بالسند المتصل الى إمام دار الهجرة عالم الأمة، وإمام السنة إمامنا مالك بن أنس الأصبحي رضي ا& تعالى عنه... الى أن قال من «موطئه» في كتاب «الاعتكاف». «أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول: إن رسول ا& ے أري أعمال الناس قبله أو ما شاء ا& من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ان لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه ا& ليلة القدر خير من ألف شهر. يقول ا& تعالى في خطاب نبيه الكريم ے «بسم ا& الرحمان الرحيم: «الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الىصراط العزيز الحميد». وإن من يتتبع الدعوة الاسلامية في جوهرها وفي ملابساتها وفي مقارناتها يتبين أنها لم تكن على الحقيقة الا دعوة جاءت لتخرج الناس أجمعين من الظلمات الى النور ولترتفع بهم من حضيض الجهالة والعمل الباطل الى بقاع المعرفة والعمل الصالح، وذلك لترشيدهم من الحجر الذي كان مضروبا عليهم، وتحريرهم من الرق الذي كان مستحكما في رقابهم. ولأجل تحقيق هذه الغاية الانسانية السامية من الرسالة التي بعث ا& تعالى بها عبده ونبيّه ووليه محمد بن عبد ا& ے ... لأجل تحقيق هذه الرسالة جاءت دعوة الاسلام دعوة عامة شاملة شمولا لا يقتصر على شمول المدعوين بها في كونها موجهة الى الناس قاطبة، ولكنه شمول يرجع الى الدعوة في ذاتها. فاذا نظرنا الى هذه الدعوة بالاعتبار الديني تبين لنا أنها دعوة جمعت العقيدة الصحيحة السالمة من أطراف الدعوات النبويّة التي مهّدت لها وتقدّمت بين يديها. وكان هذا المجمع مقترنا بتخليص جميع العقائد التي هي عقيدة واحدة أتت بها النبوءات المتعددة، ولكن الناس شابوها بضلال وبدع وتحريف، فجاءت دعوة الاسلام تجمع تلك العقيدة وتطهرها مما ألصق بها وترجعها الى أصلها الموحد الذي تستوي فيه الأديان كلّها. وبذلك تناولت الدعوة الاسلامية مواضيع الحياة الانسانية قاطبة بصورة لا تقتصر كما هو المتبادر من المفهوم الديني عند الكثيرين على أحوال العبادات ولكنها تشمل بصورة عامة كل ما تناولته الدعوات السابقة وزيادة كبيرة على ذلك من أحكام العبادات وأحكام العادات وأحكام المعاملات. وبذلك فإنه لا يمكن أن تكون دعوة من الدعوات الدينية محاولة أن تسمو فوق هذه الدعوة المحمدية الكريمة، وذلك لأنه كل ما تحاول دعوة من الدعوات الدينية أن تسمو به فوق الدعوة المحمدية... فإن الدعوة المحمدية مشتملة على ذلك، مما في الدين الذي ربّما يحاول أن يسمو عليها، وعلى غيره مما هو مأخوذ من أطراف ديانات أخرى ضمّت الى ما أخذ من ذلك الدين، وعلى زائد كثير يكمل ما هو ناقص في الدعوات السابقة ويصلح ما أفسد الناس منها ويبيّن ما أجمل بها.