قضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس مؤخرا بإدانة كهل في الخمسين من العمر وسجنه مدة عام واحد من أجل تهمة التحيّل، لادّعائه التنجيم والعرافة وتحقيق منافع مادية من المتضررة التي وعدها بحل مشاكل ابنتها. وقد تعمّد المتهم، وهو من سكان احد احياء غربي العاصمة، ترويج معلومات مفادها قدرته على علاج العديد من الامراض وفكّ طلاسم الامور وقد انتشر الخبر بين بعض متساكني الحي ومن بينهم المتضررة في هذه القضية. وتفيد المعطيات المضمنة بالملفات ان للمتضررة بنتا جاوز عمرها سن الزواج دون ان تجد العريس المناسب، الامر الذي ازعج والدتها، فقررت اللجوء الى جارها العراف لعل العلاج يكون على يده. توجهت الأم الى العراف وروت له مشكلتها ثم طلبت منه مساعدتها على تزويج ابنتها «ببركاته»، فردّ مخاطبها بالايجاب ووعدها بحل مشكلها واعتبره امرا يسيرا يمكن تجاوزه في مدة وجيزة شريطة ان تمدّه ببعض ملابس البنت وبمبلغ مالي هام لقاء أتعابه «الروحانية». اطمأنت المتضررة لوعود العراف وكلامه الذي لا يدعو لغير التفاؤل والامل، فتوجهت مسرعة الى منزلها وأخذت قطعة من ملابس ابنتها التي أزعجتها العنوسة ومبلغا ماليا ثم رجعت الى «منقذها» وقدمت له ما طلب، لكنه ابلغها ان المال الذي اعطته اياه لا يفي بالحاجة ولا يعوّض اتعابه، وأنه لن يقبل بأقل من 3 آلاف دينار واتفقا على أن تزوّده بالمبلغ على أقساط وتمّ الاتفاق وحصل العراف على ما أراد. بعد مرور فترة من الزمن، تزينت فيها البنت وأمها بشتى أصناف الحلي والمواد واللباس والعطور... الا ان العريس لم يطرق باب المنزل بعد وكان الظن سائدا بأن «فارس الأحلام» آت لا محالة وان المسألة مسألة وقت لا غير، فالرجل المبارك صاحب الكلام الصحيح الدقيق وعد وبشّر بأن الزوج في الطريق. طال انتظار المرأتين ولم يبق امامهما غير الرجوع الى العراف من جديد وكانتا تترددان عليه من حين الى آخر فيما كان الرجل يمنّي نفسيهما بالفرج والخلاص حتى بلغ الامر منتهاه. انقطعت السبل امام المتضررة ولم تقدر على ارجاع مالها ولا تزويج ابنتها، فتوجهت الى مركز الشرطة واخبرت بما جرى لها طالبة تتبع «العراف» عدليا من اجل التحيل وبعد ان تم ابلاغ ممثل النيابة العمومية الذي اذن بفتح محضر تحقيقي، دُعي المدّعَى عليه الى مركز الامن، فلم ينكر حصوله على المال ولا وعده بتزويج ابنة المتضررة بل تمسك بأن ساعة فرجها قريبة وانه جادّ في ما قام به، فتمت احالته بعد التحرير عليه، على النيابة العمومية التي أصدرت ضدّه بطاقة ايداع بالسجن وقررت احالته على الدائرة الجناحية بابتدائية تونس لمقاضاته من أجل ما نسب اليه، ومثل خلال الايام القليلة الماضية أمام هيئة المحكمة وتمسّك «بقدراته الخارقة» وقال للقاضي انه فعلا قادر على معالجة العديد من الامراض وحل العديد من المشاكل ورفض اتهامه بالتحيل، الا أن المحكمة رأت بعد المفاوضة القانونية التصريح بإدانته والقضاء بسجنه مدة عام واحد.