاجتماعية من تأخر مواعيد بعض الفحوصات وتأخر مواعيد العمليات الجراحية الى حدود لا تُعقل قد تُهدّد حياة المريض.
**مجهود ماراطوني
وتؤكد كل المؤشرات المتوفرة على أن قطاع الصحة العمومية في حاجة الى مجهود ماراطوني خلال الاشهر القادمة لملاءمته مع المتغيرات الجديدة والابتعاد به عن جملة المشاغل العالقة به، اذ أضحى من الضروري على وزارة الصحة العمومية أن تعمل على تأهيل الهياكل الصحية العمومية وتدعيم مصالح الاستقبال بالأعوان المختصين وتوفير فضاءات بها كل المرافق التي يحتاجها المواطن داخل المؤسسة الصحية، كما أن الخدمات المتعلقة بالاقامة (الفندقة) تبقى دون المستوى المأمول والمطلوب في عدد غير قليل من المؤسسات الاستشفائية، كما أنه يتعين على المصالح الصحية العمومية في البلاد الحرص على اقرار العمل بمقاييس الجودة وضبط برنامج للتقييم تهم كل العمليات العلاجية والصحية وتشمل كامل شبكة المراكز الصحية باختلاف درجاتها وتأهيل الموارد البشرية وتوفير الاطار اللازم وإقرار برامج جوهرية في التكوين وتجاوز عقبة التسيير لتوفير أقصى درجات النجاعة والجدوى.
**ميزانية ضعيفة
وتشير مصادر صحية الى أن النقص الفادح في الأعوان والاطارات والتجهيزات يبقى المعضلة الأهم في واقع قطاع الصحة العمومية إذ تفيد المعطيات المتوفرة أن الميزانية التي تسند الى المستشفيات العمومية لا تتجاوز 40 من حاجياتها الضرورية التي يضبطها المديرون، وهذا النقص أضحى «مفزعا» الى درجة كبيرة ويؤدي في جل الحالات الى تعكّر العلاقات الاجتماعية داخل المؤسسات الاستشفائية بين الأعوان الصحيين والمرضى كما أنه يساهم في تكثف الأخطاء الطبية أو تعكّر الحالات الصحية للمرضى في ظل الضغط الكبير و»القلق» الذي يعيشه الممرضون والأطباء.
ويزداد الوضع تدهورا بانتشار ظاهرة خطيرة برزت مع بدايات الاصلاح الهيكلي لقطاع الصحة العمومية سنة 1998 وهي شركات الخدمات حيث أن هذا الصنف يشغل عمالا في ظروف قاسية وغير قانونية مما ينتج في أغلب الأحيان تدخلات فيها الكثير من نقص التجربة مما يؤدي الى مزيد «احداث التوترات» بمختلف الفضاءات الاستشفائية.
**عيّنة ناطقة
وعلى الرغم من أن «الواقع الصعب» لقطاع الصحة العمومية في غير حاجة الى «تدليل» فإننا اخترنا أن نعطي بسطة موجزة عن أحد أهم الاختصاصات الطبية (التخدير والانعاش) الذي يعاني خللا بارزا على الرغم من مكانته البارزة في العملية العلاجية ككل جراحة وتدخلا استعجاليا، إذ تشير الاحصائيات المتوفرة لدى الجمعية التونسية لأطباء التخدير والانعاش الى أن عدد الاطباءفي الاختصاص هو في حدود 167 طبيبا وهو ما يمثل 1.7 على كل 100 ألف ساكن وهو رقم بعيد جدا عن النسب العالمية، اذا ما علمنا أنه في حدود 13.4 في فرنسا و4.7 في مصر مثلا، ويزداد الأمر تعقيدا والتباسا عندما نعلم أن 40 طبيبا فقط من العدد المذكور (167) يعملون في القطاع العام في حين يشتغل البقية في القطاع الخاص.
وبرغم أن مواصفات المنظمة العالمية للصحة تفيد بضرورة وجود 1.5 في الاختصاص على كل طبيب جراح في حين أنه لا يوجد حاليا في تونس غير طبيب تخدير على كل 9 أطباء جراحة.
وأشارت مصادر مطلعة ل»الشروق» الى أن قسم التخدير والانعاش بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة وهو أكبر المستشفيات الجامعية في الجمهورية الذي تمّ بعثه سنة 1998 ليس له الى حد اليوم المقرات الخاصة به وبقي مكانه في قسم الاستعجالي وفي ظروف صعبة جدا حيث يعمل 4 أطباء في قاعة واحدة لا تتجاوز مساحتها 16م. مربعا برغم ارتفاع عدد العمليات الخارجية وتزايدها من عام الى آخر حيث بلغت سنة 2003 حوالي 8 آلاف عيادة وهو رقم مرتفع لا يتماشى مع ظروف العمل الراهنة، كما أنه لا يتوفر بالمستشفى ككل سوى 7 أطباء في الاختصاص المذكور برغم وجود 9 أقسام جراحة.
