أحيل أمس أمام احدى الدوائر الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس أربعة أشخاص أدين منهم ثلاثة بأحكام بالسجن من قبل المحكمة الابتدائية فيما برأت ساحة الرابع الذي تمتع بحكم عدم سماع الدعوى، وذلك في قضية من الحجم الثقيل متعلقة بتهريب عملة صعبة والاقتراض بفوائض مشطة. وحسب وقائع القضية فإن المتهم الرئيسي وهو رجل أعمال تونسي ثري جدا خصص مبالغ مالية طائلة لاقراض بعض التجار الآخرين بفوائض مشطة، فيما عمد صحبة مشاركيه من المتهمين إلى فتح عدد من الحسابات البنيكة بالعملة الصعبة تستعمل لتهريب مبالغ كبيرة بآلاف الملايين من العملة الأجنبية فيما يستورد بعض التجار المتورطين معه بضائع من الصين وتايوان وهونغ كونغ واليابان وبعض الدول الآسيوية الأخرى، وهي مواد منزلية وأقمشة ومواد كهربائية وألعاب... كما سعى أحد المورطين في هذه القضية الى ربط الصلة بمؤسسات تجارية في دبي بالامارات العربية المتحدة وبالولايات المتحدةالأمريكية حيث تم تهريب مبالغ مالية طائلة عبر بنوك تونسية كما تم استحداث شركات وهمية لنفس الغرض وكان التجار يستغلون الأموال في شكل قروض من رجل الأعمال الثري وتراوحت هذه المبالغ بين الخمسين والمائتي مليونا في العديد من المناسبات بمقابل فوائض مالية مرتفعة وضمانات بصكوك بنكية رغم علمه بعدم وجود رصيد لذلك وقد تكررت عمليات تهريب الأموال واستيراد البضائع وافتعال التصاريح الديوانية والبنكية وكذلك الاقتراض بفوائض مرتفعة ومشطة، الى أن بلغ الى احدى الفرق الأمنية المختصة، افادة حول نشاطات هذه الشبكة فانطلقت الأبحاث الى أن ألقي القبض على رأسها، وهو رجل الأعمال المتهم الرئيسي في قضية الحال وتمكن المحققون من حجز عدد من الوثائق والصكوك البنكية المقدمة في شكل ضمانات ومبالغ مالية بالعملة الصعبة وخاصة الأورو والدولار، وقد تبين من خلال ما ورد بالوثائق المحجوزة تورط عدد آخر من التجار والأشخاص. وتمكن أعوان الأمن من القاء القبض على عدد منهم. وبعد ابلاغ النيابة العمومية وانطلاق الأبحاث تم جلب المتهمين إلى مركز التحقيق وبالتحرير عليهم اعترفوا بما نسب اليهم وكشفوا عن روابطهم التجارية مع العديد من الشركات والمؤسسات في أوروبا وأمريكا وآسيا كما اعترفوا بتهريب مبالغ مالية طائلة الى الخارج عبر حسابات بنكية جارية بالعملة الصعبة فيما تمسك البعض الآخر بالبراءة. كما تمت احالة المتهمين وملفات القضية على انظار أحد قضاة التحقيق بابتدائية تونس الذي أفرج على عدد منهم وأبقى على عدد آخر وبمزيد التحرير والتحقيقات تمسك البعض بالانكار فيما اعترف البعض الآخر فقررت النيابة العمومية اصدار بطاقات ايداع بالسجن ضد المشتبه فيهم من بينهم وقررت أن توجه لهم تهما متعلقة بتهريب عملة أجنبية وتحويلها دون وجه قانوني وافتعال تصاريح بنكية وديوانية والاقراض بفوائض مشطة والمشاركة في ذلك وأحيلت ملفات القضية على انظار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي قررت احالة المتهمين على الحالة التي هم عليها على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بابتدائية العاصمة لمقاضاتهم من أجل ما نسب إليهم. وقد مثلوا أمام هيئة المحكمة مؤخرا حيث تمسك كل منهم بما صدر عنه من تصريحات لدى قلم التحقيق وتراجع البعض عن أقواله التي كان قد أدلى بها أمام باحث البداية وأنكروا التهم المنسوبة اليهم فيما اعترف أحدهم بملكيته لحسابات بالعملة الصعبة يستعملها بطريقة شرعية لتحويل المبالغ التي يرغب فيها الى فرنسا حيث يقيم منذ أكثر من عشرين عاما. وبعد استنطاق المتهمين طلب ممثل النيابة العمومية المحاكمة طبقا للائحة الاتهام فيما قدم لسان الدفاع جملة من الطعونات الشكلية المتعلقة بالاجراءات كما طعن في التهم المنسوبة الى جملة المتهمين وطلب على أساس ذلك القضاء بعدم سماع الدعوى لتقرر هيئة المحكمة في طورها الابتدائي بعد ختم الترافع والاستماع الى كافة أطراف القضية التصريح بادانة ثلاثة متهمين والقضاء بسجنهم نال أحدهم سنتين والآخر سنة واحد كما تم تغريمهم بغرامات مالية لفائدة الديوانة باعتبارها متضررة في قضية الحال فيما برأت المحكمة ساحة أحد المتهمين وقضت في شأنه بعدم سماع الدعوى. إلا أن ممثل النيابة العمومية وممثل ادارة الديوانة والمتهمين قاموا بالطعن في هذا الحكم الابتدائي بالاستئناف حيث نظرت أمس الدائرة الجنائية في أطوار القضية. وقد أنكر المتهمون ما نسب اليهم وساندهم في ذلك لسان الدفاع الذي طلب القضاء لصالحهم بعدم سماع الدعوى فيما طلب ممثل النيابة العمومية اقرار الحكم الابتدائي من جهة الادانة والترفيع في العقاب كما طلب نقضه في خصوص حكم عدم سماع الدعوى وطلب ممثل ادارة الديوانة من جهته بالقضاء وفقا للتقرير الذي أدلى به منذ الطور الابتدائي مطالبا باعتماد الطلبات الأصلية والتكميلية في خصوص الدعوى المدنية لتقرر هيئة المحكمة حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم في وقت لاحق.