كان خطاب رئيس الدولة أمس لدى أدائه اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة مليئا بالرسائل والمضامين السياسية وغيرها، بالاضافة إلى ما جاء فيه من إجراءات وقرارات تهمّ الشروع والانطلاق في تنفيذ محاور البرنامج الخماسي «معا لرفع التحديات». «الشروق» تلقّت تفاعل عدد من الأمناء العامين لأحزاب المعارضة لأهمّ رسائل الخطاب المتّجهة لبعض الأطراف الخارجيّة الّتي تستهدفُ المساس باستقلالية القرار الداخلي التونسي والتشكيك في سلامة المكتسبات المتحققة خاصة في مجال الحريات وحقوق الإنسان والتعدّدية والديمقراطية. إعداد: خالد الحداد * منذر ثابت: ديماغوجيا جديدة لمصادرة سيادة الشعوب ولتفكيك استقلال دولها رسالة قوية بعث بها سيادة رئيس الجمهورية في خطابه اليوم إلى بعض الجهات الأجنبية المتحاملة على التجربة التعددية دونما فهم لخصوصية الظاهرة السياسية التونسية ودونما إحاطة بمكوّنات المشهد السياسي الوطني وما راكم من إصلاحات وتطوّر خلال أكثر من عقدين. الرد القوي يتناسبُ مع تعدّي بعض الأطراف لخطوط النقد النزيه وانتقالها لمرحلة التدّخل السافر في الشأن الوطني ويؤكّد طرح رئيس الجمهورية على هيئات الاتحاد المغاربي والاتحاد الإفريقي خطورة هذه الممارسات الّتي تقوم على مغالطة مفضوحة تزيّف الوقائع وتتنكّر لإرادة الشعب التونسي من ذلك أنّ بعض المنظمات غير الحكومية قد اعتبرت غياب شخص عن المشهد الانتخابي تغييب مقصود لركن من أركان الديمقراطية كذا تفهم بعض الجهات المسار الديمقراطي أنّه انتصار لأشخاص فقدوا كلّ سند شعبي بعيد كلّ البعد عن دعم المشروع الديمقراطي وعن صيانة حقوق الإنسان، وعندما تصبح المغالطة بهذا الحجم فإنّ الأمر ينتقل من خانة النقد إلى خانة التحامل المشبوه والمرفوض من نخبنا الوطنية ومن شعبنا الّذي ناضل السنين الطوال ضدّ القهر الاستعماري في أبشع أشكاله، من هذه الزاوية فإنّ الحزب الاجتماعي التحرري يؤكّد على ضرورة التحرّك عربيّا ومغاربيا وإفريقيا من أجل حل معضلة سوء النوايا في تعاطي بعض العواصمالغربية مع ملف الانتقال الديمقراطي في بلدان الجنوب، إذ يبدو أنّ فكرة القيم الكونية والتجربة السياسية المشتركة مجرّد ديماغوجيا جديدة يجدّد عبرها الفكر الاستعماري خطابه لمصادرة سيادة الشعوب ولتفكيك استقلال دولها. * محمّد بوشيحة: «الاستقواء بالأجنبي سلوك لأقلية.. ونحن منخرطون في الدفاع عن السيادة الوطنية» ما من شك في أن هذا الخطاب كان كلّه تأكيدا على شواغل المشروع السياسي منذ 7 نوفمبر 1987 الّذي بدأه الرئيس زين العابدين بن علي بعزيمة واقتدار وذلك من خلال ردّ الاعتبار للنظام الجمهوري وإرجاع السيادة للشعب وهذا ما برز كما يجب في مواعيد انتخابية متتالية كان آخرها انتخابات 25 أكتوبر الماضي حيث مارس الشعب اختياره بكامل الحرية وجرت الانتخابات في منتهى النزاهة والشفافية والوضوح وفي كنف سلوك انتخابي رشيد قلّ وجوده في أقطار عديدة من العالم الّذي ننتمي إليه ، هذا بالإضافة إلى دعم سيادته لسياسة الوفاق الوطني والتمسّك بالسيادة الوطنية بوصفها تمثل السيادة والإرادة الشعبية. وفي ما يخص الاستقواء بالخارج والمساواة بين كلّ التونسيين أمام القانون ، فما نقوله إنّ تونس كلها شعب ومختلف مكوّنات المجتمع المدني والسياسي متمسّكة بهذه السيادة وترفض التدخلات الأجنبية وكلّ مظاهر الاستقواء بالخارج وهو سلوك لأقلية قليلة . ونحن في حزب الوحدة الشعبية لا نُخفي ارتياحنا لما أبرزه سيادة الرئيس من تركيز على دور الأحزاب لتأطير المواطنين وهذا في اعتقادنا وتقديرنا أفضل سد ضدّ الأقاويل المغرضة أو مساعي النيل من نظامنا الجمهوري وضد كلّ من تستهويه نفسه الارتماء في أحضان الأطراف الأجنبية الاستعماريّة ، ونحن واعون بهذه القوى الّتي تستهدف تونس في مختلف المجالات والميادين، لذا فنحن نتمسّك بالسيادة الوطنية ومنخرطون في هذا التمسك وفي صيانة وطننا واستقلالية قرارنا الداخلي. * أحمد الاينوبلي: لا صوت يعلو على صوت الوطن إن المضامين التي جاءت في خطاب سيادة الرئيس، كلها ذات أبعاد استشرافية، ورسمت الملامح المستقبلية والتوجهات العامة و هي أيضا بمثابة «خريطة طريق» للعمل في المرحلة المقبلة .