وحال اختصاص التخدير والانعاش في سائر المستشفيات الجامعية والجهوية لن يكون أفضل مما هو عليه في «شارل نيكول».!
** مصدر بوزارة الصحة: الدولة لن تتخلّى عن القطاع العمومي
أشار مصدر بوزارة الصحة العمومية ل»الشروق» أن الوزارة وضعت خطة شاملة بهدف تأهيل الهياكل الصحية العمومية قصد تحسين نوعية الخدمات الاستشفائية والصحية المسداة الى مختلف شرائح المترددين.
وقد أشركت الوزارة عدة متدخلين من الاطارات الطبية وشبه الطبية والادارية وناقشت كل المكونات والعناصر التي يجدر اعتمادها لمزيد النهوض بأداءالهياكل الصحية العمومية ونظمت لهذا الغرض عدة ملتقيات شاركت فيها النقابات المهنية للقطاع العمومي للصحة.
**تحسين ظروف الاستقبال
وتهدف خطة تأهيل الهياكل الصحية العمومية الى النهوض بالاستقبال والحد من الاكتظاظ بالتركيز على تنظيم عملية قبول الوافدين على المؤسسة الاستشفائية وتبسيط الاجراءات الادارية وتدعيم مصالح الاستقبال بأعوان من ذوي الاختصاص وتوفير كل المرافق بالفضاءات المعدة لذلك، كما تحرص الوزارة على العناية بظروف اقامة المرضى وذلك بالسهر على توفير كل متطلبات الراحة والعناية بنظافة المحيط وجودة الأغذية وظروف الترفيه والتسلية، وقد تمّ في هذا الاطار تكوين فريق عمل يتولى النظر في سبل تحسين الاستقبال وتبسيط الاجراءات والمسالك.
كما أن الوزارة قد قطعت خطوات هامة في تطوير الخدمات بهدف تقليص مدة الانتظار وتحسين ظروفها وذلك بتنظيم العيادات حسب مواعيد مسبقة وفرز الملفات الطبية في اليوم السابق للعيادة وتمديد مواقيت فتح النوافذ وامكانية التسجيل عن بعد والتحكم في المواعيد وتوسيع مواعيد التسجيل.
وفي باب الجودة تسعى خطة وطنية لتأمين ذلك بمختلف برامجها التنفيذية وستساهم هذه الخطة في ارساءثقافة الجودة والتقييم في جميع مستويات المنظومة الصحية وتقوم وحدة مركزية بتنظيم ومتابعة وتطبيق تلك الخطة.
**تعزيز
وفي باب الموارد المالية والبشرية وحرصا على تدعيم الموارد البشرية بالعدد الكافي والاختصاصات المطلوبة وتدعيم التجهيزات حسب حاجيات كل مؤسسة ينتظر أن تستكمل برامج ميزانية السنة الحالية (2004) احداث 940 خطة جديدة موزعة كما يلي:
215 خطة طبية وموازية (50 خطة طبيب مختص/ 80 مساعد استشفائي جامعي في الطب/ 50 طبيب للصحة العمومية/ 15 طبيب أسنان/ 10 صيدليين/ مساعد استشفائي جامعي في طب الأسنان/ طبيب أسنان مختص/ مساعد استشفائي جامعي في الصيدلة/ صيدلي بيولوجي).
585 خطة شبه طبية : (250 فني سام/ 330 ممرضا/ 5 مرشدين اجتماعيين أول).
70 خطة ادارية وفنية : (مستشارون ومختصون نفسانيون وبيولوجيون ومتصرفون وكتبة وتقنيون).
70 خطة عامل: كما أنه سيتم تعويض 427 عونا وقعت إحالتهم على التقاعد خلال السنة الفارطة.
وفي باب الترقيات في السلك فتهم سنة 2004 ألفي خطة.
يُذكر أن ميزانية سنة 2004 للصحة العمومية قد حددت تصرّفا وتجهيزا مبلغا جمليا قدره 953.9 مليون دينار أي بزيادة 33.3 مليون دينار عن ما كان عليه سنة 2003، مخصص منها 73.8 مليون دينار لنفقات التجهيز منها 7.54 مليون دينار اعتمادات مخصصة للبناء كما وقع ادراج اعتمادات دراسات للمشاريع الكبرى المبرمجة بالمخطط العاشر ولمواصلة انجاز مشاريع التهيئة والتجديد.
