ألقى أعوان الأمن القبض على شاب لم يتجاوز العشرين من عمره بعد أن تورط في جريمة قتل اعتبرت حاملة لسابقية الاصرار والترصّد. وتفيد وقائع القضية أن هذا الشاب قرر السطو على منزل بأحد أرياف القصور من ولاية الكاف تسكنه امرأة وابنتها الوحيدة بعد أن بلغ إلى علمه حصولهما على مبلغ مالي هام لقاء بيعهما قطيعا من الخرفان، وذلك للتحضير لزفاف البنت الذي كان من المفترض أن يتم خلال هذه الصائفة. الجريمة من أجل ذلك خطّط للاستيلاء على هذا المبلغ المالي خاصة وأنه يعلم بوجود الأم وابنتها بمفردهما في المنزل دون رفيق أو رجل، فتوجه ليلة الواقعة إلى مكان الجريمة حيث اختفى فوق سطح المنزل إلى ساعة متأخرة من الليل، إلا أن حركاته أربكت الأم التي اخبرت ابنتها (25 سنة) أن ضجيجا وحركة يسمعان فوق السطح، فظليا تراقبان ذلك بهدوء وخوف، حتى هجع الليل، فاستسلمت البنت للنوم فيما بقيت أمها على قلق، حتى عادت الحركة فوق سطح المنزل، فقررت الخروج الاستجلاء الأمر حيث تبيّن لها تعرّض الفانوس الكهربائي لكسر حديث، لكنها واصلت السير لمعرفة ما يجري، حتى باغتها المشتبه به من الخلف وسدّد لها طعنة بسكين كان قد تسلّح بها، ثم أعاد الكرّة بكل قسوة فكانت الطعنة القاتلة التي أصابت الرقبة، وعندها سمعت البنت صراخ ثم شخير أمها فخرجت في حالة فزع ورعب لاستجلاء الأمر، حتى عثرت على والدتها جثة هامدة وقد أحاطتها الدماء من كل جانب، ورغم أنها رفعت عقيرتها بالصياح طلبا للنجدة، إلا أنه لا من مغيث فالمكان ريفي والمساكن متباعدة ولا يبلغ الصوت إلا عسرا. تقدم الجاني من الفتاة بكل هدوء، وانطلق في تعنيفها ثم سدّد لها هي أيضا طعنات بنفس السكين الذي قتل أمها، فأصيبت في جنبها ثم فخذها، كما تعمّد اصابتها في وجهها على مستوى خدّها الأيسر حتى سقطت مغشيا عليها، عندها أدرك هذا الشاب فضاعة ما أقدم عليه، فلاذ بالفرار حتى غاب عن الأنظار تحت جنح الظلام. المكالمة أنقذت الفتاة بعد لحظات استفاقت البنت من غيبوبتها فتمالكت وتحاملت على نفسها وانطلقت في الصراخ وطلب النجدة دون انقطاع، إلا أن أحدا لم يسمع صياحها فعادت إلى البيت وأخذت هاتفها النقال واتصلت بأحد أقربائها فأخبرته بالأمر، عندها فزع الأهل وتجمع الناس، ثم أبلغ أعوان الحرس الوطني بالموضوع فحلوا على عين المكان وقد تم ابلاغ النيابة العمومية والسلط المعنية ونقلت جثة الأم إلى المستشفى الجهوي بالقصرين لتشريحها فيما نقلت البنت المصابة إلى أحد مستشفيات الجهة. وبسماع أقوال المصابة قدمت للمحققين أوصاف الجاني بعد أن تمكنت من النظر إلى تفاصيل وجهه، فحصر المحققون الشبهة في شاب من أصيلي المنطقة وتوجهوا إلى مكان سكناه، فعثروا عليه متخفيا بمنزله وملابسه ملطخة بالدماء وكان مستقرا على حاله كأن شيئا لم يكن، فألقوا عليه القبض وحجزوا لديه أداة الجريمة. وباستنطاقه حاول في البداية الانكار مصرحا بأن بقع الدم مصدرها معالجته لأحد الخرفان وأنها ليست بقع دم بشري، غير أن التحاليل المخبرية فندت إدعاءاته، مما جعله يعترف بكل ما نسب إليه ويروي للمحققين تفاصيل جريمته، ودوافعها المادية، لذلك صدرت ضدّه بطاقة إيداع بالسجن، وفي انتظار احالته على القضاء، فإن ملفات القضية يتعهد بها حاليا أحد قضاة التحقيق بابتدائية الكاف، فيما لازالت البنت في وضع صحي واجتماعي سيء جدا بعد أن فقدت مرافقتها وعائلتها الوحيدة.