كان مهرجان طبرقة الدولي من أهم المهرجانات الصيفية التونسية، بل كان قطبا ثقافيا قائما بذاته، إذ لم يكن إشعاعه يقتصر على مدينة طبرقة، أو ولاية جندوبة فحسب، بل انه كان يستقطب الجماهير من مختلف ولايات الجمهورية. استعملنا كلمة «كان» لأن هذا الصرح الثقافي تراجع كثيرا ولم يعد يلعب الدور الثقافي الذي كان يقوم به في الماضي. مهرجان طبرقة الدولي تراجع كثيرا، وفي كل سنة يسجل خطوة الى الوراء، ونظرة خاطفة على برمجة هذا العام تؤكد ما ذهبنا اليه. برمجة هذا العام لمهرجان طبرقة لا تليق بمهرجان دولي بل هي لا ترتقي حتى الى برمجة بعض المهرجانات الوطنية والصغرى. ملامح في مهرجان طبرقة لا نجد من نجوم الاغنية التونسية سوى حسين العفريت، ومن المسرح التونسي عرض «سيدي بنادم» و»المنسيات»، أما من العروض العربية فنجد إيلين خلف وشيماء سعيد. بقية البرمجة تتضمن عروضا باهتة وفرقا غير معروفة، الى جانب عروض تنشيطية للاطفال (5 عروض اساسية) وكأن مهرجان طبرقة تحوّل الى مهرجان للطفولة بالاساس. والغريب في هذه البرمجة أن احد مطربي الراي مبرمج في سهرتين وكأنه نجم كبير ونعني به الشاب خلاص. هذه تقريبا أهم ملامح مهرجان طبرقة لصيف 2004، الى جانب سهرتين تندرج ضمن التبادل الثقافي. تراجع أمام هذه الوضعية التي تردى فيها مهرجان طبرقة الدولي، نحن نتساءل عن الأسباب التي أدت الى تراجع هذه التظاهرة، فهل هي الامكانات؟ أم أزمة في التصوّرات؟ أم المنافسة التي فرضت على المهرجانات من خلال المهرجانات السياحية التي تقام بمدينة طبرقة مثل مهرجان الجاز ومهرجان الموسيقى العالمية ومهرجان الراي؟!! في اعتقادنا ان السبب الرئيسي الذي أدّى الى أفول نجم مهرجان طبرقة، هو كثافة التظاهرات التي تقام بعاصمة المرجان خلال فصل الصيف، فماذا يمكن ان يقدّم هذا المهرجان بعد تلك التخمة من العروض التي تقترحها المهرجانات السياحية على امتداد شهرين او اكثر؟ الحل، في اعتقادنا ان الحلول ليست كثيرة، فإما ان يقع الاستغناء بصفة نهاية عن هذه التظاهرة وهذا مؤسف جدا، وخسارة كبرى، وإما اعادة النظر بصفة جذرية في التصور العام للمهرجان، وإيجاد خصوصية لهذه التظاهرة التي فقدت مكانتها في المشهد الثقافي الصيفي.