قرأت خبرا جاء فيه أن الشيخ الاسترالي البالغ من العمر 81 عاما خرج كعادته ليشتري جريدته الصباحية، فانتهى به المطاف الى القيادة أكثر من 600 كيلومتر بعد أن ظل طريقه وأخذ منعطفا خاطئا على طريق رئيسية سريعة بأستراليا، واضطر السيد «إيريك ستيوارد» الى التوقف في نهاية المطاف ليسأل عن الاتجاهات بعد أن قاد سيارته ليسأل عن الاتجاهات بعد أن قاد سيارته تسع ساعات كاملة من بلدة «ياس» الريفية بولاية «فيكتوريا» جنوب البلاد. هو خبر طريف ولكنه أزعجني والسبب أن المشاهد اليومية التي تعترضني تجعلني أتساءل دوما: لماذا لا يطالع التونسي ذلك أن الكتب في المكتبات العمومية وغيرها لا تجد من ينفض غبارها، والصحيفة الواحدة يتداول على قراءتها العشرات والمجلات المعروضة يمر من أمامها المارة مر الكرام وأحيانا يتوقفون لقراءة العناوين أما في الحديقة العمومية ومحطات النقل وفي القطار والحافلة، فلا تجد من يمسك بصحيفة بل كلهم مشغولون بالثرثرة مستعملين هواتفهم الجوالة، أما في البلدان الاخرى، فبالاضافة الى الصحف الصباحية التي توزع مجانا فإن المرء يقتني جريدته اليومية ومجلته الاسبوعية المفضلة وأحد الكتب الشهرية التي تصدر بمئات العناوين، وشاهدت مؤخرا باحدى المدن الايطالية امرأة تدخل فضاء تجاريا كبيرا وتوجهت الى الجناح المخصص للصحف والمجلات قبل أن تتوجه لأجنحة الخضر والغلال فالغذاء الفكري عندها قبل الغذاء البطني. الشيخ الاسترالي قطع مسافة 600 كيلومتر لاقتناء صحيفته اليومية، أما المواطن عندنا فلا استعداد له لقطع 600 خطوة لنفس السبب ولكنه مستعد لقطع نفس المسافة التي قطعها المسن الاسترالي لمتابعة مباراة في كرة القدم أو عقد جلسة ترفيهية أو قضاء أو تمضية سهرة حتى مطلع الفجر!