وأشارت مصادر وزارة الصحة العمومية الى أن مساهمة الدولة ماتزال فاعلة في قطاع الصحة العمومية ذلك أن مساهمتها في تمويل النفقات الجملية لميزانية السنة الجارية هي في حدود 651.7 مليون دينار وهو ما يمثل نسبة 68.2 في حين أن نسبة مساهمة الموارد الذاتية للمؤسسات الاستشفائية والصحية هي في حدود 14.4 ومساهمة الصناديق الاجتماعية عن طريق فوترة الخدمات المسداة للمضمونين الاجتماعيين في حدود 17.3 فقط من الميزانية.
وتعمل مصالح الوزارة جاهدة على تنفيذ وإعداد برامج اللجنة التي تمّ اقرارها في مجلس وزاري والمهتمة بتأهيل قطاع الصحة العمومية لتقديم المزيد من التصورات والأفكار للنهوض بالقطاع وتدعيم دوره الريادي في المنظومة العلاجية في البلاد وتأكيد الدور التكاملي مع القطاع الخاص بما يضمن ابقاء الصحة حقا اجتماعيا بامتياز ولا يمكن المساس به لأن صحة المواطن هي جوهر العملية الصحية ككل.
** الكاتب العام للجامعة العامة للصحة: اقرار «القطاع الخاص» كبديل عن القطاع العام يهدد المنظومة الصحية
يرى السيد قاسم عفيّة الكاتب العام للجامعة العامة للصحة أن المشكل الأساسي للصحة هو تحول العلاج من «حق اجتماعي» الى بضاعة بمايعني أنه أصبح متعلقا بقدرة المواطن على الدفع وقال في تصريح ل»الشروق»: «لا يمكن أن تكون هناك صحة للجميع إلا بإرجاع الصحة كحق اجتماعي وتكريس ذلك في الواقع، حتى تكون الصحة في متناول كل من هو في حاجة إليها».
ويعتبر السيد قاسم عفية أن الخارطة الصحية في حاجة الى المراجعة لأنها لا تعتمد فقط على القطاع الصحي العمومي بل تضع في اعتبارها في آن القطاع الخاص الذي سيكون بهذا التمشي ووفق المشروع الجديد للتأمين علي المرض بديلا وهو في الأصل محل تكميلي فقط. وأضاف المتحدث «إن تكريس مقولة الصحة كحق اجتماعي يجب أن تنطلق من ضرورة توفير كل التجهيزات والفضاءات والاطارات الطبية وشبه الطبية في المستشفيات العمومية حتى يتمكن المواطن من الوصول اليها كلما أراد ذلك».
وأكد المتحدث أن الخارطة الصحية تكرّس القطاع الخاص كبديل عن القطاع العمومي وهذا يمكن أن يؤدي الى تفاقم الأمراض المعدية والمستعصية في صورة عدم القدرة على العلاج.
ويرى السيد عفية أن الاصلاح الهيكلي عبر التأمين على المرض يهدد بالظروف والمعطيات الحالية مواطن شغل كافة العاملين في قطاع الصحة العمومية باعتبار أن المنافسة بين القطاعين العام والخاص التي سيفتحها النظام الجديد للتأمين على المرض ستكون لصالح القطاع الخاص نظرا للاكتظاظ وطول المواعيد والانتظار في القطاع العام، وسيكون القطاع الخاص عندها هو «البديل الوحيد المتوفّر».
لهذا لا بدّ من التنبيه الى خطورة ما قد يؤول عليه الوضع في القطاع الصحي العمومي بما يفرض أهمية مراجعة الخيارات والعمل على ترسيخ مبدإ ان الصحة العمومية هي المرجع في المنظومة الصحية وأن القطاع الخاص تكميلي وليس بديلا.
وأوضح الكاتب العام للجامعة العامة للصحة أن تأهيل قطاع الصحة يجب أن يأخذ في اعتبار ضرورة أن يتم تطبيق الشروط المفروضة على الممارسة العلاجية الخاصة على القطاع العمومي نفسه بما يضمن توفر كل التجهيزات والاطارات والأعوان بكل مؤسسة صحية عمومية منذ بداية عملها.. وهي جملة شروط قانونية لا يجب قصرها على القطاع الخاص فقط.
وحرص المتحدث على ابراز أهمية أن يتم العمل بالتوازي على اعتبار دور العلاقات الاجتماعية في تحسين الخدمات الصحية ذلك أن الخدمة العلاجية لا تقوم فقط على التجهيزات بل كذلك على ضمان أفضل الظروف للعاملين في القطاع حتى يتسنّى لهم العمل في أريحية واطمئنان بما يعني أهمية الاستجابة للمطالب النقابية المرفوعة وهي بالأساس ضرورة المحافظة وعدم المساس بالحقوق المكتسبة لأعوان الصحة العمومية وإقرار حركة دورية للنقل والاعلان عن الترقيات وإرجاع المطرودين وتطبيق مذكرة الاتفاق الموقعة بتاريخ 25 أكتوبر 2003 في ما يخصّ إيقاف الخصم لفائدة تعاونية أعوان الصحة. وقال المتحدث «فطالما أن الظروف المهنية للأعوان لم تتحسّن لا يمكن للقطاع أن يتحسّن».
