من العادات الرمضانية لأيام زمان وخاصة خلال فترة حكم البايات لتونس نذكر زيارة الباي للمدينة العتيقة ومواكبة ختم الحديث النبوي الشريف خلال اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المعظم وكانت هذه الزيارة تحظى باهتمام كبير من قبل سكان المدينة العتيقة وتجار الأسواق والأئمة والمشائخ. وعن هذه الطقوس والعادات التي تتم وفقها زيارة الباي للمدينة العتيقة يقول الباحث محمود زبيس: واكبت حين كنت صغيرا الاحتفالات التي تقام بالمدينة العتيقة بمناسبة حضور الباي احمد باي الثاني (الذي حكم تونس من سنة 1929 الى سنة 1942) ختم سرد الحديث النبوي بجامع الزيتونة المعمور. وقد كانت الاحتفالات تبدأ باستقبال الباي وحاشيته أمام دار الباي بالمدينة العتيقة من قبل شيخ المدينة آنذاك مصطفى صفر الذي مات سنة 1942 وعدد كبير من الأئمة والمشائخ ورجال الدين ووجهاء سكان المدينة العتيقة وأمناء الأسواق والتجار وعامة الناس الذين يترقبون حلول موكبه المهيب والكبير القادم من ضاحية المرسى أين يقيم الباي خلال فصل الصيف وإذا كان الفصل شتاء فإن اقامة الباي تكون بضاحية حمام الانف. وموعد قدومه الى المدينة العتيقة يكون يوم السابع والعشرين من شهر رمضان بعد صلاة العصر. وبعد نزول الباي من «كروسته» المجرورة بأربعة خيول ونزول جميع من يرافقه يتحرك الموكب سالكا طريق سوق الباي وسوق الطرق وسوق العطارين وتكون هذه الأسواق وواجهات المحلات مزينة احتفاء بقدوم الباي ليصل الى جامع الزيتونة حيث يجد في استقباله الإمام الأول لجامع الزيتونة فيدخل بيت الصلاة التي تكون عادة مكتظة بالمصلين وبعد تحية الحضور يأخذ الباي مكانه أمام المحراب وبجانبه المشائخ والأئمة وحاشيته ويواكب ختم سرد الحديث النبوي. وبعد الانتهاء من هذه الجلسة يغادر الباي ومن يرافقه جامع الزيتونة ويركب الكروسة المكشوفة ويقودها «باش كرارسي» سالكين طريق العودةمرورا بنهج القصبة ونهج سيدي بن عروس باتجاه بطحاء رمضان باي أين يتجمع عدد من الناس لمشاهدة موكب الباي عن قرب، ثم يمر الموكب بنهج الباشا ونهج الحفصية ونهج التريبونال (بطحاء خير الدين باشا سابقا) فنهج سيدي ابراهيم الرياحي ليصل الى زاوية الولي الصالح سيدي ابراهيم فيترجل الباي ومن معه ويدخل الجميع الزاوية ويقفون أمام الضريح الموجود بجانب القبة الفخمة لقراءة الفاتحة ترحما على روح هذا الولي الصالح. وبعد ذلك بتوجه الركب الى زاوية سيدي محرز ابن خلف وذلك مرورا ببطحاء «حوانت عاشور» فنهج المنستيري وعندما يصل الباي الىمدخل الزاوية يجد تجار سوق سيدي محرز وسكان النهج ذاته والأطفال في انتظاره وعند رؤيته ينطلق الجميع في ترديد العبارة التالية «ا& ينصر سيدنا». فيتأهب الباي للنزول من الكروسة راميا يمينا ويسارا بحفنة من النقود المعدنية المتكونة إما من فئة «الفرنك» أو «الدورو» أو «العشرة فرنك» ليلتقطها الصبية بلهفةويسلمونها الى أولياء أمورهم ليساعدوا بها أنفسهم على مجابهة مصاريف الحياة. وبعد ذلك يدخل الباي ومن معه الىالزاوية عبر «سقيفة» طويلة ويصل الى الضريح ويقرأ فاتحة الكتاب ترحما على روح الولي الصالح محرز ابن خلف وقبل مغادرته يقبل شيخ الزاوية يد الباي ويودعه على أمل اللقاء به ثانية في المولد النبوي الشريف باعتبار أن الباي لا يزور المدينة العتيقة في السنة الا مرتين فقط وذلك بمناسبة الاحتفال بختم الحديث النبوي الشريف يوم السابع والشعرين من رمضان ويوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وبعدها يخرج الباي من الزاوية متجها الى بطحاء باب سويقة قبل ان يأخذ طريق العودة إما الى المرسى أو الى حمام الأنف حسب الفصل.