هل تطور فيروس H1N1؟ وهل يمكن الاصابة به مرّتين؟ سؤال يطرح بشدة هذه الأيام خاصة مع ظهور حالات متششتة في دول عديدة مثل البرازيل والنرويج وفرنسا تشير إلى فشل فاعلية الأدوية، في مقاومة الفيروس لدى بعض الأشخاص.. وظهور الفيروس في «ثوب» آخر مغاير لدى أشخاص أدت مضاعفات الاصابة إلى وفاتهم. هل ظهرت مثل هذه الحالات في تونس؟ وهل كان تغيّر الفيروس سببا لبعض حالات الوفاة المعلنة في تونس؟.. أسئلة حاولت «الشروق» الاجابة عنها في هذا التحقيق. في شهر أوت الماضي أصيبت طبيبة الأطفال دبرا برسون وطفلها في مدينة كولورادو الأمريكية بفريوس H1N1 أو ما عرف بتسمية أنفلونزا الخنازير ثم تسمية أنفلونزا المكسيك.. وبعد شهر فقط ظهر على الاثنين علامات اصابة من جديد تأكد فيما بعد ايجابيتها أي إصابتهما مرتين بنفس الفيروس بفارق شهر بين الاصابتين. تكرر الاصابة رفضته الجهات الصحية الرسمية في البلاد.. فقال جون لاو المتحدث باسم القطاع الصحي والموارد البشرية غرب فرجينيا إن «الاصابة مرتين أمر نادر». وقال الدكتور راوول قيبتا مدير القطاع الصحي في منطقة شارلستون «ليس هناك أي اثبات علمي لمثل هذه الحالة». وبعد رفع عينة التحليل الثانية من المصابين وارسالها إلى مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها في أطلنطا تبث منتصف شهر نوفمبر ايجابيتها.. فطلب المركز عينة التحليل الأولى التي تم رفعها في شهر أوت الماضي وبعد التحليل تم الاعلان يوم 20 نوفمبر عن ثبوت ايجابية الاصابتين في مرتين متتاليتين. تغير في الفيروس أم أزمة مناعة؟ الدكتورة برسون في ردّ لها على النتيجة قالت لممثلي المركز إن الاصابة مرتين ليس معجزة فإمكاننا، حسب قولها، الاصابة مرتين بالقريب الموسمي وبالتالي لا غرابة فيما حدث. وطلبت من ممثلي المركز «أريد أن أعلم كطبيبة هل يمكن الاصابة مرتين.. حتى أوضح الأمر للمرضى؟». وكان الرد الصحي الرسمي عن اصابتهما الثانية تشكيكا في مناعتهما أو تشكيكا في تغيّر الفيروس.. لكن المصابة أكدت أنها لا تعاني وطفلها من أية اشكاليات في المناعة وبالتالي ظلّ تغيّر الفيروس الطريق الأقصر والأصح حسب رأيها لتفسير ما حدث. وتشير نشرية المرض الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة الصادرة يوم 30 نوفمبر الماضي إلى أن حالة الدكتورة برسون وطفلها في منطقة شارلستون الأمريكية حادثة غير مسبوقة.. مبرزة أن تكرر الاصابة في حال ثبوته سيعني أن كل من تعرضوا للاصابة سيكونون مرشحين للاصابة من جديد مع امكانية خطورة في المضاعفات. متابعة علمية هل يمكن الاصابة مرتين بالفيروس؟ كان هذا سؤال «الشروق» الموجه للدكتور نورالدين عاشور مدير معهد الصحة العمومية والمدير الحالي لمرصد الأمراض الجديدة والمستجدة خلال اللقاء الاعلامي المنعقد عشية الثلاثاء الماضي بمقر الوزارة... فأجاب عنه بالقول «حاليا اي حسب المعطيات الحالية لا يمكن الاصابة مرتين». نقاطعه بسؤال آخر «الى جانب توفير اللقاح ومتابعة علاج المصابين هل تتابع الوزارة علميا مدى تطور الفيروس؟.. «ما يجب تأكيده، على حد قوله، هو ان التغيرات التي ظهرت على الفيروس ليس لها اي تأثير على فاعلية الادوية او اللقاح ما يعني انها ليست تغيرات خطيرة. ويضيف «أكيد هناك متابعة علمية للفيروس بإشراف مخبر التحاليل الجرثومية بمستشفى شارل نيكول». خطأ بشري في مخبر التحاليل الجرثومية أعادت «الشروق» السؤال عن امكانية تكرر الاصابة انطلاقا من حادثة اصابة الدكتورة دبرا برسون... فردّ الدكتور أمين سليم بالقول «هناك خطأ ما حدث في تحليل عينة الاصابة التي تم رفعها من المصابين أنا أقتنع بذلك». ويضيف «لا يمكن القول إن المصابين لهما اشكالية في مناعتيهما لأنهما شفيا تماما من الاصابة كما لا يمكن القول انهما تعر ّضا لاصابة ثانية لأن جهاز المناعة في جسميهما أصبح يعرف الفيروس وبالتالي يسهل افراز مضاد له والقضاء عليه كعملية دفاع داخلية في الجسم». ويؤكد الدكتور أمين سليم مدير مخبر التحاليل الجرثومية أن خطأ ما في تغيير العينة ربما أدى الى ثبوت ايجابية تحليل العينة الثانية التي تم رفعها من المصابين. كما قال ل«الشروق» إن الفيروس أبدى بعض التغيرات الصغيرة التي تختلف من شخص الى آخر وذلك حسب الحالات المعلنة في النرويج وفرنسا والبرازيل وهي تغيرات متشتتة وليست جديدة. وأوضح أن بعض المصابين في تونس أبدى الفيروس مقاومة للأدوية التي تناولوها وقدتم رفع عينات من تلك الاصابات وعينات أخرى من الاصابات التي أدت الى وفاة البعض لارسالها الى المنظمة العالمية للصحة. نقائص هل ثبت تغيّر الفيروس من خلال التحاليل المخبرية؟ عن هذا السؤال رد الدكتور أمين سليم بالقول «الحالات التي تم اعلانها كفيروس متغير في العالم لم تصدر عن دول فقيرة بل هي صادرة عن دول لها امكانيات تقنية وعلمية لإثبات تغيّر الفيروس من عدمه. وفي تونس لا نخفي عدم توفر الامكانيات التقنية اللازمة والفريق العلمي المختص والاعتمادات المادية اللازمة للقيام بهذا الدور... لذلك سنجري تحليل مدى تغير ما تم رفعه من المصابين في احدى مخابر المنظمة... بعد انتهاء موسم الاصابات. أسماء سحبون أستاذة مبرزة في علم المناعة ل «الشروق»: تأثير الفيروس على الخلايا ربّما يكرّر الاصابة تونس (الشروق) قالت الدكتورة رفيقة باردي الأستاذة المبرزة في علم المناعة بمخبر المناعة بمستشفى شارل نيكول ل«الشروق» ان الأرضية الجينية تختلف بين الأفراد.. وبالتالي هناك أشخاص لهم جهاز مناعة قوي وهناك آخرون لهم أقل مناعة. وتشير الى أن الجسم يتعلم الدفاع عن النفس ضد كل الجراثيم.. ويقاوم كل دخيل يختبئ في الخلايا مثل فيروسات القريب.. موضحة أن اندساس الفيروس وسط الخليّة يتسبب في تغيّرها وبالتالي ربما تكرّر الاصابة. كما تقول ان جهاز المناعة في حال عرف الدخيل يفرز مضادا له يتم تخزينه في ما بعد في الذاكرة المناعية. وذكرت أيضا أن الرأي العلمي للمختصين ما يزال مختلفا حول فاعلية أدوية تقوية المناعة من عدمها.