من خلال فترة السنوات الماضية أن أحد عمالقة الجيل في الزمن الذهبي للمسرح التونسي عبد القادر مقداد أو «حمه» كما يحلو لكم تسميته كان ولا يزال بارعا ومتخطيا كل منافسيه بوعيه وتميزه بأدواره صحبة فرقته المتكونة من عناصر يفتخر بها المسرح التونسي وعشّاقه. إن تساءل بعضهم سبب غياب هذا الرجل المسرحي عن إنتاجه وظهوره تلفزيا حسب رأيي لأنه لا يركض وراء الشهرة بلهفة بل عاش يعمل طيلة مشواره الفني لأجل مساهمة تطور الأعمال المسرحية وبروزها إلى دائرة الضوء وكان دائما حريصا على بناء الثقة بينه وبين عشاق أعماله ومع الحفاظ على مبادئه وسمعته الفنية التي بناها بعرق جبينه وليست عن طريق جلسات الصالونات وتخطيط الحسابات، عبد القادر مقداد صاحب إرادة فولاذية ومقدرته تضاهي كبار المسرحيين بالعالم العربي كما تضاهي دبابة حربية لا يتوقف هجومها وقت الحاجة مع ذلك هذا الرجل قد أحيل إلى قائمة الغرباء فنيا وتناساه الجمهور نسبيا وكلما سمعنا بجديده إلا ويتجند أولاد الحلال لوضع المسامير الحادة في طريقه، لكن «حمّة» لا يبالي بالمكايد ولا بالذي يكدح أو يمدح لأنه ستار حديدي يصعب تفكيكه. المسرح في حاجة إلى عمالقة فن ومسرحنا لا يختلف عن المسارح العربية الأخرى لو قدمنا الجديد الجيد لأن مسرحنا مدرسة بداخلها رجال تخرّج منها سابقا أصحاب السواعد المفتولة التي لن ينساها التاريخ بالمرة وعبد القادر مقداد أحد هؤلاء نضجا وحنكة ومقدرة حين يقف على خشبة المسرح دائما يبرهن لكل عشاق أعماله أنه لم يقع في فخ الإحباط مطلقا ولديه المزيد من العطاء رغم البراكين الملتهبة في صدور ممن يقفون حجر عثرة لكل فرد يطمح إلى التفوق.