لاهاي القدسالمحتلةواشنطن (وكالات) وجّهت امس محكمة العدل الدولية بلاهاي صفعة قوية لحكومة الكيان الصهيوني حين وصفت الجدار العازل بغير المشروع وطالبت بازالته ودعت تل أبيب الى تعويض الفلسطينيين المتضررين. وأثار قرار المحكمة «الاستشاري» غضبا كبيرا في تل أبيب وامتعاضا في واشنطن بينما رحب الفلسطينيون بحرارة بهذا القرار ووصفوه بالتاريخي وطالبوا بفرض عقوبات على الكيان الاسرائيلي مؤكدين أن ما صدر عن المحكمة يمثل انتصارا للحق والشرعية. ومع ان قرار المحكمة وهي هيئة قضائية قانونية لفض النزاعات تابعة للامم المتحدة، يكتسي طابعا استشاريا وليس ملزما كقرارات مجلس الامن (مع ان كثيرا من هذه القرارات بقيت حبرا على ورق)، الا انه يعزز موقف الفلسطينيين في معركتهم ضد الجدار العنصري. وأكّدت المحكمة انها تملك صلاحية اصدار رأي استشاري رافضة الطعون الصادرة بالاساس عن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الاخرى. صفعة للصهاينة وخلصت المحكمة وفق ما جاء في النص الذي تمت تلاوته خلال جلسة علنية للمحكمة في مقرها بلاهاي (هولندا) الى أن بناء الجدار الذي يتوغل لمسافات متفاوتة في عمق الضفة الغربيةالمحتلة، غير مشروع حيث انه لا يتوافق ومتطلبات القانون الدولي التي تلزم الكيان الاسرائيلي باحترامه. وعددت المحكمة مختلف اوجه الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الفلسطينيين الناجمة عن بناء الجدار ومنها اعاقة حرية التنقل بالنسبة الى الفلسطينيين في الضفة الغربية واعاقة حقهم في العمل وحقهم في الصحة والتعليم وفي ان يكون لهم مستوى معيشي مناسب. ورفضت المحكمة الذرائع الامنية الاسرائيلية مؤكدة ان هذه الذرائع لا يمكن ان تبرر انتهاك حقوق الفلسطينيين على هذه الشاكلة. وأكّد القضاة في السياق ذاته ان ما تزعم تل ابيب انه «دفاع عن النفس» لا يمكن ان يكون غطاء لاضفاء الشرعية على جدار الفصل العنصري الذي يمتد على اكثر من 700 كيلومتر من شمال الضفة الغربية الى جنوبها. وبعد ان طعنت تماما في مشروعية الجدار طالبت المحكمة سلطات الاحتلال بأن تزيل على الفور أجزاء الجدار المبنية على الاراضي المحتلة في الضفة الغربية بما في ذلك الجزء الذي بات يطوق القدسالشرقيةالمحتلة. وشدد القضاة في حكمهم على أن بناء الجدار على اراض فلسطينية محتلة يمثل انتهاكا للقانون الدولي مطالبين تل ابيب بوضع حد لانتهاكاتها لهذا القانون وازالة اقسام الجدار المبنية على اراضي ا لضفة. وطالبت المحكمة حكومة الكيان الصهيوني بتقديم تعويضات للفلسطينيين الذين صودرت اراضيهم وممتلكاتهم الاخرى وهُدمت منازلهم لاجل بناء الجدار. ووجهت المحكمة نداء الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي لانهاء الوضع غير القانوني المتولّد عن بناء الجدار العازل. انتصار فلسطيني وغضب صهيوني وسارع رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع امس الى الاشادة بقوة بقرار محكمة العدل الدولية مؤكدا ان السلطة الفلسطينية ستعمل بكل الوسائل بما في ذلك اللجوء الى الاممالمتحدة كي تتم ازالة الجدار العنصري. ووصف قريع في تصريحات ادلى بها للصحفيين من على سطح منزله في ضاحية ابو ديس (التي عزلها الجدار عن القدسالشرقيةالمحتلة) قرارالمحكمة بالتاريخي، كما نعت الجدار بجدار الحقد والعنصرية والضم والتوسع. وفي الوقت ذاته تقريبا قال نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان قرار محكمة العدل الدولية يمثل انتصارا للحقوق الفلسطينية وللشرعية الدولية. وأضاف ابو ردينة ان القرار سيقود باتجاه عزل الكيان الاسرائيلي داعيا الى فرض عقوبات دولية عليه. وبينما اكد صائب عريقات وزير شؤون المفاوضات احتمال اللجوء الى مجلس الامن، رحب الرئيس عرفات لاحقا بالقرار مؤكدا انه يمثل نصرا للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب الحرة وحركات التحرر في العالم. وفي المقابل اثار القرار استياء شديدا في الكيان الصهيوني الذي طعنت حكومته مجددا في اهلية المحكمة. وقالت تل ابيب ان القرار ليس ملزما لها وستواصل اتخاذ اجراءات للدفاع عن الاسرائيليين بما يعني الاستمرار في بناء الجدار. أما واشنطن فطعنت من جهتها في اختصاص محكمة ا لعدل الدولية ورأت ان من غير المناسب ان تنظر في موضوع الجدار حسب قول متحدث باسم البيت الابيض.