أغنى اشتهار اسمه عن إيضاح وشمه كنز البركات وكهف العنايات و«حلاّل» الأزمات. قال عنه أحد معاصريه. هو أبو عبدالله محمد بن عمران بوراوي «الفحل» من مواليد مدينة «سوس» بالمغرب الأقصى سنة 871 هجريا (1463 ميلاديا) ومن مقيمي معتمدية القلعة الصغرى (ولاية سوسة) ومنها انتقل إلى جوهرة الساحل سوسة حتى وفاته ودفن في مقامه المعروف الآن سيدي بوراوي (المدينة العتيقة بسوسة). ليلة ممطرة سُمّي «أبو عبدالراوي» أبو بوراوي مثلما هو معروف عندنا الآن لأنه ولد في ليلة ممطرة بعد سنوات عجاف (سنوات جفاف). كان والده من أتباع «سيدي أحمد بن عروس» (تونس العاصمة) وأخذ عنه طريقته وكان هذا الأخير يقول عنه لمريديه عليكم بأبي راوي فوالله لم يوجد مثله في هذا الزمان وهو أجل من أخذ عنّا الطريقة. أنكر علماء تونس العاصمة على سيدي بوراوي سلوكه وعادوه لمواقف صدرت عنه ففر إلى سوسة وتزوج فيها واشتهر بالمدينة لتقواه وصلاحه وورعه وفعل الخيرات. كان عابدا ملازما الخلوة والتجهد وكان الناس يقصدونه من كل جانب فيكرمهم ومن أوصافه انه كان يتصدق بما يحصل عليه وتذكر إحدى الدراسات انه حتى وفاته كان يرفض غلق باب مقامه ليلا نهارا أمام المحتاجين. تحابب وبركة عُرف عن سيدي بوراوي أنه لا يأكل إلا من صنع يده كما كان يعرف جميع الصنائع ولا يسمع شيئا إلا يحفظه وكان لا يفتر عن الذكر كما كان يحل المسائل لمن أشكلت عليه ويتكلم على معاني القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وتروى عنه كرامات كثيرة ويداوي أهل الأسقام (الأمراض عفانا وعفاكم الله) كما كان يعظم العلماء وقد عرف بالصدق والسخاء لقبوه بكنز البركات وكهف العنايات والمعد لمعظم الأزمات. وفي دراسة له نشرت بمجلة منارة الساحل تحت عنوان سوسة مدينة الحبيب وملجإ الغريب يذكر رجل المسرح المرحوم محمد الزرقاطي أن سكان سوسة كانوا يقولون «سيدي بوراوي يضوي على البراني» وأصبح هذا القول شعارا للتحابب وصلة الرحم بين أبناء جوهرة الساحل. والمراد بهذه المقولة أن سيدي بوراوي يزكّي ويبارك قدوم من ينزل بجواره ويضيء له سبل العشرة والخير بوصفه «مولى البلاد» (Saint Patrondela ville) و«مولى البلاد» عندنا هو الولي الصالح الذي اشتهرت به المدينة واشتهر بها ويعتقد الناس أنه يرعاها بفضل بركته وتقرّبه من الله تعالى أمثال سيدي بن عروس في العاصمة وسيدي المازري بالمنستير وسيدي المصطاري في بنزرت وسيدي بولبابة في قابس وسيدي بوتفاحة بباجة.. إلخ. توفي أبو عبدالله محمد بن عمران بوراوي عن عمر يناهز الستين خلال شهر رجب عام 931 هجريا (1525 ميلاديا).