التجاذب الإعلامي المثير المتواصل هذا الأسبوع بين حمدي المدب وكمال بن عمر على خلفية التصريحات التي أدلى بها رئيس الجامعة على مساحات «ستاد7» في ذلك الحوار «التجميلي» في وقت «مستراب» حول «تمديد» عقد البنزرتي بعد «دعوته» لرئيس الترجي (التي اتضح أنه لن يلبيها ولو بقيت الأمور إلى سنة 2020) لا يعكس إلا حالة التهالك الحاد الذي تعيشه الجامعة ولن تخرج منه بمثل هذه «الشطحات» السخيفة من مكتب جامعي خائر يدعي أنه لا تزال له سلطة وقرار واستقلالية في إدارة شؤون الرياضة... وإذ تداولت مسألة استقلالية المكتب الجامعي وقدرته عن المسك بزمام الأمور طوال الأسابيع الأخيرة بالتوازي مع عجزه المستمر عن حل المسائل المطروحة عليه فبالنظر إلى الطروحات المنادية بتدخل وزارة الإشراف عبر آلية الفصل (21) من القانون المتعلق بالهياكل الرياضية لوضع حد للانخساف العميق لنظامنا الكروي في مقابل ما تفرضه السلط الرياضية الدولية من استقلالية تامة للجامعات في إدارة شؤونها. بين الوهم والخداع والحقيقة أن مبدأ استقلالية السلط الرياضية عن السلط السياسية أو ما يسمى في صيغة أخرى بفصل السلط الرياضية والسياسية برغم كل ما نراه من أمر واقع تفرضه «الفيفا» في نهاية المطاف وتعلن الحكومات عن القبول به أو الرضوخ له ليس في الأصل سوى وهم تفنده العلاقة العضوية القائمة بين طرفي المعادلة اللذين يتقاسمان المصالح والنفوذ ويتدخلان بالتداول كل من جانبه في المناطق «السيادية» للطرف الآخر. تواترت هذه الأيام داخل مشهدنا الرياضي المشوه فلا يمكن أن تحجب الحقائق الدامغة التي تزهق أمامها كل الأصوات الناشزة وكان لزاما كشفها حتى لا يستمر الخداع.. فالمكتب الذي يدعي الاستقلالية وربما قد «يتمترس» وراءها للدفاع عن وجوده الأجوف لم يتمكن من صيانتها يوما وهو بالأساس من فرط فيها لفائدة وزارة الإشراف ثم إن الاستقلالية لا تمنع بأي حال في نظامنا القانوني تدخل الوزارة في حالات التقصير أو الإخلال الثابت لوضع حد لوضعية الانحراف بالسلطة عن مسارها وغاياتها وهو أمر كرسته الجامعة ذاتها في قانونها الأساسي وصادقت عليه الجامعة الدولية... تنازل الجامعة عن الاستقلالية واقعا استقلالية الجامعات الرياضية في كرة القدم كرسه الفصل (17) الشهير للقانون الأساسي ل«الفيفا» الذي لا يقبل ولو بصفة مؤقتة إلا بالهيئات المنتخبة من الجمعيات الأعضاء وهو مجعول في أساسه لحماية «سلامة المنافسات» وكان بالمقابل المكتب الجامعي أول المفرطين فيه من خلال قرارات خاطئة اتخذها أو من خلال حالة العجز التي يعيشها باستمرار.. وهل يمكن لبن عمر وأعضاده أن ينكروا تدخل الوزارة في «أزمة شمام» الأخيرة وتنفيذ قرار «الكناس» المتعلق بالرزنامة الموسم الفارط وأن الوزير هو من خلصنا من كويلهو الفاشل بامتياز وهو من تعهد بإصلاح وتطوير كرة القدم وإعادة هيكلة الإدارة الفنية وتطوير أساليب الإدارة والتسيير.. وهل يمكن لهم أيضا أن يوهمونا بأن الوزير ليس من تفاوض مع المدب ل «التنازل» عن مدرب فريقه لفائدة الفريق الوطني لمدة شهرين.. أليس هذا تدخلا مباشرا جليا بعد حالة العجز المطبق المسجلة.. وهل يمكن للوزير ان لا يتدخل في هذه المآزق الحادة وهو المسؤول الأول في النهاية عن الرياضة في تونس..أنا بالمقابل أتساءل اين «الفيفا» لماذا لم تتدخل حينها وتوقف القرارات وهي من عرضت على موقعها الالكتروني قرار وزير الرياضة ولماذا لم تطبق الفصل 13 فقرة 3 من قانونها الأساسي الذي يعاقب الجامعة التي تقبل بتدخل في شؤونها ولو كان التدخل خارجا عن إرادتها..؟ تكريس الجامعة و«الفيفا» قانونا للفصل (21) استقلالية الجامعات الوطنية التي أصبحت «غولا» لا نفهم لماذا لم تكرسها جامعتنا في نظامها القانوني، ف «الفيفا» كما المكتب الجامعي صادقا صراحة على الفصل (21) الذي يجيز للوزير التدخل في حالات محددة، المكتب الجامعي ملزم بما نصّ عليه الفصل الأول من القانون الأساسي للجامعة الذي يوجب تطبيق كل المقتضيات القانونية للقانون عدد 11 لسنة 1995 المتعلق بالهياكل الرياضية ومن ضمنها الفصل (21) الذي هو بالتأكيد من بين فصول هذا القانون. أما «الفيفا» فبمراسلاتها المتعددة صادقت دون لبس على القانون الأساسي للجامعة وصرّحت ضمنها بجلاء كبير بأنه غير مخالف للوائحها وهي بذلك ملزمة بالفصل (21). سياقة القانون الوطني وإذ نسوق هذه التفاصيل على أهميتها في هذا الظرف الدقيق من مسار كرتا المقهورة حتى نجد المخرج المناسب فإننا نتساءل بكل وضوح عن قيمة المقتضيات القانونية النافذة ان لم يقع انقاذها في الواقع حين تتوفّر شروطها وإذا كان تطبيق الفصل (21) غير ممكن فما على أهل القرار إلا وضعه في الخانة الخاصة بالنصائح والتوصيات وليس في خانة القوانين العاكسة لسيادة الدولة.. () باحث في القانون والتصرف الرياضي