** الكاتب العام للنقابة العامة للأطباء والصيادلة: دمقرطة التسيير وألف مليار لانجاح خطة تأهيل القطاع الصحي العمومي
أفاد الدكتور البشير عرجون ل»الشروق» ان قطاع الصحة العمومية يتطلب تأهيلا حقيقيا «قبل فوات الأوان» وقال: إن القطاع يشكو من نقائص عديدة تخصّ البنية الأساسية والتجهيز والموارد البشرية والتسيير.. وإنه من الخطإ المواصلة على نفس الحال.
ويرى كاتب عام نقابة أطباء وصيادلة وأطباء الأسنان بالصحة العمومية ان السياسة الصحية تشكو من انعدام خطة واضحة تحدّد موقع المؤسسات الصحية والاستشفائية بكل أصنافها في صلب المنظومة العلاجية وبالتالي فهي تفتقد إلى توجه واضح المعالم.
ويعتقد الدكتور عرجون ان الحديث عن تأهيل قطاع الصحة العمومية لا يمكن أن يكون أساسا على ضوء الشكل الجديد لنظام التأمين الصحي لأنه مرتبط كذلك بالخطة الاستراتيجية التي تحددها سياسة الدولة ومعنى هذا انه لابد من ضبط دور القطاع العام وتحديد المطلوب منه سواء من ناحية العناية بالمواطنين والوقاية والتكوين الأساسي والمستمر.. وأضاف: «نحن نطالب بأن يكون قطاع الصحة العمومية هو المرجع الأساسي الذي ترتكز عليه المنظومة العلاجية والتأهيل هو تأهيل شامل أو لا يكون أنه يجب أن ينهض بكل الجوانب الصحية من بنية أساسية وتجهيز وموارد بشرية. كما انه لابد من التأكيد على ان الموارد البشرية تعاني بالاضافة إلى النقص من انعدام توزيع الاطارات بين الجهات بشكل عادل.
وأفاد المتحدث ان الخارطة الصحية يجب أن تعتمد وتطبق مقاييس العمل والمواصفات الدولية والالتزام بها.. وهي المقاييس المغيّبة حاليا لأن الانتدابات والتجهيزات تتم حاليا وفق الامكانيات الموجودة والمتوفرة لا حسب الحاجيات.
ويرى الكاتب العام لنقابة الأطباء ان تأهيل القطاع الصحي العمومي يتطلب موارد مالية خاصة ضخمة لا يمكن أن تقل عن ألف مليار من المليمات حتى يكون القطاع العام قادرا على منافسة القطاع الخاص وتقديم المهام المرجوة منه» بالاضافة إلى إرادة سياسية قادرة على احداث حركية جديدة تغيّر طريقة التطرق والتسيير وذلك أساسا بضمان مشاركة المهنيين في وضع الخطط والتنفيذ الفعلي والمتابعة.. وقال: «لابد من دمقرطة المؤسسات الاستشفائية حتى لا تبقى رهينة تصرفات كثيرا ما تضرّ بسيرها وتطورها.
ويرى المتحدث ان حسن التصرف والتسيير يمثل عاملا كبيرا في التحكم في الكلفة وتخفيف أعباء المصاريف.. كما ان التأهيل يجب أن يضبط وفق خطة مرحلية تحدّد أهدافها بصفة مسبقة.
** الصحة العمومية في أرقام
تعد الشبكة الصحية في القطاع العمومي 2028 مركزا للرعاية الصحية الأساسية و118 مستشفى محليا و34 مستشفى جهويا و22 مستشفى جامعيا تبلغ طاقة استيعابها 16682 سريرا أي بمعدل سرير لكل 586 ساكنا ويضاف إليها 3 مستشفيات عسكرية ومستشفى لقوات الأمن الداخلي و6 مصحات تابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وسيبلغ عدد الأعوان المرخص فيهم إلى موفى سنة 2004 بالنسبة لوزارة الصحة العمومية والمؤسسات التابعة لها 53153 عونا باعتبار الانتدابات الجديدة كما يضاف إلى ذلك 3715 خطة موزعة بين المتربصين الداخلين والمقيمين في الطب والأعوان العاملين بالحصة.
وقد أمنت المؤسسات الصحية سنة 2002 ما لا يقل عن 650 ألف إقامة استشفائية و15 مليون عيادة بالعيادات الخارجية والاستعجالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.