ونحن نثمنها وندعمها. أما ما يتعلق بالمسألة الوطنية وأرضيتها التي ساقها سيادة الرئيس بكل وضوح مؤكدا بكل حزم الدفاع عن استقلالية القرار الوطني ووضع المصلحة العليا لتونس فوق كل اعتبار ..لذلك فإن من حاول أويحاول من الأطراف الخارجية التدخل في الشأن الوطني فهو واهم، ومازال يعيش على وقع خطى الماضي البعيد الذي كانت فيه تونس تحت الوصاية الاستعمارية. تونس اليوم هي دولة حرة ذات سيادة وهذا ما عليهم إدراكه وفهمه. وأعتقد أن ما ورد في خطاب القسم حمل فعلا رسالة واضحة موجهة إلى كل من يهمه الأمر من الأطراف الخارجية، مضمونها أن تونس بقيادتها الوطنية و شعبها الحر الأبي لا تقبل ولن تقبل المساس بالسيادة وبالاستقلال التام لقرارها الوطني. ونحن في حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي نكبر عاليا هذا الموقف وندعمه لتعلقه بمسألة ذات أهمية كبرى ..منها المنطلق وإليها المرجع وهي المسألة الوطنية... إذ نؤكد مرّة أخرى (ونحن نجدد انحيازنا للخط الوطني) أن لا صوت يعلو على صوت الوطن، فالخط الفاصل بين كافة الأطروحات والمقاربات هو التوجه الوطني والانحياز المطلق للوطن وفاء وولاء... في مواجهة كل المرجعيات التي تحاول «أدلجة» الإلحاق بالآخر الأجنبي. * منجي الخماسي: عقليات الاستعمار والهيمنة على الشعوب في ورطة لا يسعُ المرء إلاّ الاستبشار بالمضامين الهامّة الواردة في خطاب رئيس الدولة نهار أمس والّتي تؤكّد العزم والإرادة الكبيرين في صيانة استقلالية القرار الوطني الداخلي وتمتين روح الوفاق الوطني ودعم حالة التوافق حول المشروع الإصلاحي الّذي دخلته تونس منذ سنة 1987. لقد أثبتت الوقائع الحاصلة خلال السنوات الأخيرة عودة لأفكار الاستعمار والهيمنة على الشعوب والتشكيك في مكتسباتها تحت شعارات خارجها الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان وباطنها السيطرة على مقدرات الشعوب والهيمنة على الخيارات المستقلة وإفساد الطريق أمام تجارب ناجحة في التعاطي مع مسألة التعددية والانتقال الديمقراطي. ونحن في حزب الخضر للتقدّم نتوافق تمام التوافق مع أقوال سيادة رئيس الجمهورية في هذا المجال إيمانا منّا بأنّ امتلاك ناصية الفعل والمبادرة بشكل مستقل هي المدخل الأساسي والأوّل لمراكمة النجاحات والمكاسب وإن كان ذلك مرحلة بمرحلة ، لأنّنا في تلك الحالة نحن الأعلم والأدرى بخصوصياتنا وحاجيات بلادنا وشعبنا وحقيقة الواقع الّذي نحياه. وما من شكّ فإنّ اختيار بعض الأشخاص الاستقواء بأطراف خارجية وبالإضافة إلى أنّه سلوك هجين وغريب وغير مقبول فهو يفتح الباب لأطماع أجنبية في استعادة ما تعتبرهُ أمجادا لماضيها الاستعماري البغيض، ومنذ سنوات الاستقلال كانت تعتقدُ هذه الأطراف أنّ الشعوب المستقلة حديثا غير قادرة على بناء ذاتها بعيدا عن الارتباط بالأجنبي وتنفيذ أجنداته وبرامجه، وهو ما فنّدتهُ عديد التجارب ومنها التجربة التونسية الّتي صعدت لتكون واحدة من التجارب الرائدة على درب الانتقال الديمقراطي والتعدّدي الهادئ والرصين وفي إطار تخلّص نهائي من كلّ مظاهر الحاجة إلى الأجنبي الغريب وتلقي أيّ نوع أو صنف من الدروس أو المواعظ والعبر.